الأربعاء 5 يونيو 2024

موقعة مصر والكاميرون.. نهائي خارج المنطق

5-2-2017 | 16:58

كتب: هيثم هلال

بحسابات الأرقام والمنطق والمعطيات والأسماء، لم يكن يتوقع أكثر المتفائلين أن يجمع نهائي كأس الأمم الإفريقية المقامة حاليا في الجابون، بين منتخبي مصر والكاميرون على وجه التحديد، رغم التاريخ العريق الذى يضع الكبيرين على رأس أندية القارة وخزانة الألقاب العامرة بـ11 بطولة للكان.

الفريق المصري الغائب عن النهائيات القارية لثلاثة نسخ متتالية، لم يكن هو نفس الاسم الذى سيطر على مقاليد القارة لثلاثة نسخ سابقة، بعد تقاعد جيل بأكمله شمل أسماء من العيار الثقيل من عينة محمد أبوتريكة وأحمد حسن ومحمد زيدان وحسني عبدربه وسيد معوض ومحمد شوقي وعمرو زكي وهاني سعيد ووائل جمعة وعماد متعب، وهو ما احتاج إلى 7 سنوات كاملة لبناء جيل، لازال في طور التشكيل.

 

توليفة كوبر

وصول الأرجنتيني المنحوس هيكتور كوبر إلى مقاعد الإدارة الفنية للفراعنة شكلت علامة فارقة في ثورة تصحيح الكرة المصرية بعد 7 سنوات عجاف، تبادل خلالها على محاولة رسم خارطة إنقاذ لأسياد القارة السمراء اثنين مدربين خلف حسن شحاتة صاحب النجوم الثلاث، الأمريكي بوب برادلي وشوقي غريب.

رائد الواقعية والذي صنع تاريخا خارج أسوار إفريقيا دون أن يعانق المجد –وهو ما يأمل في تحقيقه تحت راية الفراعنة وكسر نحس لازمه نصف قرن- نجح في صناعة جيل واعد مستفيدا من نشاط أكثر لاعبيه في القارة العجوز وبين جنبات أندية من الصف الأولي في ميزة لم تتوفر من قبل للفراعنة.

كوبر استعان بتكوين ثلاثي للمنتخب، بمزج ثلاثة أجيال تجسد الخبرة متمثلة في السد العالي عصام الحضري والجوكر أحمد فتحي وشيفو محمد عبدالشافي، وجيل الوسط بقيادة المتألق محمد صلاح ورفيق الدرب محمد النني وعبدالله السعيد، والواعدين رمضان صبحي وعمرو وردة وكريم حافظ، وهو ما نجح من خلاله في صناعة ملامح جيل قادر على استعادة أمجاد الساجدين.

 

بره المنطق

الموقع الرسمي لـ الاتحاد الدولي "فيفا" اعتبر أن تأهل الفراعنة لتلك المحطة إنجازا بكل المقايسس، بعدما عجز الخبراء عن التكهن بقدرة الفريق على تجاوز كل الحواجز وبلوغ المشهد النهائي في كأس الأمم الأفريقية الجابون 2017.

وأشار التقرير إلى أنه بعد الغياب "المفاجئ" عن النسخ الثلاث الماضية من كأس أفريقيا، كان المنطق يفرض نفسه بتغيير عناصر المنتخب الوطني والبدء مرة أخرى للبحث عن المجد القاري والعالمي في آن معا.

ولأن الجيل الجديد يستكشف للمرة الأولى أدغال أفريقيا بعكس العديد من المنتخبات، التي تملك الكثير من العناصر التي خبرت البطولة في السنوات السبع الماضية، كان من الصعوبة توقع ما يمكن أن يفعلونه هناك.

وأكد "فيفا" أنه وكما هم دائما فقد رفض المصريون منطق كرة القدم، وفرضوا منطقهم الخاص، وأثبتوا للقارة السمراء أن الكرة المصرية لا يمكن أن ترضى بأقل من المنافسة، فلا مجال للمشاركة وكسب الخبرة والتأقلم من أجل المستقبل، لقد أثبتوا أن التاج الأفريقي هو هدفهم الأول.

