الإثنين 29 ابريل 2024

رسائل مصرية

مقالات10-11-2021 | 22:01

رسائل كثيرة أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال استقباله رئيسة تنزانيا السيدة سامية حسن، سواء فيما يتعلق بالعلاقات مع الأشقاء الأفارقة أو «سد جوليوس نيريرى» الذى تنفذه مصر كرمز للصداقة والتعاون.. ونموذج للتعاون فى نفس الوقت يجسِّد ثوابت مصر تجاه قضية سد النهضة، وتأكيدها على أهمية التوصل لاتفاق قانونى ملزم حول الملء والتشغيل استناداً للقانون الدولى ومخرجات مجلس الأمن، بعيداً عن أى نهج أحادى يسعى إلى فرض الأمر الواقع.

«السياسات الأحادية».. ومحاولات فرض الأمر الواقع هى السبب الرئيسى فى أزمات وصراعات المنطقة.. وعدم الاستقرار والسلام.. وإن مصر أصبحت القدوة، والنموذج الذى يسعى إلى ترسيخ التعاون والصداقة والشراكة بين الدول، فهى صاحبة الرؤية لجعل نهر النيل مصدراً للتعاون والتنمية لجميع شعوب حوض النيل.

 

ما بين سد جوليوس نيريرى..وسد النهضة فارق كبير فى الأهداف والسياسات والمصير أيضًا.. الرؤية المصرية الخير والبناء للجميع.

 

لم تكن السنوات السبع الماضية من عمر مصر مجرد سنوات عادية.. بل مصيرية وفارقة فى عمر هذا الوطن.. فمن يرى مصر فى الفترة الحالية يتأكد أنها أصبحت قبلة العالم لحل الأزمات والصراعات والقضايا العالقة منذ عقود طويلة.. ليس هذا فحسب، بل يرى الكثيرون أن مصر أصبحت أيضاً قبلة المتطلعين إلى البناء والتنمية والأمن والاستقرار.. وكيف لا وهى صاحبة التجربة الملهمة التى أبهرت هذا العالم.. وخاطبت أحلام وطموحات وتطلعات دول تبحث عن الرخاء وتتحسس المستقبل.. وتنشد الأمن والسلام والاستقرار.

بالأمس كانت مصر على موعد مع زيارة رئيسة تنزانيا سامية حسن، سبقتها مئات الزيارات من كافة أطياف وزعماء ورؤساء وملوك وكبار المسئولين فى العالم.. وأرى فى ذلك كما قلت أن مصر أصبحت أيضاً مصدر الثقة والتعويل عليها فى قيادة المنطقة بحكمة وشرف.. وكذلك فإن القاهرة أصبحت العنوان الرئيسى والنموذج المثالى للعلاقات الدولية التى تقوم على الاحترام المتبادل بين الدول، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية لها.. وكذلك تعزيز سُبُل التعاون والشراكة مع الدول لتحقيق تطلعات الشعوب فى العيش الكريم، وتبادل المصالح والاستفادة من الثروات والموارد وتبادل الخبرات والاستفادة من تجارب الدول.

لعل ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع رئيسة تنزانيا، يجسد الرؤية المصرية لجعل نهر النيل مصدراً للتعاون والتنمية كشريان حياة لجميع شعوب دول حوض النيل.. هذه الرؤية المصرية الصادقة تفرز الأمن والاستقرار والسلام والرخاء لكافة الدول والشعوب.

مصر تبحث عن حلول حقيقية لكل أزمات وصراعات المنطقة التى تسببت فى حالة من عدم الاستقرار والفوضي، وأصبحت ذريعة ومنفذا للإرهاب الأسود الذى نال كثيراً من بقاء وأمن واستقرار الدولة الوطنية فى بعض دول المنطقة.

الحقيقة أيضاً أن مصر بفضل حكمة قيادتها السياسية تبوأت مكانتها الإقليمية والعربية والأفريقية بجدارة وصدق وثقة.. ولعل ما تقدمه مصر للأشقاء الأفارقة من دعم حقيقى وإعطاء قضاياهم الأهمية والاهتمام والمساعدة الدائمة فى وضع الأشقاء على طريق الأمن والاستقرار والبناء.. ولعل هذا هو ما لمسه الأشقاء الأفارقة من صدق للنوايا والسياسات المصرية.. وما جسده من تقارب أعاد للقاهرة مكانتها الأفريقية.

بالأمس استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى السيدة سامية حسن، رئيسة تنزانيا التى أكدت تقدير بلادها الكبير للعلاقات التاريخية الممتدة والمتميزة مع مصر، والحرص على تطوير هذه العلاقات فى مختلف المجالات لاسيما التعاون التجارى والاقتصادي.

الأمر الذى يؤكد اهتمام الجميع بالتجربة المصرية الملهمة فى البناء والتنمية هو ما صرحت به رئيسة تنزانيا عن اهتمام بلادها بتعظيم الدعم الفنى المصرى للكوادر التنزانية فى مجال بناء القدرات والحصول على دعم الشركات المصرية فى مجال البنية التحتية فى ضوء الخطة التنموية التى تسعى تنزانيا لتنفيذها وعلى رأسها «سد جوليوس نيريري» الذى يمثل نموذجاً يعكس عمق العلاقات المتميزة والصداقة بين مصر وتنزانيا، وهو يعد من أكبر المشروعات القومية فى تنزانيا.

أتوقف هنا عند أمرين مهمين، أولهما: الرغبة القوية لدى الجانب التنزانى فى الاستعانة بالخبرات والكوادر والشركات المصرية فى مجال مشروعات البنية التحتية والتى أصبحت مصر تمتلك فيها خبرات هائلة تسعى الدول الشقيقة للاستعانة بها، خاصة فى ظل النجاح المصرى الكبير فى مجال البنية التحتية العصرية التى نفذت فى زمن قياسى وبأعلى درجات الجودة والمعايير والمواصفات العالمية.

الأمر الثانى أن «سد جوليوس نيريري» يعد نموذجاً وواقعاً مطابقاً للرؤية المصرية للتعاون والصداقة والعمل المشترك بين الأشقاء الأفارقة وتحقيق تطلعاتهم والحفاظ على مصالح الجميع.. والعكس.. نموذج «سد النهضة» الأثيوبى الذى يشهد تعنتاً ومحاولة لفرض سياسة الأمر الواقع من خلال نهج أحادي، يهدد الأمن والسلم الإقليميين.. ويسعى للإضرار بالأمن المائى المصرى فى ظل حالة غريبة وشاذة من التعنت غير المبرر وعدم تطبيق قواعد القانون الدولي.

الرئيس السيسى خلال المؤتمر الصحفى جدد التأكيد على الرؤية والثوابت المصرية تجاه سد النهضة الأثيوبى حيث أكد أن قضية السد وجودية ومصيرية تؤثر على حياة ملايين المصريين مشدداً على ضرورة التوصل إلى اتفاق قانونى ملزم ينظم عملية ملء وتشغيل «سد النهضة» الدولى ومخرجات مجلس الأمن.

لكننى أتوقف عند نقطة ومحور ومبدأ مهم فى السياسة المصرية، حيث جدد الرئيس السيسى بالأمس التأكيد عليه.. هو النهج الأحادى والسعى إلى فرض الأمر الواقع وتجاهل الحقوق الأساسية للشعوب والحقيقة أن النهج الأحادى ومحاولات فرض الأمر الواقع هو سبب بلاء هذه المنطقة وصراعاتها وأزماتها وتوترها.. فهناك دول تعد على أصابع اليد فى المنطقة ضالعة فى التورط فى النهج الأحادى ومحاولة فرض الأمر الواقع، وهو ما ترفضه مصر وتحذر من عواقبه وخطورته.. وهو السبب الرئيسى للمشاكل التى تعيشها المنطقة.. وحذرت مصر منه فى محاولة فرض الأمر الواقع فى ليبيا من قبل قوى إقليمية ومن خلال التدخل فى الشأن الليبى ووجود قوات أجنبية ومرتزقة وهو ما يتطلب خروجها لاستعادة أمن واستقرار ليبيا.. كذلك القرارات الأحادية وفرض الأمر الواقع فى شرق المتوسط وسوريا وغيرها من مناطق التوتر بسبب هذه السياسات التوترية التى تحذر منها مصر وتتصدى لها من خلال الآليات والمحافل الدولية وتدعو إلى احترام القانون الدولى والقرارات الأممية والدولية.. واحترام خصوصية سيادة الدول وعدم انتهاك أراضيها أو التدخل فى شئونها.

الحقيقة أيضاً أننا أمام حالة من الإقبال الدولى على مصر فى القلب منها إقبال الأشقاء العرب والأفارقة، وهذا يجسد رغبة صادقة وإرادة مصرية صلبة لقيادة المنطقة العربية والقارة الأفريقية إلى التعاون والشراكة والأمن والاستقرار والسلام.. والبناء والتنمية لتحقيق تطلعات الشعوب بدلاً من الصراعات والتوترات التى لا تسفر إلا عن ضياع وإهدار الوقت واستنزاف الموارد والثروات التى هى من حق الشعوب فى تحقيق رفاهيتهم وتخفيف معاناتهم.

