السبت 4 مايو 2024

القتل.. السجن.. الموت.. ثلاثية مخدر شابو

مقالات20-12-2021 | 12:27

قضت محكمة جنايات الإسماعيلية، في هذا الشهر بالحكم على سفاح الإسماعيلية والمتهم في الواقعة المعروفة إعلاميا بـ"ساطور الإسماعيلية"، بإحالة أوراقه إلى فضيلة المفتي، لتورطه في ذبح مواطن وفصل رأسه عن جسده والتمثيل بجثته أمام المارة في شوارع الإسماعيلية.

ظهر في الآونة الأخيرة أخطر سرطان أصاب مصر (مخدر الشابو) وله عدد من المسميات وقد انتشر بشكل كبير بين الشباب في أماكن عدة بمصر، ومن أبرز مسميات هذا المخدر القاتل (الشبو أو الأيس أو الكريستال أو الميث أو الشيطان) إنه الإيدز الجديد الذي يصيب المجتمع فى مقتل إذا لم نستيقظ ونواجهه كمجتمع وكحكومة بأقصى سرعة وبكل جدية، ويستطيع كل منا أن يجعل ابنه أو ابنته أو أحد أفراد أسرته يصل الي معادلة (القتل.. السجن.. الموت) ويتم ذلك من خلال عدم اهتمام الأسرة بأبنائهم، وكذا نتيجة عدم الاهتمام بمتابعة واختيار الأصدقاء والذي يتم بطريقة عفوية، ولا شك أنه مع صِغَر سنِّ الأبناء وقِلة تجاربهم قد لا يستطيعون التمييز بين الصالح والطالح.

وهنا أهمية دور الأسرة في توعية ومراقبة أبنائهم، والحرص على اختلاطهم ببيئة صالحة سواء من العائلة أو من المعارف أو الجيران، مما يسهل متابعة سلوك الأبناء وأنه لمن الهام والضروري عدم السماح لأولادنا أو بناتنا في سن صغيرة بالاختلاط الزائد بالغرباء، حتى لا تفسد تربية أبنائنا واكتسابهم سلوكيات خاطئة، وعلينا ألا ننسي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله تعالى سائل كلّ راع عمّا استرعاه أحفظ ذلك أم ضيّعه حتّى يسأل الرّجل عن أهل بيته» (أخرجه النسائي، وابن حِبَّان في صحيحه).

ويبدأ الشباب في تناول هذا المخدر الخطير في حفلات شم أو حقن جماعية، وهو مخدر يتم استخراجه من مادة "الميثامفيتامين" المنشطة للجهاز العصبي، ويتم تخليقه في المعامل علي هيئة بلورات أو حبيبات كريستالية زرقاء وبيضاء لامعة ومن المؤسف أن كثير من الشباب يخوض تجربة تعاطي مخدر الشابو من باب المغامرة والروشنة -علي حد تعبير بعضهم -، ثم ينتقل من التعاطي إلى عالم الإدمان، حتى إن بعض المتعاطين يرددون مقولة "المخدرات رجولة "، وهذا بالتأكيد يعكس حجم الأمية المجتمعية نتيجة عدم التوعية والمراقبة في أوساط الشباب حول خطورة المخدرات بشكل عام .

ومن المؤسف حقاً أن أطفالاً فى المرحلة الابتدائية وأيضاً بعض الفتيات يتناولن هذا المخدر اللعين، ظناً منهم أنه سيحل لهم مشكلة ما من خلال إحساس النشوة واللعب في أعصاب المخ الإنساني حيث أنه يحقق يقظة وانتباه في بدايته تجعل المتعاطي يستطيع مقاومة النوم لعدة أيام، متوهمون أنه يساعدهم أثناء المذاكرة، أما الكارثة الأخرى وهم فئة سائقي النقل الثقيل والذى يتطلب عملهم السير لمسافات طويلة ومستمرة وشعور الإنسان بالنوم الطبيعي قد يجعل السائق يخسر عمله الذى يدر عليه ربح وفير، أما عن نشوة الجنس المفرط التى يوفرها هذا الملعون فهي أحد أسباب تناوله من جانب الكثير من الرجال.

جريمة شاب الإسماعيلية:

لعل جريمة قاتل الإسماعيلية الأخيرة كانت نموذجا واضحا لأحد مدمني هذا المخدر السرطاني فقد أدمن مخدر الشابو، والذي وصل به الي ارتكاب جريمته الشنعاء وكل ما قيل عن القاتل بقيامه بذبح شخص لا حول له ولا قوة، وفى وسط الشارع المزدحم، فى عز النهار هى أعراض ونتيجة لـ«لمدمن الشبو».

ووجهت النيابة العامة أثناء إحدى جلسات محاكمة سفاح الإسماعيلية تحذيراً للآباء والأمهات من انتشار المخدرات التي تهدد البشرية فهي سلاح فتاك يستهدف الأفراد والمجتمعات وطالبت النيابة العامة بتوقيع أقصى العقوبة علي المتهم لتنطفئ النار داخل أسرة المجني عليه.

أعراض تظهر علي متعاطي الشابو :

لعل أبرز الأعراض التى تظهر علي مدمن الشابو هو ظهور تغير كبير في شكل الأسنان حيث يصيبها التشوه، ونقص رهيب في الوزن ويظهر المدمن كأنه  هيكل عظم متحرك، إضافة إلى الهلاوس وتهيؤات كلها أعراض المدمن لهذا السرطان .

دخل هذا المخدر الملعون إلى مصر فى السنوات الأخيرة وانتشر خاصة فى صعيد مصر، وتكررت الجرائم المرتبطة بتعاطيه، وكانت آخرها الجريمة التى هزت مصر قبل حادث الإسماعيلية المتهم فيها الشبو، وهى مذبحة الفيوم التى راح ضحيتها زوجة وستة أطفال أبرياء، وكان المجرم الحقيقى هو الشابو، ولكى نتخيل حجم المأساة والاختراق فلنري مجهودات الشرطة المصرية في مداهمة أحد أوكار صنع هذا المخدر في حي الدقي الذي يديره أحد خريجي كلية العلوم، وكان لديه ما يوازي ٤٠ مليون جنيه من المخدر الشيطانى!.. وهذا وكر واحد، وهذا هو المكتشف فقط، أما ما يقبع تحت جبل الجليد فهو أكثر رعباً .

وكشفت محاضر الشرطة والتقارير الأمنية عن وجود مصانع ومعامل تحت بير السلم تقوم بتحضير مخدر "الشبو" في بعض المناطق، وفي مدينة نصر، ألقى رجال مباحث مكافحة المخدرات بالقاهرة القبض على عدد من المتهمين بدائرة قسم شرطة مدينة نصر أول، لقيامهم بإعداد معمل لتصنيع "الشبو" وبحوزتهم الخامات والأدوات التي تُستخدم في ممارسة هذا النشاط الإجرامي.

ونجحت وزارة الداخلية في إحباط محاولة تشكيل عصابي، تخصص في جلب مخدر «الشابو» لداخل البلاد، ونجحت القوات في إلقاء القبض على المتهمين وكانوا بحوزتهم ما وزنه 11 كيلو جرامًا من مخدر الشابو، وقدرت القيمة المالية للمواد المخدرة المضبوطة بحوالي 28 مليون جنيه تقريباً .

مصر مستهدفة:

لا شك أنه في ظل ما تحققه مصر والقيادة السياسية من نجاحات وإنجازات تصل إلى المعجزات خلال السنوات الأخيرة على المستويين الداخلي والخارجي، فان هناك حرب شرسة لتدمير أدمغة وعقول الشباب .

وقد كشفت أرقام وإحصائيات الأمانة العامة للصحة النفسية التابعة لوزارة الصحة حول معدلات الإدمان في مصر عن كارثة كبيرة لاسيما في السنوات الأخيرة، فقد كان المدى السني للإدمان يبدأ من سن 15 سنة لكن الآن هناك مدمنون في عمر 9 سنوات، كما تكشف الأرقام أيضا عن إقبال نسبة كبيرة من الفتيات على الإدمان، والكارثة الأخطر هنا تتمثل في الاتجاه للمخدرات المصنعة كالاستروكس والشبو لأن تأثيرها يفوق كافة أنواع المخدرات الطبيعية الأخرى .

لا شك أن هناك دور هام في التوعية من مخاطر مثل هذه المخدرات المدمرة للعقول فهناك أدوار مهمة لجهات مسئولة مثل وزارات التربية والتعليم والصحة والسكان والتضامن والمجلس الأعلى للإعلام والهيئة العامة للاستعلامات وكذلك علماء الاجتماع وأساتذة علم النفس وغيرهم الكثير، وذلك من خلال تكثيف الندوات وورش العمل حول مخاطر الإدمان، لأن المجتمعات لا تتغير ولا تنضبط بالشرطة ووزارة الداخلية فقط ولكن هناك أجهزة مسئولة عن تغير القناعات والسلوكيات لمتعاطي المخدر.

ولعل قرار فصل الموظف المدمن قرار صائب وبداية لحل هذه الأزمة، وننتظر تشريعا قويا لتاجري ومصنعي المخدرات بكافة أنواعها .

حفظ الله مصر وشعبها ..

Dr.Randa
Dr.Radwa