وأشار التقرير إلى أن رفاق الحضري برهنوا في المباراة تلو الأخرى أنهم قادرون على العودة نحو القمة مباشرة دون المرور بالطرق الجانبية، حيث ذهب "الفراعنة" إلى الجابون متسلحين بتاريخهم وكبريائهم ومذخرين بعتاد متنوع الأشكال يصلح للاستخدام أمام كل الخصوم، يمزج "أصحاب الخبرة"، و"نجوم الاحتراف"، و"جنود مقاتلين".

 

غيابات الأسود

على الجهة المقابلة، لم يكن المنتخب الكاميروني يمتلك حظوظا وافرة لتجاوز حاجز الدور الثاني للبطولة، في ظل الغيابات التي طالت العناصر الأساسية للأسود غير المروضة، والتي قررت التخلي عن المهمة الوطنية والبقاء رفقة أنديتها في أوروبا لخلافات قديمة جديدة لمنتخبات الغرب الإفريقي.

المنتخب الكبير الذى يحمل في جعبته 4 ألقاب وبفارق 3 ألقاب فقط خلف الفراعنة أصحاب السيادة، تخل البطولة محملا بهموم تخلي أكابر نجومه، بعدما استدعى هوجو بروس، 35 لاعباً فى القائمة الأولية رفض سبعة منهم الانضمام يمثلون العمود الفقري للفريق، وهم: جويل ماتيب "ليفربول"، آلان نيوم "وست بروميتش"، أندريه أونانا "أياكس أمستردام"، جى ندى أسيمبى "حارس نانسى"، إبراهيم أمادو "ليل"، مكسيم بوندجى "بوردو"، وفرانك أنجيسا "أولمبيك مرسيليا".

ودخل الأسود البطولة بمعدلات أعمار دون الـ25 عاماً وهو الأصغر بعد المنتخب الأوغندي، باستثناء الثالوث بنيامين موكاندجو قائد الفريق، وإيرنست مابوكا، وسبيستيان سيانى، ورغم البدايات التي أثارت مخاوف الكاميرونيين حول مصير المنتخب في البطولة، إلا أنه أظهر وجها مغايرا في الأدوار الإقصائية وأطاح بأبرز مرشحين لحصد اللقب السنغال وغانا على الترتيب.

 

ظروف متماثلة

بين كوبر وبروس قواسم مشتركة من حيث بناء جيل جديد واكتشاف أحراش القارة السمراء، وهو ما أدي إلى مشوار متشابه إلى حد التماثل بين الفريقين، حيث عبر الفراعنة الدور الأول بثلاثة أهداف فقط، هي حصيلة أرقام الكاميرون بتعادلين وانتصار.

وعلى طريقة كوبر نجح هوجو بروس في بث الثقة في نفوس اللاعبين الشباب الممزوجين بعناصر الخبرة، فسجل الفريق أداءً بطوليا منحه تخطي السنغال عبر ركلات الترجيح، وغانا بهدفين في المنحني القاتل للمباراة، وربما هو ذات الطريقة التي عبر بها الفراعنة، حيث سجلا فوزا تاريخيا على المغرب بهدف قاتل أنهي عقدة دامت 3 عقود، قبل أن يزيح خيول بوركينا فاسو بركلات الترجيح.

ويبقي التاريخ المتقلب حاضرا بمتغيراته في موقعة اليوم، حيث يمتلك الفراعنة أفضلية في مواجهة الكاميرون بالعبور على أكتافه إلى منصة التتويج في نسختي 86، 2008، فضلا عن أسبقية في النتائج في المواجهات المباشرة، ويتساوى طرفا المواجهة في شحن بطاريات الثقة والعوامل النفسية بعد الوصول إلى تلك المحطة الختامية، فيما يبقي مدخل القلق الوحيد لأحفاد الفراعنة في نحس كوبر مع النهائيات وهي العقدة التي يسعي إلى الأرجنتيني كسرها في عرين الأسود الإفريقية.