الخميس 27 يونيو 2024

ياسمين وحبيبة وهاجر.. مُنشدات فى عالم الابتهالات مدد يا رسول الله

21-6-2017 | 13:37

تحقيق: راندا طارق

فى عالم الابتهالات الدينية الكل يهيم فى حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الجميع يتغنى، والقلوب تسكن بسكينة الذكر.. فالإنشاد الدينى واحد من أعرق الفنون التى عرفها المصريون، حيث تنطلق الأصوات تصدح بأعذب الكلمات، وأرق الألحان حبًا فى رسول الله.. وليس بجديد أن تقتحم الفتيات هذا العالم الروحانى بقوة وجرأة، وفى السطور التالية نلقى الضوء على «ياسمين وحبيبة وهاجر»، صاحبات الأصوات العذبة والحس الفنى الراقى، اللاتى اجتمعن على حب النبى.

ياسمين وحبيبة (١٧ عامًا) يتشاركان معًا بصوتًا واحدًا فى حب الله ورسوله بدويتو إنشادي، صوتهما جاب الأوبرا والمسارح الثقافية، وكرمهما وزير الثقافة حلمى النمنم، فى إحدى حفلات قصر طاز كأوائل دفعة الإنشاد.

«المصور» التقتهما، فقالت «ياسمين»: إن صوتها يشبه بالكامل صوت «حبيبة» لدرجة أنه يصعب على المستمع التفريق بين الصوتين، ويعتقد المستمع أن الصوت صادر من حنجرة واحدة، لافتة إلى أن هذا الأمر سبق وأثار دهشة مهندس صوت الذى كان يقوم بتسجيل دويتو إنشادى لنا.

ولفتت «ياسمين» إلى أن إنشادها مع «حبيبة» معظمه من تراث الإنشاد الديني، وأن لغة التفاهم بينهما كبيرة لاسيما وأنهما قريبتان، وصديقتان منذ الطفولة، وتعلمتا بمدرسة واحدة، مشيرة إلى أنهما طوال فترة تدربيهما بمدرسة الإنشاد لم يسمعهما الشيخ محمود التهامى مؤسس المدرسة لكل واحدة على حدة؛ بل يسمعهما معًا، مثلما تقدما أول مرة للمسابقة واجتازا الاختبار وأحبتهما اللجنة معًا.

«ياسمين» تقول: تقدمنا لمدرسة الإنشاء بمحض الصدفة، عندما سمعنا منشد بحفل عيد الأم بمدرستتنا، وكنا نغنى فى الإذاعة بعض من الأغانى الوطنية، فنصحنا باستغلال موهبتنا والالتحاق بمدرسة الإنشاد حتى أصبحا من أوائل الدفعة.

عن اتجاه بعض المنشدات لمجال الغناء، أوضحت «ياسمين» أنها لن تفعل ذلك، لأنها لا ترى نفسها إلا بالروحانيات وكلمات مدح الله وسوله، لافتة إلى أن جمهور الإنشاد الدينى فى تزايد مستمر، وأن الإقبال على المجال فى تصاعد، مشيرة إلى أن دفعتها بالمدرسة الإنشادية منذ ٣ أعوام كانت مكونة من ١٢ فتاة، ووصلت الدفعة الأخيرة الآن إلى ما يزيد عن ٢٠٠ طالب وطالبة.

وتعتبر «ياسمين» المشايخ محمود التهامي، وطه الإسكندراني، ومصطفى النجدي، قدوة لها خاصة أنها تربت على أيديهم منذ ثلاثة أعوام، موضحة أنها كانت تعتقد قبل الالتحاق بالمدرسة بأن الصوت هو حجر الأساس فى الإنشاد؛ إلا أنها اكتشفت أن ذلك غير صحيح بعدما رسب عدد كبير من الفتيات فى الاختبار رغم امتلاكهن حنجرة قوية، لتكتشف أن الإنشاد قائم على الاستيعاب والاستماع الجيد.

