الإثنين 25 نوفمبر 2024

مقالات

الأسمنت الهندي وصحة المصريين

  • 23-11-2021 | 12:21
طباعة

"بنشتري كيلو الزيت المستعمل بـ 7 جنيه"، عبارة باتت تتردد كثيرا، خاصة داخل الأحياء الشعبية، إذ يستقل أحدهم تروسيكلا، ويمسك ميكرفونا، مغريا ربات البيوت بهذا النداء، الذي قد يصل من خلاله سعر لتر زيت الطعام المستعمل "المحروق" إلى عشرة جنيهات.

خبر قرأته اليوم فى الزميلة "المصرى اليوم"، عن ضبط مصنع «بير سلم»، يقوم بتجميع الزيوت المستخدمة بالمطاعم والمنازل، ثم يعيد استخدامها وتكريرها لصناعة الطحينة وزيوت الطعام، وبيعها مجدداً للمواطنين، وهذا ما جعلنى أربط بين هذا المصنع وغيره الكثير، وبين هؤلاء المشترين المتجولين "المجهولين".

ومع ارتفاع أسعار زيوت الطعام، جراء ارتفاع الخامات العالمية، واعتماد المواطن المصرى على زيت الطعام، الذى يتم استيراده من الخارج، يبحث المستهلك عن سعر أقل، وقد يتغاضى فى سبيل ذلك عن اشتراطات الجودة والسلامة، بشراء زيوت مجهولة المصدر، من أسماء وهمية من فئة مصانع "بير السلم"، في مقابل سعر منخفض جنيهين أو ثلاثة للتر الواحد، ولا يدري أنه يشترى سموما معلبة معاد تدويرها بإضافات قاتلة، تفتك بصحة أولاده.

أذكر أثناء شرائي بعض مستلزمات المنزل من أحد محلات الحبوب والبقالة، جاءه من يرغب في شراء كيلو زيت "سايب"، ودلف البائع إلى داخل المحل ورفع غطاء برميل أزرق كبير، وتناول كوبا بلاستيكيا، ليفرغ من البرميل الكبير إلى كيس بلاستيكي، أعده للبيع إلى هذا الرجل.

أعاد هذا المشهد إلى ذاكرتى، بائع الطعمية، الذى يرفع غطاء برميل مماثل داخل محله، ليزيد تعبئة طاسة القلي بهذا الزيت المجهول، الذى بدا فى قوام متجمد، مثل السمن تماما، ما يلبث أن يذوب فورا حين تمسسه النار.

الدكتور محمد أبوعامر، المختص في المناعة والفيروسات بجامعة المنوفية، طالب بضرورة التخلص من تلك الزيوت المستعملة منزليا، عن طريق خط ساخن تابع لوزارة البيئة.

وحذر من مصانع «بير السلم» التى تقوم بإعادة تدوير الزيت باستخدام تراب تبييض الزيوت، أو التى يطلق عليها "الأسمنت الهندي" وهى مادة تقوم بتبيض لون الزيت المستعمل وتحسن خواصه الظاهرية، ما يجعله مقبولا للبيع للمطاعم ومحلات الفول والطعمية ومصانع البطاطس المقلية، محذرا من تحول هذه الزيوت المعاد تدويرها إلى كتلة من السموم المليئة بالمواد المسرطنة.

كانت أمى رحمها الله، وقبل انتشار صابون الأوانى السائل، تقوم بالاستفادة من هذا الزيت المستعمل، بتصنيع قطع صابون الغسيل منزليا بخلط الزيت ببعض الإضافات الكيميائية الأخرى، وحينها كانت تحقق فائدة بالتخلص الآمن منه بعدم إلقائه في خطوط الصرف، وفائدة أخرى بالحصول على منظف منزلى جيد نسبيا.

مؤخرا تمكن فريق عمل "Green Pan"، وهم مجموعة من خريجي كلية الهندسة بجامعة القاهرة، من تدشين مشروع لتجميع زيوت الطعام المستخدمة وتحويلها إلى وقود حيوي نظيف غير ملوث للبيئة مقارنة بالوقود الأحفوري، حيث يقوم هؤلاء الشباب بتجميع الزيت المستخدم، ومعالجته واستخدامه لتصنيع وقود حيوي بديل للسولار، يستخدم في تشغيل المصانع، ويدخل في صناعة مادة الجلسرين، بدلا من إلقاءه في أحواض المطابخ، ما يؤدى الى انسداد خطوط الصرف الصحي مع تكرار تراكم الزيوت وتجمدها داخلها.

نتمنى مزيدا من الوعى لدى ربات البيوت بعدم التعاون مع مشتري الزيوت المتجولين، والاستعانة بالمختصين فى هذا الأمر، لإعادة تدويره فيما يفيد الناس ولا يضرهم، وقبل أن تبادرى سيدتي إلى البيع والربح، تخيلي أنك بعت هذا الزيت إلى معدوم الضمير، ثم دارت الدائرة عليك، وعاد إليك "الزيت المحروق" مخلوطا بالأسمنت الهندى، داخل ساندوتش طعمية، أو منثورا على طبق فول،، تخيلتي؟،، حسنا.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة