السبت 25 مايو 2024

تترات المسلسلات السبوبة المربحة لأعلى سعر

17-6-2017 | 10:17

بقلم: فوزي إبراهيم

يري كثيرون أن أغاني(تتر) البداية والنهاية للمسلسلات الرمضانية فقدت بريقها ودلالتها في الخمسة أعوام الأخيرة وأصبح الكل يسأل،لماذا لم نعد نجد (تتر) مسلسل يرسخ في الذاكرة وفي الوجدان رسوخ تترات مسلسلات مثل ليالي الحلمية أو المال والبنون أو الشهد والدموع أو أرابيسك،زيزينيا،بوابة الحلواني وغيرها من أعمال لشعراء سيد حجاب وعبد الرحمن الأبنودي ومن قبلهم عبد السلام أمين ولملحنين مثل بليغ حمدي وعمار الشريعي وميشيل المصري وياسر عبد الرحمن وغيرهم من أسماء جعلت أغاني المسلسلسات جزءا لا يتجزأ من الدراما بل جعلتها روح ونبض وعصب الدراما في أي مسلسل حتي أصبح من الصعب أن تتخيل المسلسل أو تتذكره دون التتر والعكس صحيح،وهو مالم نعد نحسه أو نسمعه في تترات هذه الأيام.

ورغم أني كثيرا مارفضت المقارنات بين أغاني الماضي وأغاني الحاضر وكثيرا ما اعتبرتها مقارنات ظالمة وغير متكافئة لأن أغاني الحاضر لم تعط نفس الفرص التي أعطيت لأغاني الماضي من إنتاج ومن أهتمام ومن تبني إعلامي وتكرار إذاعتها و(الزن) بها لسنوات طويلة ومناسبات عديدة وكثيفة،إلا إني هنا أتفق تماما مع من يسأل ومن يعقد المقارنة لأن المقارنة هنا صحيحة وواجبة وليست ظالمة،ولأن الفرص هنا متكافئة وربما هي زائدة مع تترات هذه الأيام،حيث وجدت إنتاجا سخيا ومطربين من ألمع النجوم في مصر والعالم العربي ومرات إذاعة تزيد أضعاف أضعاف إذاعة المسلسلات في الماضي حيث كانت الحلقات في الماضي خمسة عشرة علي الأكثر تذاع الحلقة مرة واحدة في اليوم وفي قناة واحدة دون إعادة بينما هي الآن ثلاثون حلقة وأكثر وتذاع الحلقة عدة مرات في القناة الواحدة علاوة علي إذاعة المسلسل في أكثر من قناة ورغم ذلك يجد الناس هذه الفجوة ويتسع التساؤل..لماذا؟

والإجابة الخفية هي أن هذه التترات قد تحولت إلي سبوبة مربحة جدا ومنفصلة تماما عن المسلسل ذاته، وأن الهدف منها قد تحول من كونها أغاني تعبر عن نبض وروح وعصب موضوع الدراما إلي أغنية تجارية تراعي معايير وشروط السوق الغنائي وجمهوره المنحسر في شرائح اجتماعية بعينها،وتكتب بمفردات تتعامل وكأنها (أغنية خاصة) لمطرب أو مطربة التتر قد تحتوي بذكاء علي شطرة أو شطرتين تشبه موضوع المسلسل من بعيد وقد لا تحتوي-طب ليه؟

لأن هذه الأغنية سوف تباع بعد ذلك بالملايين لشركات التسويق الرقمي (الديجيتال) ولشركات الاتصالات لبيعها لعملائها كرنات للتليفون المحمول،وسوف يستغل رصيد نجاحها الذي ترتب عن (الزن) بها وتراكم سماعها طوال ثلاثين يوما في ثلاث أو أربع قنوات تعيد إذاعتها ثلاث أو أربع مرات في اليوم،أي ما بين 400 أو 500 مرة،وهذه السبوبة لها تجارها المتخصصن بعيدا عن منتج المسلسل الذي يترك لهم هذه الصفقة علي أن يتحملوا تكاليف صناعتها كلاما ولحنا وتوزيعا وغناء أيضا،وأحيانا يكون المطرب ذاته هو من يلعب هذه اللعبة،وأحيانا يلعبها منتج المسلسل إذا ما تعلم تفاصيلها أو يدخل شريكا بنسبة.

ولأنها أغان منفصلة وجدانيا عن العمل الدرامي، يأتي استقبال الجمهور لها منفصلاً وجدانيا وسرعان ما يجد الجمهور نفسه يتعامل معها كما يتعامل مع أي أغنية عاطفية خاصة في السوق حيث تأخذ زهوتها ودورتها وتنتهي لتأتي غيرها،ولأنها لم تكتسب من عوامل العمل الدرامي ماتسكن به في الوجدان وترسخ به في الذاكرة ولم تكن من نفس لحم ودم شخوص العمل الفني ومؤلفه فنجدها وقد تبخرت من الذاكرة وتقزمت أمام تترات الماضي التي لم تصنع أبدا بقصد السبوبة.

حتي عندما صادفت دراما هذا العام مؤلفا يملك ناصيتي الشعر الغنائي والتأليف الدرامي وله من الموهبة ومن الخبرة مايمكنه من صناعة أغنية بشروط السوق وشروط الدراما معا في تتر مسلسل(لأعلي سعر)بطولة نيللي كريم وغناء نوال الزغبي بمفردات لم نألفها سوي في سباق سوق الغناء الباحث عن لغة صادمة لافتة تثير ملايين المشاهدات والتنزيلات تقول:

ملعون أبو الناس العزاز

اللي لما احتجنا ليهم

طلعوا أندال بإمتياز

انتشرت الأغنية إنتشارا مذهلا منذ الحلقات الأولي وكان مدحت العدل مبهرا في الوصول إلي ذروة غايته

في تقديم أغنية من لحم ودم الدراما وفي ذات الوقت صاروخية المنافسة في سوق الغناء إلا أنه دون أن يدري خلق عند الجمهور توقعا بنهاية المسلسل منذ الحلقات الأولي أيضا فجاء ذلك علي حساب الدراما.

    الاكثر قراءة