تناولت طرف الحديث «حبيبة»، موضحة أنها و»ياسمين» ليسا أبناء مشايخ، وأن صوتهما موهبة وليس وراثة، وقدوتها فى الإنشاد هو الشيخ النقشبندي، والشيخ محمد عمران. مضيفة: حاسة السمع تأتى قبل الصوت للتمييز بين الإيقاع، والشعور بالخطأ لحظة حدوثه سواء بالخروج عن النغمة أو الإيقاع، متذكرة كلمة الشيخ محمود التهامى «أنه على المنشد تربية أذنه قبل صوت»، لافتة إلى أنهما هى و»ياسمين» قدمتا حفلات كثيرة بألحان وكلمات الجديدة حتى يسهل تذوقها من قبل الجيل الجديد، كما قدمتا عددا كبيرا من التواشيح والابتهالات التراثية على يد الشيخ طه الإسكندرانى، الذى قام بتحفيظهما عددا كبيرا منها.

أما موهبة هاجر التهامى فقد ولدت فى مدرسة الشيخ التهامي، وهى تعشق المشايخ محمد عمران ومحمد الهلباوي، وقالت: عقب تخرجى من مدرسة الإنشاد وحصولى على المركز الأول على الدفعة، اتجهت لدراسة علم الإيقاع مع الإنشاد، واهتممت بدراسة علم الطبقات والمقامات للتجويد حتى تمكنت من تلاوة القرآن الكريم دون خطأ، وتعلمت أيضًا على يد الشيخ محمد ياسين المرعشلي.

انضمت «هاجر» إلى فرقة «حلقة ذكر» مع الشاعر شريف أبو العلا، وهى الفتاة الوحيدة ضمن ٥ شباب وعدد من المشايخ، وقدما معًا أكثر من حفلة فى دار الأوبرا وساقية الصاوى والهناجر والأمير طاز، رغم أن عمرها الإنشادى بعد تخرجها عام واحد هذا ما أكدته.

وعن دخول الآلآت الموسيقية للإنشاد الديني، أوضحت «هاجر» أن مشايخ قدامى فعلوا هذا الأمر، ومنهم الشيخ محمد عمران الذى لم يفارقه عبده داغر طوال مشواره بالعود والكامنجه، إلا أنها حرصت على دراسة علم المقامات والأصوات وفن الأداء حتى تقدم الإنشاد دون آلة منعًا للقيل والقال، لافتة إلى أنها كانت تنشد بالمدرسة، مع الناى والكامنجا، فلا حرج من الأمر، لاسيما أنه فى مدح الله ورسوله.

وعن مهاجمة البعض إنشاد الفتيات، أشارت «هاجر» إلى قصة سيدنا محمد، عندما دخل أبو بكر وكانت إحدى زوجات النبى تنشد مع الجاريات، فاراد أبو بكر الصديق أن ينهى الأمر، فطالبه الرسول بتركهن قائلا: اليوم عيد.. لذا فقد أباح الرسول لزوجته ولم ينه عنه، وليس هناك آية أو حديث قاطع تنهى عن إنشاد الفتيات، هذا بخلاف أن هناك مجموعة منا من المنشدات، ذهبتا لمشيخة الأزهر وحصلتا على فتوى بذلك.

ولفتت «هاجر» إلى أن الإنشاد يتمتع بجمهور كبير، وأن قلة تواجده فى السنوات الأخيرة جاءت بسبب تدنى الذوق العام، واقتحام كلمات غريبة على الأغنيات؛ إلا أن الإنشاد عاد للساحة مرة أخرى وحقق نجاحات كبيرة، بعدما ظهر بطربه وتراثه القديم، واستشعر الجمهور من خلاله عودة الغناء الطربى القديم، ولكن على هيئة تواشيح، وإنهالات الجماهير على شباك تذاكر حفلات الإنشاد والذكر، موضحة أن الحب هو العامل الأساس، الذى يجب توافره فى المنشدة، فعندما يستشعر المستمع بنبرة حبها لله ورسوله ويرتسم على وجهها البسمة، يصل مدحها للجمهور أكثر من قوة صوتها. مؤكدة أن مسابقات الإنشاد أكثر حزمًا وتدقيقًا من مسابقات الغناء، خاصة لأن هذا المجال لم يتسن لكل نوعيات الأصوات من اتخاذها طريقًا له، لأن الصوت ليس معياره الوحيد.