من الأمور المهمة التي يجب مراعاتها وفهمها عند التعامل مع بعضنا البعض، هي المحبة وحسن الخلق وعدم التفاخر أو التكبر، وإدراك أن الجميع سواسية ولا فرق بين إنسان أو آخر إلا بالتقوى، وفي هذا الصدد، تقدم بوابة "دار الهلال"، معنى آية إنا جعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا وسبب نزولها كالآتي:

سبب نزول آية إنا جعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا

هناك قولان في سبب نزول هذه الآية الكريمة هما:

ـ القول الأول: أمر النبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- بني بياضةَ أن يزوِّجوا أبا هندٍ امرأةً منهم، فقالوا: يا رسولَ اللهِ نزوِّجُ بناتِنا موالينا؟ فأنزل اللهُ تعالى: (إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ)، أي إنّ بني بياضة استنكروا أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- كيف يزوّجوا بناتهم من الموالي والعبيد، فنزلت هذه الآية لنبذ هذا التعصب، ونفي الفروقات إلا بالتقوى.

ـ القول الثاني: قيل إن سبب نزول هذه الآية هو أنّ بلال بن رباح صعد على ظهر الكعبة يوم فتح مكّة ليؤذّن في النّاس، فسخر منه الناس يومئذٍ ومن لونه الأسود، فنزلت هذه الآية الكريمة لإنكار هذا الفعل عليهم.

تفسير آية وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا

ـ ذهب الإمام المفسّر فخر الدين الرّازي في تفسير هذه الآية: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)، إلى عدة آفاقٍ منها:

 الوجه الأول: جعلناكم شعوباً كالأعاجم لا يُعرف من يجمعهم، وجعلناكم أيضاً قبائل لكم أصلٌ معلومٌ يجمعكم، مثل: العرب وبني إسرائيل.

 الوجه الثاني: جعلناكم شعوباً منبثقةً عن القبائل؛ فتحت القبيلة شعوباً ممتدّةً منها، ومن الشعوب بطون مختلفة، ومن البطون أفخاذ متعدّدة، ومن الأفخاذ فصائل يخرجُ منها الأقارب.

جاء ذكرالأعم في الآية الكريمة حتى لا يُفهم منها قصد الافتخار في الأنساب؛ فالأعمّ مشتملٌ على الفقير والغني، والضعيف والقوي، فمقصود الآية التعارف لا التفاخر.

ـ تحمل الآية الكريمة عدّة معانٍ تؤكّد عدم جواز الافتخار في موضع الأصل فيه التّعارف والتّآلف؛ ففي قول الله سبحانه: (إِنَّا خَلَقْناكُمْ) و (وَجَعَلْناكُمْ) إشارة إلى أنّ الافتخار لا يكون بما لا كسب للإنسان فيه، ولا سعي له في تحصيله؛ فالخالق والجاعل هو الله عزّ وجلّ، وأنّ ميدان الافتخار الحقيقي في بمعرفة الله تعالى.

اقرأ أيضا:

شروط وكيفية المسح على الجوارب

تجلب الرزق.. أذكار بعد الصلاة