بقلم : سمر الدسوقى
كالعادة ما أن بدأ شهر رمضان المبارك إلا وجدنا سيلا من الحملات الإعلانية والدعائية التي تدعو للتبرع هنا وهناك، سواء كان هذا لدعم فقير أو مريض أو محتاج، لصالح مؤسسة أو هيئة أو جمعية، وبالرغم أن الهدف بالتأكيد واضح وهو استغلال نفحات هذا الشهر المبارك في الحث على مضاعفة فعل الخير وتحقيق نوع من التكافل الاجتماعي الذي تتضاعف حاجتنا إليه في ظل الظروف الراهنة والتي يعاني فيها الوطن من العديد من التحديات الداخلية والخارجية بل والمؤامرات التي تلقي بظلالها على أوضاعنا الاقتصادية، مما يتطلب منا جميعا الوقوف صفا واحدا لدعمه ودعم هذه الأرض الطيبة من خلال مساندة بعضنا البعض ومحاولة مد يد العون لكل محتاج حتى وإن لم يكن يعلن هذا كنوع من التعفف، فقيامنا بهذا الدور لا يحقق فقط الغايةالمنشودة سواء كانت دينية أو مجتمعية، ولكنه يحقق أيضا الأكثر من هذا حيث يساهم بشكل غير مباشر في حفاظنا على هذا الوطن، وبناء سد منيع أمام من يحاول استغلال هذه الأوضاع العادية - التي تمر بها العديد من الدول - في استقطاب البعض تحت شعار"الظروف الاقتصادية الصعبة"!
لكن السؤال الملح والذي يفرض نفسه لمن أتوجه بتبرعاتي؟ وكيف يمكنني التأكد أنها قد وجهت بالفعل للوجهة الصحيحة التي تساهم في البناء والتنمية قبل أن تساهم في هدم وتقويض العديد من الجهود التي تبذلها القيادة السياسية في إطار دعم وبناء هذا الوطن، منذ تولي سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي لمقاليد الحكم، من خلال محورين أساسين أحدهما تدشين مشروعات وطنية عملاقة، والثاني توفير الموارد اللازمة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ما يساهم في إحداث تغيير فعلي في بلد يدب الفساد في أركانه منذ عقود طويلة ويقف كوحش شرس يلتهم الأخضر واليابس، بلد التهمت ظروف ثورتين مواردها وثرواتها، ومازالت المؤامرات تحاك ضددها داخليا وخارجيا.
الإجابة ببساطة في رأيي تتطلب بداية أن نتحرى الدقة قبل توجيه تبرعاتنا لأي جهة مهما كانت معروفة أو تتمتع بشهرة ما، حتى لا يتم استغلال هذه التبرعات بصورة أو بأخرى في أي من الأعمال المناوئة لأمن وسلامة هذا الوطن، من خلال البحث عن تاريخ ونشاط هذه الجهة وتاريخ القائمين عليها وما نجحت في تنفيذه بالفعل من مشروعات على أرض الواقع لخير هذا البلد، فعلينا ألا ننخدع بالحملات الدعائية البراقة والتي كان يمكن أن يخصص بعض منها لدعم الفئات الأشد احتياجا بشكل مباشر بدلا من إهدار الملايين على خروجها للنور بهذه الصورة، ففي ظل الظروف الراهنة والتي أراها ظروف حرب بالدرجة الأولى، كثيرا ما تكون الأهداف خفية وكثيرا ما تكون بالدرجة الأولى سياسية أيضا.
لذا فحتى نستطيع أن نكون على بينة صحيحة فيما يتعلق بهذا الأمر، لنبدأ بالسؤال ومعرفة التاريخ والبحث عن الأنشطة، والأهم في رأيي من هذا كله أن نحاول وبقدر المستطاع أن نتوجه بتبرعاتنا للجهات الخاضعة للإشراف المباشر والرقابة من قبل الجهات الرسمية والدولة، فمعظم هذه الجهات لها باع طويل في القيام بالعديد من المشروعات الوطنية العملاقة التي تبني قبل أن تهدم، سواء كانت هذه المشروعات تطويرا للمناطق العشوائية أو توفير فرص عمل للشباب كمحاولة للقضاء على مشكلة البطالة، أو مشروعات لتمكين المرأة المعيلة والعاملات في مهن هامشية وغيرها، فكل هذا يعني ببساطة أنك قد اخترت الجهة الصحيحة التي توجه تبرعاتك إليها، اخترت جهة تبني وتساعد هذا الوطن وأبناءه بشكل صحيح، فتبرعوا لمن يبني مصر.