الثلاثاء 21 مايو 2024

المشير‭ ‬طنطاوى‭ ... ‬وداعاً


أشرف عقل

مقالات21-11-2021 | 14:11

أشرف عقل

ودعت‭ ‬مصر‭ ‬يوم‭ ‬الثلاثاء‭ ‬21‭ ‬سبتمبر‭ ‬2021‭ ‬م‭ ‬أحد‭ ‬أبنائها‭ ‬البررة‭ ‬الذين‭ ‬نبتوا‭ ‬وترعرعوا‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬الطيبة‭ ‬التى‭ ‬نشأت‭ ‬فيها‭ ‬حضارة‭ ‬من‭ ‬أقدم‭ ‬حضارات‭ ‬العالم‭, ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬شواهدها‭ ‬شامخة‭ ‬تدل‭ ‬عليها‭, ‬رجل‭ ‬شهدت‭ ‬له‭ ‬الدنيا‭ ‬بمآثره‭ ‬وتضحياته‭ ‬فى‭ ‬حب‭ ‬مصر‭, ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬المشير‭ ‬محمد‭ ‬حسين‭ ‬طنطاوى‭ ‬القائد‭ ‬العام‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬المصرية‭, ‬ووزير‭ ‬الدفاع‭ ‬والإنتاج‭ ‬الحربي‭ ‬الأسبق‭.‬

رغم‭ ‬أن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬المشير‭ ‬طنطاوى‭ ‬لمحاولة‭ ‬رسم‭ ‬صورة‭ ‬كاملة‭ ‬الملامح‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬الصعوبة‭ ‬بمكان،‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬الرجل‭ ‬له‭ ‬سجل‭ ‬مشرف‭ ‬ومليء‭ ‬بالأحداث‭ ‬العظيمة‭ ‬والمناصب‭ ‬المشرفة،‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬سوف‭ ‬نستعرض‭ ‬فيما‭ ‬يلى‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬شخصية‭ ‬هذا‭ ‬الراحل‭ ‬العظيم‭.‬

ولد‭ ‬طنطاوى‭ ‬لأسرة‭ ‬مصرية‭ ‬نوبية‭ ‬فى‭ ‬أكتوبر‭ ‬عام‭ ‬‮١٩٣٥‬م،‭ ‬وتخرج‭ ‬في‭ ‬الكلية‭ ‬الحربية‭ ‬عام‭ ‬1956م،‭ ‬ثم‭ ‬كلية‭ ‬القادة‭ ‬والأركان،‭ ‬وشارك‭ ‬في‭ ‬صد‭ ‬العدوان‭ ‬الثلاثى‭ ‬على‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬1956م،‭ ‬كما‭ ‬شارك‭ ‬فى‭ ‬حرب‭ ‬يونيو‭ ‬1967م،‭ ‬وفى‭ ‬حرب‭ ‬الاستنزاف‭ ‬من‭ ‬1967‭ ‬وحتى‭ ‬1970م‭ ‬،‭ ‬وفى‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬1973م‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬قائدا‭ ‬لوحدة‭ ‬مقاتلة‭ ‬فى‭ ‬سلاح‭ ‬المشاة،‭ ‬وبعد‭ ‬الحرب‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬نوط‭ ‬الشجاعة‭ ‬العسكري‭ ‬ثم‭ ‬عمل‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1975م‭ ‬ملحقا‭ ‬عسكريا‭ ‬لمصر‭ ‬في‭ ‬باكستان،‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬وتدرج‭ ‬في‭ ‬المناصب‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬وزيرا‭ ‬للدفاع‭ ‬وقائدا‭ ‬عاما‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1991م‭.‬

عبر‭ ‬بمصرإلى‭ ‬بر‭ ‬الأمان‭ ‬بصفته‭ ‬رئيسا‭ ‬للمجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬بعد‭ ‬تنحي‭ ‬الرئيس‭ ‬الأسبق‭ ‬محمد‭ ‬حسني‭ ‬مبارك‭ ‬في‭ ‬11‭ ‬فبراير‭ ‬2011م،‭ ‬وظل‭ ‬فى‭ ‬منصبه‭ ‬حتى‭ ‬إحالته‭ ‬للتقاعد‭ ‬في‭ ‬12‭ ‬أغسطس‭ ‬2012،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬منحه‭ ‬قلادة‭ ‬النيل،‭ ‬وعين‭ ‬مستشاراً‭ ‬لرئيس‭ ‬الجمهورية‭.‬

شغل‭ ‬طنطاوي‭ ‬مناصب‭ ‬قيادية‭ ‬عديدة‭ ‬في‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬المصرية‭ ‬قبل‭ ‬تكليف‭ ‬الرئيس‭ ‬الأسبق‭ ‬محمد‭ ‬حسني‭ ‬مبارك‭ ‬له‭ ‬بتولي‭ ‬مسئولية‭ ‬القيادة‭ ‬العامة‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة،‭ ‬فمن‭ ‬بين‭ ‬المناصب‭ ‬التي‭ ‬تولاها،‭ ‬قائدا‭ ‬للجيش‭ ‬الثاني‭ ‬الميداني‭ ‬1987م‭ ‬،‭ ‬ثم‭ ‬قائدا‭ ‬للحرس‭ ‬الجمهوري‭ ‬1988م،‭ ‬ثم‭ ‬قائدا‭ ‬عام‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬ووزيرا‭ ‬للدفاع‭ ‬في‭ ‬1991م‭ ‬برتبة‭ ‬فريق،‭ ‬ثم‭ ‬بعدها‭ ‬بشهر‭ ‬أصدر‭ ‬الرئيس‭ ‬مبارك‭ ‬قراراً‭ ‬بترقيته‭ ‬إلى‭ ‬رتبة‭ ‬الفريق‭ ‬أول،‭ ‬وفي‭ ‬4‭ ‬أكتوبر‭ ‬سنة‭ ‬1993م‭ ‬أصدر‭ ‬الرئيس‭ ‬مبارك‭ ‬قرارا‭ ‬جمهوريا‭ ‬بترقيته‭ ‬إلى‭ ‬رتبة‭ ‬المشير،‭ ‬ووزيرا‭ ‬للدفاع‭ ‬والإنتاج‭ ‬الحربي‭.‬

في‭ ‬11‭ ‬فبراير‭ ‬2011م‭ ‬،‭ ‬عندما‭ ‬تنحى‭ ‬الرئيس‭ ‬حسني‭ ‬مبارك‭ ‬عن‭ ‬السلطة‭ ‬بعد‭ ‬18‭ ‬يوما‭ ‬من‭ ‬المظاهرات‭ ‬الشعبية،‭ ‬تسلّم‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬بقيادة‭ ‬طنطاوي‭ ‬إدارة‭ ‬شئون‭ ‬البلاد،‭ ‬ومن‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬أثناء‭ ‬ذلك‭ ‬“حل‭ ‬البرلمان‭ ‬بإشراف‭ ‬رئيس‭ ‬المحكمة‭ ‬الدستورية‭ ‬العليا،‭ ‬وإجراء‭ ‬استفتاء‭ ‬على‭ ‬تعديل‭ ‬الدستور‭ ‬في‭ ‬19‭ ‬مارس‭  ‬2011م،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البلاغات‭ ‬ضد‭ ‬مبارك‭ ‬وشخصيات‭ ‬بارزة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬دعوات‭ ‬لمحاكمتهم،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مواجهات‭ ‬مع‭ ‬الشارع‭ ‬المصري”‭.‬

كان‭ ‬الظهور‭ ‬الشخصي‭ ‬للمشير‭ ‬طنطاوي‭ ‬قليلا‭ ‬نسبيا‭ ‬منذ‭ ‬تسليم‭ ‬السلطة‭ ‬للمجلس‭ ‬العسكرى،‭ ‬فظهر‭ ‬في‭ ‬تخريج‭ ‬لفوج‭ ‬من‭ ‬أكاديمية‭ ‬الشرطة‭ ‬في‭ ‬16‭ ‬مايو‭ ‬2011م،‭ ‬وترك‭ ‬معظم‭ ‬الخطابات‭ ‬لأعضاء‭ ‬مخضرمين‭ ‬آخرين‭ ‬في‭ ‬المجلس،‭ ‬كما‭ ‬عين‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬عصام‭ ‬شرف‭ ‬وحكومته،‭ ‬أيضا‭ ‬استقبل‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المسئولين‭ ‬الأجانب،‭ ‬ومنهم‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬ديفيد‭ ‬كاميرون،‭ ‬ووزيرة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬هيلاري‭ ‬كلينتون‭.‬

بعد‭ ‬سلسلة‭ ‬مظاهرات‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2011م‭ ‬،‭ ‬ووقوع‭ ‬أحداث‭ ‬محمد‭ ‬محمود،‭ ‬وكذلك‭ ‬أحداث‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬وماسبيرو،‭ ‬والعباسية،‭ ‬ظهر‭ ‬طنطاوي‭ ‬على‭ ‬شاشة‭ ‬التليفزيون‭ ‬الرسمي،‭ ‬مؤكدا‭ ‬التعهد‭ ‬بإكمال‭ ‬تسليم‭ ‬السلطة‭ ‬إلى‭ ‬جهة‭ ‬مدنية‭ ‬دون‭ ‬تأخير،‭ ‬مشددا‭ ‬على‭ ‬الاستعداد‭ ‬لتسليم‭ ‬السلطة‭ ‬إذا‭ ‬أراد‭ ‬الشعب‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استفتاء‭ ‬شعبي‭.‬

حصل‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأوسمة‭ ‬والأنواط‭ ‬والميداليات‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لا‭ ‬الحصر‭ : ‬

نوط‭ ‬الشجاعة‭ ‬العسكري‭ ‬من‭ ‬الطبقة‭ ‬الثانية‭ (‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭)‬،‭ ‬وسام‭ ‬التحرير،‭ ‬نوط‭ ‬الجلاء‭ ‬العسكري،‭ ‬نوط‭ ‬الاستقلال‭ ‬العسكرى،‭ ‬نوط‭ ‬النصر،‭ ‬نوط‭ ‬تحرير‭ ‬سيناء‭ ‬25‭ ‬أبريل،‭ ‬نوط‭ ‬الواجب‭ ‬العسكري‭ ‬من‭ ‬الطبقة‭ ‬الثانية،‭ ‬نوط‭ ‬الخدمة‭ ‬الممتازة،‭ ‬ميدالية‭ ‬الخدمة‭ ‬الطويلة‭ ‬والقدوة‭ ‬الحسنة‭ ‬من‭ ‬الطبقة‭ ‬الأولى،‭ ‬ميدالية‭ ‬6‭ ‬أكتوبر‭ ‬1973م،‭ ‬وغيرها‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬ميدالية‭ ‬تحرير‭ ‬الكويت‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الكويت‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬ووسام‭ ‬تحرير‭ ‬الكويت،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الأوسمة‭ ‬المدنية‭ ‬مثل‭: ‬وسام‭ ‬الامتياز‭ ‬من‭ ‬باكستان،‭ ‬ووسام‭ ‬الجمهورية‭ ‬التونسية‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬تونس،‭ ‬وقلادة‭ ‬النيل‭ ‬من‭ ‬مصر‭.‬

