الخميس 2 مايو 2024

أكذوبة مصطلح الشرق الأوسط

مقالات7-12-2021 | 12:20

طالما شكل مصطلح "الشرق الأوسط" جدلًا عالميًا سواء للتعريف فيما تعلق بالتحديد الجغرافي الذي يمتد فيه مساحته أو هويته أو السمات المشتركة له التي توضح ماهيته، الواقع أن اصطلاح الشرق الأوسط منذ ظهوره وهو تعبير سياسي وعسكري أطلقته بريطانيا في منتصف القرن التاسع عشر ثم أكدته الولايات المتحدة الأمريكية في مطلع القرن العشرين ليصف المنطقة الواقعة بين شبه الجزيرة العربية والهند، ثم في الفترة التي تلت الحرب العالمية الأولي تم ضم مصر ثم إسرائيل ثم قبرص وتركيا وإيران وحذف الدائرة الهندية منها!

 نستطيع من خلال ذلك التسلسل الزمني في محددات المنطقة الجغرافية للشرق الأوسط التأكيد علي أنه مصطلح سياسي وعسكري يعبر عن المنطقة المستهدفة من القوي العالمية بالصراع علي أكبر مكتسبات ممكنة، أو باعتباره المنطقة الأكثر توترًا - بفعل فاعل - والمستهدفة بالترويض والتركيع وامتصاص ثرواتها .

 من المثير للغرابة أن نجد المحدد الجغرافي للشرق الأوسط الذي يتعامل مع المنطقة الممتدة بين غرب آسيا ومصر كلحمة واحدة مظللة علي الخريطة بلون واحد، رغم ما تحمله من ضديات حضارية وتاريخية واضحة، خريطة الشرق الأوسط وفق المنظور الغربي إجمالا يضع الشعوب والحضارة والجغرافيا في سلة واحدة وفق تعامل متطابق، مغايرًا للواقع الذي تحياه المنطقة؛ المدائن الكبري التي تقود هذه المنطقة: مصر، تركيا، إيران.. نجدهم: أجناس مختلفة، مذاهب متعارضة، تاريخ مشترك يتقاطع بشكل كبير مع تاريخ الحروب الكبري، تاركًا لدي الشعوب إرثًا لا يمكن محوه؛ لذلك لا يمكن بشكل أو بآخر أن نظلل الخريطة بلون واحد وفق ذلك التقسيم القديم لما فيه من إجحاف لمصائر هذه الشعوب التي تتعامل معها القوي العالمية كشيء واحد .

 غير أن للمسألة بعدا استراتيجيا خطيرا جدا، لعله السبب وراء الإصرار علي استخدام مصطلح "الشرق الأوسط" سابقا ولاحقا حتى ثورات ٢٠١١ كما تم إطلاقه "الشرق الأوسط  الكبير"، فهو في الحقيقة صناعة وإحداث لجغرافيا تتعارض مع التاريخ لأجل تأجيج المنطقة بصراعات لا تنتهي، ونيران لا تنطفئ يتوجب معها إطلاق مصطلح واحد وتظليلها بذات اللون؛ كانت سايكس بيكو هي النواة التنفيذ الفعلي لاصطلاح الشرق الأوسط التي قادت إلي تفكيك سورية ومنطقة الهلال الخصيب، ثم تقسيم فلسطين وإقامة الكيان الصهيوني إلي الحروب: التركية اليونانية، العراقية الإيرانية، الخليج الثانية، ومؤخرًا الصراعات السورية التركية .

 العبث بالخرائط هو عبث بالتاريخ وبمقدرات الشعوب، وإصلاح المفاهيم هو بداية تصحيح المسارات الاستراتيجية، فلنتنازل عن مصطلح الشرق الأوسط المغلوط والخطير، وعلينا مواجهته بكافة السبل السياسية والفكرية.

Dr.Randa
Dr.Radwa