كتب : محمد جمال كساب

حباها الله صوتا عذباً جميلا حنونا مرهفا صادقا ينساب إلي الأذن فيأسرها ويسحرها ويعكس ما في قلبها وعقلها من طيبة ووداعه ورقة بعينيها الجميلتين ووجهها الطفولي وذكائها الحاد تغزل عوالم سحرية وهي تحكي قصصاً خيالية وواقعية عن الحيوانات والطيور والأسد والأرنب البري والفلاح العجوز والفأر والقطة وتقدم الحكمة والموعظة بأسلوب شيق بسيط جذاب سيطر علي عقول الكبار والصغارفي مصر والعالم العربي خلال أكثر من نصف قرن ومازال صوتها كما هو لم تغيره الشيخوخة والزمن كأكبر معمرة في الإذاعة المصرية والعربية عمرها 88 عاماً.

والمؤسف أنه منذ سنوات تناثرت الشائعات حول وفاتها كما حدث مؤخراً وهو ما نفته شقيقتها الفنانة محسنة توفيق أكثر من مرة لذا حاولنا تذكر أبلة فضيلة حدوتة الزمن الجميل ونقول لها ألف سلامة.

ولدت فضيلة توفيق عبدالعزيز بحي العباسية بالقاهرة 4 أبريل 1929 لأم عملت وصيفة لزوجة السلطان حسين تخرجت في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1951 لم تعمل بالمحاماة واتجهت للإذاعة وتزوجت مرتين في المرة الأولي لم تنجب وفي الثانية اقترنت بكبير مهندسي الإذاعة إبراهيم أبو سريع وانجبت منه ابنتها الوحيدة ريم خريجة كلية الهندسة.

أبلة فضيلة ولدت بموهبة كبيرة علي الحكي في طفولتها كانت تجمع زملاءها وجيرانها في الحي لتحكي لهم حواديت من البيئة عن الوردة والحديقة والمواقف التي تمر بها وتجذب انتباه من يستمع إليها مستحوذة علي مشاعرهم وعقولهم فكانت دائمة الاستماع إلي برامج الأطفال التي تقدمها الإذاعة من خلال الرائد الكبير محمد محمود شعبان «بابا شارو» وتترك كل شيء من أجل أن تسبح بخيالها في القصص التي تسمعها وتهيم فيها عشقاً.

التحقت أبلة فضيلة بكلية الحقوق جامعة القاهرة رغما عنها بضغط من أسرتها اسوة بشقيقها الأكبر الذي سبقها إلي هذا المجال وفي الكلية كان يدرس لهم الدكتور حامد باشا زكي وزير المواصلات التي كانت تشرف علي الإذاعة وقتئذ وعقب تخرجها طلب منها استاذها أن تعمل معه في مكتبه الخاص بالمحاماة لفترة قصيرة وطلبت منه ان يساعدها علي العمل بالإذاعة فأخذ بيدها وقدمها إلي لجنة الاختبار فاجتازتها بنجاح وسألوها عن أي الإدارات التي ترغب في العمل فيها فقالت في برامج الأطفال مع بابا شارو فضحك لأنه كان أحد اعضائها وأخبرها بسعادته أن تعمل معه وتنبأ لها بمستقبل عظيم وعلمها كيف تحكي وتستولي علي انتباه الأطفال بالكلمة الصادقة والمعلومة الصحيحة والصوت الساحر والقدوة الحسنة والرسالة الهادفة التي تقدمها.

وانطلقت فى إصرار وعزيمة قوية علي تحقيق النجاح فعملت مذيعة ومعدة لعدد كبير من البرامج أبرزها «اخترت لك» و«س وج» و«أنا وماما وبابا» و«تلميذ واستاذ» . وأهمها واشهرها «غنوة وحدوتة» التي قدمته عقب عودتها من دورة تدريبية في روسيا في منتصف الستينيات وقام بإعداده الكتاب عبدالتواب يوسف ونادر أبو الفتوح وإبراهيم رجب فقدموا المعلومة والفكرة الجديدة لزرع القيم والاخلاق الاصيلة واستطاعت من خلاله اكتشاف العديد من الاطفال الفنانين الذين اصبحوا نجوما كبارا منهم فاتن حمامة ومدحت صالح وبوسي وليلي علوي ونورا وصفاء ابوالسعود وغيرهم كما استضافت فيه العديد من الشخصيات البارزة.

وتقلدت أبلة فضيلة العديد من المناصب أبرزها رئيس لجنة الاستماع بالإذاعة، مدير إدارة برامج الأطفال ورئيس شبكة البرنامج العام بدرجة وكيل وزارة وعملت محاضرة في معهد الإذاعة والتليفزيون وكلية رياض الأطفال لعدة سنوات وكرمت من العديد من المؤسسات عدة مرات.