يعد‭ ‬طنطاوى‭ ‬بطلا‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬خاص،‭ ‬حيث‭ ‬خاض‭ ‬4‭ ‬حروب،‭ ‬وحافظ‭ ‬على‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬الضياع،‭ ‬وللتدليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬نورد‭ ‬فيما‭ ‬يلى‭ ‬بعض‭ ‬النماذج‭ ‬من‭ ‬بطولاته‭ ‬التى‭ ‬اشتهر‭ ‬بها‭ ‬ويعرفها‭ ‬أبناء‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة،‭ ‬خاصة‭ ‬خلال‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬1973م،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬قائدا‭ ‬للكتيبة‭ ‬16‭ ‬مشاة،‭ ‬التى‭ ‬حققت‭ ‬بطولات‭ ‬كبيرة‭ ‬خلال‭ ‬ملحمة‭ ‬عبور‭ ‬قناة‭ ‬السويس‭ ‬وتحرير‭ ‬سيناء،‭ ‬فقد‭ ‬دخل‭ ‬طنطاوى‭ ‬آنذاك‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬مباشرة‭ ‬مع‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وتحديدا‭ ‬مع‭ ‬أرييل‭ ‬شارون‭ ‬أثناء‭ ‬الحرب،‭ ‬ففى‭ ‬يوم‭ ‬12‭ ‬أكتوبر‭ ‬تم‭ ‬الدفع‭ ‬بإحدى‭ ‬الوحدات‭ ‬التى‭ ‬كان‭ ‬يقودها‭ ‬طنطاوى‭ ‬لتأمين‭ ‬الجانب‭ ‬الأيمن‭ ‬للفرقة‭ ‬16‭ ‬مشاة‭ ‬لمسافة‭ ‬3‭ ‬كيلومترات،‭ ‬كانت‭ ‬الفرقة‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬إخراجها‭ ‬منها،‭ ‬وتمكنت‭ ‬الوحدة‭ ‬بقيادة‭ ‬طنطاوى‭ ‬من‭ ‬الاستيلاء‭ ‬على‭ ‬نقطة‭ ‬حصينة‭ ‬على‭ ‬الطرف‭ ‬الشمالى‭ ‬الشرقى‭ ‬من‭ ‬البحيرات‭ ‬المرة،‭ ‬وكان‭ ‬جنود‭ ‬هذه‭ ‬النقطة‭ ‬من‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬قد‭ ‬اضطروا‭ ‬للهروب‭ ‬منها‭ ‬تحت‭ ‬جنح‭ ‬الظلام،‭ ‬وفى‭ ‬مساء‭ ‬يوم‭ ‬15‭ ‬أكتوبر‭ ‬كان‭ ‬طنطاوى‭ ‬وقتها‭ ‬قائدا‭ ‬للكتيبة‭ ‬16‭ ‬مشاة‭ ‬التى‭ ‬أحبطت‭ ‬عملية‭ ‬،‭ ‬حيث‭ ‬تصدت‭ ‬بالمقاومة‭ ‬العنيفة‭ ‬لمجموعة‭ ‬شارون‭ ‬ضمن‭ ‬فرقتى‭ ‬مشاة‭ ‬ومدرعات‭ ‬مصريتين‭ ‬فى‭ ‬الضفة‭ ‬الشرقية،‭ ‬وحدث‭ ‬هذا‭ ‬فى‭ ‬منطقة‭ ‬مزرعة‭ ‬الجلاء‭ ‬المعروفة‭ ‬باسم‭ ‬“المزرعة‭ ‬الصينية”،‭ ‬حيث‭ ‬كبدت‭ ‬الكتيبة‭ ‬بقيادة‭ ‬طنطاوى‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬خسائر‭ ‬فادحة‭.‬

‮ ‬تجلى‭ ‬ذكاء‭ ‬وتخطيط‭ ‬طنطاوى‭ ‬عندما‭ ‬هاجمته‭ ‬مدرعات‭ ‬العدو،‭ ‬عندها‭ ‬لم‭ ‬يكشف‭ ‬الرجل‭ ‬أوراقه،‭ ‬وقرر‭ ‬التحلي‭ ‬بالصبر،‭ ‬وكتم‭ ‬أنفاسه‭ ‬حتى‭ ‬آخر‭ ‬لحظة‭ ‬وحبس‭ ‬نيران‭ ‬مدفعيته‭ ‬لحين‭ ‬معاينة‭ ‬وتقدير‭ ‬القوة‭ ‬المعادية‭ ‬على‭ ‬الطبيعة،‭ ‬وفى‭ ‬اللحظة‭ ‬المناسبة‭ ‬انطلقت‭ ‬نيران‭ ‬أسلحته‭ ‬وقذائف‭ ‬مدفعيته،‭ ‬كما‭ ‬انطلق‭ ‬رجال‭ ‬كتيبته‭ ‬على‭ ‬مدرعات‭ ‬ومجنزرات‭ ‬العدو،‭ ‬فجعلوها‭ ‬أثراً‭ ‬بعد‭ ‬عين،‭ ‬وفشل‭ ‬هجوم‭ ‬العدو‭ ‬فى‭ ‬الوصول‭ ‬لقناة‭ ‬السويس،‭ ‬وأخذ‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬مكان‭ ‬آخر‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬رجال‭ ‬الفرقة‭ ‬16‭ ‬مشاة‭ ‬التى‭ ‬كان‭ ‬يقودها‭ ‬العميد‭ ‬عبد‭ ‬رب‭ ‬النبى‭ ‬حافظ‭ ‬والكتيبة‭ ‬16‭ ‬مشاة‭ ‬التى‭ ‬كان‭ ‬يقودها‭ ‬المقدم‭ ‬محمد‭ ‬حسين‭ ‬طنطاوى‭.‬

أما‭ ‬فرقتا‭ ‬شارون‭ ‬وآدن‭ ‬اللتان‭ ‬قامتا‭ ‬بالمجهود‭ ‬الرئيسي‭ ‬فى‭ ‬إحداث‭ ‬الثغرة‭ ‬ففقدتا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬جندى،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬قتل‭ ‬ضباط‭ ‬الصفين‭ ‬الأول‭ ‬والثانى‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬الألوية‭ ‬والسرايا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬اعترف‭ ‬به‭ ‬قادة‭ ‬إسرائيل‭ ‬فيما‭ ‬بعد،‭ ‬مؤكدين‭ ‬أن‭ ‬شراسة‭ ‬معارك‭ ‬الثغرة‭ ‬لم‭ ‬تحدث‭ ‬فى‭ ‬تاريخ‭ ‬الحروب‭ ‬بعد‭ ‬تلاحم‭ ‬المدرعات‭ ‬المصرية‭ ‬والإسرائيلية،‭ ‬وحرق‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬العربات‭ ‬المدرعة‭ ‬والمجنزرات‭.‬

ولم‭ ‬تقف‭ ‬بطولات‭ ‬المشير‭ ‬طنطاوى‭ ‬عند‭ ‬حدود‭ ‬خوض‭ ‬المعارك‭ ‬وحمل‭ ‬السلاح‭ ‬فى‭ ‬وجه‭ ‬أعداء‭ ‬الخارج‭ ‬فقط،‭ ‬وإنما‭ ‬استطاع‭ ‬الرجل‭ ‬بمنتهى‭ ‬الحكمة‭ ‬والقدرة‭ ‬والكفاءة‭ ‬أن‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬سفينة‭ ‬الوطن‭ ‬من‭ ‬الغرق‭ ‬فى‭ ‬الفترة‭ ‬التى‭ ‬واكبت‭ ‬أحداث‭ ‬ثورة‭ ‬25‭ ‬يناير‭  ‬2011م،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تنحى‭ ‬مبارك‭ ‬نتيجة‭ ‬للضغط‭ ‬والغضب‭ ‬الشعبى،‭ ‬وتم‭ ‬تكليف‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬بإدارة‭ ‬شئون‭ ‬البلاد‭.‬

فور‭ ‬تولي‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬برئاسة‭ ‬المشير‭ ‬طنطاوى‭ ‬مسئولية‭ ‬السلطة‭ ‬فى‭ ‬البلاد،‭ ‬استطاع‭ ‬فى‭ ‬وقت‭ ‬قصير‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬هيبة‭ ‬ومكانة‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬المصرية‭ ‬فى‭ ‬العالم،‭ ‬وكان‭ ‬الضامن‭ ‬الأمين‭ ‬للتطور‭ ‬الديمقراطى‭ ‬فى‭ ‬مصر،‭ ‬لمَ‭ ‬لا‭ ‬وهو‭ ‬الرجل‭ ‬الذى‭ ‬يتمتع‭ ‬بثقة‭ ‬كبيرة‭ ‬فى‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج؟‭ ‬وقد‭ ‬ألقيت‭ ‬عليه‭ ‬أعباء‭ ‬عهد‭ ‬جديد‭ ‬على‭ ‬مصر‭ ‬والمنطقة،‭ ‬ونجح‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬الاختبارات‭ ‬التى‭ ‬تعرض‭ ‬لها‭ ‬بنجاح‭ ‬منقطع‭ ‬النظير،‭ ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬محاولات‭ ‬الاستفزاز‭ ‬التى‭ ‬تعرض‭ ‬لها‭ ‬الرجل‭ ‬وتعرضت‭ ‬لها‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬فى‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬الدقيقة‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬بمثابة‭ ‬حائط‭ ‬الصد‭ ‬والدرع‭ ‬الواقية‭ ‬الذى‭ ‬يتلقى‭ ‬الضربات‭ ‬عن‭ ‬الشعب‭.‬

تحية‭ ‬واجبة‭ ‬لروح‭ ‬هذا‭ ‬البطل‭ ‬المصرى‭ ‬الأصيل‭ ‬الذى‭ ‬أحب‭ ‬بلاده‭ ‬وعمل‭ ‬من‭ ‬أجلها‭ ‬بإخلاص‭ ‬منقطع‭ ‬النظير‭ ‬دون‭ ‬مَنّ‭ ‬أو‭ ‬أذى،‭ ‬كما‭ ‬استلهم‭ ‬الروح‭ ‬العظيمة‭ ‬للأمة‭ ‬المصرية‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬خطواته،‭ ‬وكأن‭ ‬روحه‭ ‬أرادت‭ ‬أن‭ ‬ترحل‭ ‬ونحن‭ ‬نعيش‭ ‬الذكرى‭ ‬الثامنة‭ ‬والأربعين‭ ‬لنصر‭ ‬أكتوبر‭ ‬المؤزر‭ ‬عام‭ ‬1973م‭.‬

صادق‭ ‬الشكر‭ ‬والعرفان‭ ‬للسيد‭ ‬الرئيس‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬السيسى‭ ‬القائد‭ ‬الرمز‭ ‬الذى‭ ‬عرف‭ ‬قيمة‭ ‬وقدر‭ ‬القائد‭ ‬الفذ‭ ‬المشير‭ ‬طنطاوى‭ ‬فكرمه‭ ‬وأشاد‭ ‬به‭ ‬فى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المناسبات‭ ‬القومية‭ ‬والوطنية،‭ ‬كما‭ ‬نعاه‭ ‬عند‭ ‬وفاته‭ ‬إلى‭ ‬الشعب‭ ‬المصرى‭ ‬العظيم‭ ‬بتأثر‭ ‬بالغ‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬روحه‭ ‬المتوقدة‭ ‬وطبعه‭ ‬الأصيل‭ ‬ووفائه‭ ‬العظيم‭ ‬الذى‭ ‬عرف‭ ‬به‭ ‬لبلادنا‭ ‬العزيزة‭ ‬وأبنائها‭ ‬البررة،‭ ‬داعيا‭ ‬المولى‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬أن‭ ‬يثبته‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬الحق‭ ‬وأن‭ ‬يحفظه‭ ‬ويرعاه‭ ‬بعينه‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تنام‭ ‬حتى‭ ‬يكمل‭ ‬مسيرة‭ ‬البناء‭ ‬والتعمير‭ ‬التى‭ ‬حققت‭ ‬إنجازات‭ ‬ملموسة‭ ‬وواضحة‭ ‬كالشمس‭ ‬فى‭ ‬رابعة‭ ‬النهار‭. ‬

عاشت‭ ‬الذكرى‭ .. ‬وتحيا‭ ‬مصر