الأحد 22 سبتمبر 2024

إعتبرها لقطة فى فيلم

18-6-2017 | 09:48

بقلم : سحر الجعارة

لا تستهين بذكاء النجم الكبير "محمود حميده" ، ولا بإختياراته الفنية، ولا تتصور أن مشهدا فى برنامج عابر يمكن أن ينال من قيمته الفنية الرفيعة، أو يخصم من رصيده عند الجمهور والنخبة المثقفة.

لقد هاجت السوشيال ميديا والمواقع الإخبارية وبعض البرامج قبل شهر رمضان بأيام قليله، لأن "حميدة" ظهر فى برومو برنامج "رامز تحت الأرض" بعدما خلع بنطونه حين إكتشف أنه وقع ضحية في البرنامج.

وتردد أن قناة MBC قامت بحذف المشهد من الإعلان الترويجى للبرنامج، لأن البعض إعتبره غير لائق و خادشاً للحياء العام، ويتنافى مع عادات وتقاليد المجتمع العربي!

وبغض النظر عن موقفى الرافض لعميلة إهانة "الرمز" والتنكيل بالمشاهير ، والتى يحترفها "رامز" فى برامجه، وهو الموقف الذى سجلته فى مقال سابق بمجلة "الكواكب" .. فأنا شخصيا لم أرى فى اللقطة ما يخدش الحياء، وإعتبرتها وكأنها "لقطة" فى فيلم سينمائى، خاصة مع ما يتردد عن معرفة النجوم مسبقا بمقلب "رامز" .

انا لا أجزم بأن "حميدة" كان يعلم بالمقلب، ولا بتداعياته، لكننى أؤكد وجهة نظرى "الخاصة" فى أن بعض النجوم يتم الإتفاق معهم مسبقا حتى على رد الفعل، أما من لا يعلم بالمقلب -المستفز القاتل- فلا يمكن توقع رد فعله بعد أن عاد من على على عتبة الموت .

الذين إنتقدوا "حميدة" ليس لديهم واحد من عشرة من رصيده المعرفى والثقافى، ولا يتحملون صدقه وصراحته وأراؤه الصادمه، لا يستطيعون أن يقفوا فى لحظة تأمل لإنتقاد الذات والإعتراف بشجاعة عن كل أفعالك -حتى لو كانت سلبية- على الملأ.

لكن "حميده" مختلف ، ليس لأن لديه فلسفته الخاصة فى الفن والحياة فحسب، بل لأن له وجه واحد، لقد ولد بريئا من "الإزدواجية" التى يعانى منها معظم المصريين، ولم يرتدى أقنعة النجومية يوما، أو يحترف "علم اللوع أضخم كتاب فى الأرض" كما قال عنه الشعر "صلاح جاهين" رغم أنه قضى معظم حياته بين الكتب!

لا يمكن التعامل مع "حميده" على أنه "نجم إستثنائى" فحسب،إنه مؤسسة سينمائية، ففي عام 1997 قام بتأسيس وإصدار مجلة "الفن السابع" وهي أول مطبوعة عربية سينمائية متخصصة بصناعة السينما في الشرق الأوسط، وقبلها بعام كان قد أسس "استوديو الممثل" مستعيناً بأهم المختصين لجعل هذا الاستوديو مركزاً لتدريب وصقل المواهب الشابة .. وأضاف للسينما والمسرح الكثير بإنتاج بعض الأعمال الفنية رغم أنه تكبد خسائر فادحة فيها.

إنه مهموم بصناعة السينما ، وبما تعانية من قرصنة ومن غياب قانون واضح ينظمها ، وهو معنى بربط تلك الصناعة الهامة بالدارسين لها ، وقد أعلن سابقا عن مشروع لعقد مؤتمر خاص لصياغة قانون لصناعة السينما ، لمصر ولكل العالم العربى.

فهو يرى أن السينما أشرس قوة موجودة على وجه الأرض، وأشرس من السلاح بملايين المرات، وكما قال فى تصرحات صحفية : (بيت شعر يصنع انتصارا فى حرب أو استقلالية، رغم عدم قوته أدبيا، وهو "إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد لليل أن ينجلى ولابد لليل أن ينكسر").

لكن البعض يحلو له الهجوم على "حميده" لأنه يراه "مغرورا"، وهو لا ينكر ذلك ، فقد إعترف بذلك ،في حواره مع الإعلامية "وفاء الكيلاني" فى برنامج "قصر الكلام"، الذي كان يعرض على فضائية Mbc، وقال أنه يحاول جاهدًا التخلص من هذه الصفة.. كما ثار "حميده" ولم يهدأ عندما قال لهُ مراسل: (يُشبهك البعض بالنجم العالمي روبرت دنيرو)، قائلاً (أنا اسمي محمود حميدة، تعرف تنطق اسمي).. والحقيقة أن "النرجسية" هى جزء أصيل من تكوين أى مبدع وهذا حقه طالما ظل بسيطا لا يتعالى على الناس ويختلط بكل الطبقات التى تبتعد بمسافة عن ثقافته.

وفى عالم تحكمه ثقافة "السوشيال ميديا" أصبح النجم هدفا وسائل التواصل الإجتماعى قبل الصحافة والإعلام، وفى حالة نجم بحجم "محمود حميدة" يتحول الأمر الى "حالة تربص"، سعيا وراء لقطة أو جمله تثير الجدل ، ويفتشون أوراقه الخاصة .. فما بالك حين يهديهم لقطة مثيرة لشهية النميمة والرغبة فى إعطاء النصائح والنقد والتوبيخ .. وفرض الوصايا على الفنانين!.

ليس من حق أحد مهما إرتفع شأنه أن يحدد للفنان كيف يطل على جمهوره، من حق الجمهور وحده أن يحاسب النجم، أن يحب ويكره ، أن يقبل أو يرفض ما يقدمه.. وباعتبارى من جمهور "حميدة" : أنا حزينة لأنه ظهر فى برنامج "رامز" سواء تم الأمر بالخديعة أو وفقا لسيناريو مرسوم .. حزينة أن ينصب فنان الفخ لفنان آخر ليتفرج عليه الجمهور مفزوعا ومرعوبا ، مهما كان الثمن!.