والمجتمع الدولى يؤمن تماماً بقيمة المبادئ والسياسات والثوابت المصرية.. وأصبحت تتكرر على ألسنة الجميع، فهى طوق النجاة لإنقاذ عالم متصارع ومتوتر يأكل فيه القوى الضعيف.. فمصر القوة والقدرة والقدوة أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أنها دولة لا تعتدى ولا تطمع فى أحد، وتحترم إرادة وقرار الدول وشعوبها، وتعمل على تعظيم الدولة الوطنية ومنع التدخلات الأجنبية غير المشروعة.

الرئيس السيسى خلال استقباله أمس رئيسة تنزانيا جسَّد السياسات والأهداف المصرية تجاه الأشقاء الأفارقة من خلال التوافق على تدشين مرحلة جديدة من علاقة الشراكة التى تجمع البلدين، وتعزيز التعاون فى المجالات الاقتصادية والتنموية.. وكذلك تأكيد الرئيس عبدالفتاح السيسى على دعم مصر للخطط التنموية التنزانية من أجل تحقيق التقدم والتنمية للأشقاء ونقل الخبرات المصرية وتوفير الدعم الفنى وتعزيز بناء قدرات الكوادر الوطنية فى تنزانيا، وتوفير الدورات التدريبية التى تقدمها عدة جهات مصرية فى مقدمتها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية.

وتجسيداً لنموذج العلاقات الدولية المصرية.. أكد الرئيس السيسى على الاستغلال الأمثل لقدرات البلدين لخدمة مصالحهما، وزيادة الاستثمارات المصرية فى تنزانيا وسبل تيسير عمل الشركات المصرية الساعية إلى التواجد فى السوق التنزانية.

مصر تضرب المثل والنموذج والقدوة وتقول وتفعل.. فهى مَن تنادى دائماً بأن يكون نهر النيل مصدراً للتعاون والتنمية للجميع.. يؤكد الرئيس عبدالفتاح السيسى الدعم المصرى الكامل لتنفيذ «سد جوليوس نيريري» لضمان تحقيق أفضل مستويات الأداء والمعايير الإنشائية، بحيث يصبح السد نموذجاً رائداً ورمزاً للتعاون والصداقة بين مصر وتنزانيا وكافة الدول الأفريقية الشقيقة، ويمثل هذا المشروع نموذجاً للدعم المصرى لحقوق ودول حوض النيل فى تحقيق الاستغلال الأمثل لمواردها المائية بما لا يؤثر سلباً على حقوق ومقدرات الدول الأخري.. والرسالة هنا واضحة للجميع.. والمقارنة كبيرة بين السماء والأرض بين.. الأهداف التى تكمن خلف «سد النهضة» من الجانب الأثيوبي.. وما بين أهداف نبيلة وصادقة من «سد جوليوس نيريري».

حقاً سيادة الرئيس السيسي.. مصر تتعامل بشرف فى زمن عزَّ فيه الشرف.. تريد وتسعى للخير لجميع الأشقاء وتأخذ بأيديهم إلى التنمية والرخاء والأمن والاستقرار.. وشعارها «تعاونوا على الخير والبناء والتنمية وتحقيق تطلعات الشعوب.. ولا تتعنتوا وتنتهجوا السياسات الأحادية، ولا تحاولوا فرض الأمر الواقع، فتفشلوا وتخسروا وتتفككوا وتخيب أهدافكم، وتذهبوا إلى حيث مصيركم المحتوم».

منتهى الغباء من يعاند أو يعادى أو يتعنت مع «مصرــ السيسي».. أو يتجاوز خطوطها الحمراء أو يطمع فى ثرواتها وحقوقها أو يهدد أمنها القومي، وعلى الجميع أن يعى الدرس لهؤلاء المتعنتين والمتغطرسين، والطامعين والمهددين.. لقد خارت قواهم وأصبحوا نسياً منسياً.. وجزءاً من الماضي.. فيا أيها المصرى العظيم.. لا يليق بك أن تقلق على بلد يقوده الرئيس عبدالفتاح السيسي، رمز الشرف والوطنية والإخلاص.. القائد الحكيم الملهم، صاحب الإنجاز والإنقاذ ـ ومؤسس الجمهورية الجديدة ـ ..ويصطف خلفه شعب عظيم.

 

تحيا مصر

Dr.Randa
Dr.Radwa