تعيش مصر ومعها العالم فى معنى مركب جديد لعلاقة الإرهاب بالثقافة، وعبرنا أربع مركبات للعلاقة بين الثقافة والإرهاب.
المعنى الأولى دينى ويضمن أن الثقافة تحتوى على عنصر إرهاب وسيتخدم فى الردع للدفع لاعتدال السلوك، والمعنى الثانى أخلاقى ويضمن أن الثقافة تحض على الإعداد الفردى أو الجماعى، بالتالى الإرهاب مضاد مباشر للحضارة والتعايش المشترك، والمعنى الثالث تنويرى ويتضمن أن الثقافة هى عملية تنويرية، يستخدم بها الارهاب لإجبار المجتمع على مستويات اعلى من الخلاص الإنسانى، أما المنعى الرابع له بعد حداثى يتضمن أن الثقافة لابد وأن تحض على تحرر الإنسان من الارتباط بالماضى بكافة أشكاله فى خضم هذه العملية الكبيرة ويستخدم الإرهاب كأداة للتحرر من التاريخ وممارساته.
هنا نطرح معنى جديد وهو ثقافة القدرة على التكيف فى نمط عولمى وأن الإرهاب يظهر كمؤشر للعزلة الفردية أو الجماعية والتى فى كثير من الأحيان ما تغلف بمنطق أيديولوجي ومذهبى. المعضلة الكبرى أن سرعة الأحداث تساعد على عدم التكيف، كما أن سرعة التمايز وتكوين الثروات تساعد على الشعور بعدم التاسب المجتمعى.
المجتمع الحديث المعاصر مجتمع فائق السرعة والإرهاب ينبع من ذات المكونات الاجتماعية التى كانت تعمل لصالح تعضيد النظام وهيكل الحياة اليومية، والمجتمع العاصر مجتمع معقد فائق التعقيد والإرهاب ينبع من ذات العملية التي تساعد على استمرار الحياة المجتمعية الحديثة كالتكنولوجيا .
والتكيف اصطلاح مستعار من علم البيولوجيا يعني أن الكائنات الحية تحاول أن تواجه العوامل الطبيعية التي تحيط بها لتقوى على متابعة الحياة والحيلولة دون فنائها بحيث تنشأ لديها خصائص تجعلها أكثر استعداداً للتلاؤم مع شروط البيئة المحيطة، فالنباتات في البلاد الحارة مثلاً تغطي أوراقها طبقة خارجية سميكة لتواجه عملية تبخر الماء ولتحتفظ به لأنها تحتاج إليه في عملية النمو والبقاء، كما أن الحيوانات في البلاد الباردة تتميز بفراء كثيف نسبياً لحمايتها من برودة الطقس والحفاظ على حياتها وبقائها، فبالنسبة لظروف البيئة الطبيعية نجد أن الإنسان قد تغلب على ظروف الحر الشديد بصنع أجهزة لتبريد الهواء كما تغلب على ظروف البرد الشديد بصنع أجهزة التدفئة كل ذلك كي يحفظ لنفسه شروطاً مناخية معتدلة تساعده على متابعة الحياة والعمل بنجاح لأن كلاً من قسوة البرد أو شدة الحر تعيق عمل الفرد عن العمل والإنتاج وهي وظائف أساسية على الفرد الإنساني أن ينجزها بنجاح، كما أن امتلاك الإنسان لخاصية العقل والوعي جعلت أمر تحقيق التكيف لا يتم بصورة غريزية فطرية كما هو حال النباتات والحيوان، بل لا بد من جهد عقلاني يبذله الكائن الإنساني للبحث عن الوسائل التي تساعده على تحقيق التكيف، ليحفظ بقاءه ويواجه مختلف الظروف البيئية التي تحيط به والتكيف من وجهة نظر علم النفس هو عملية ديناميكية مستمرة تهدف إلى إحداث تغيير في السلوك حتى تكون علاقة الفرد مع بيئته أكثر توافقاً وتلاؤماً وبإيجاز، التكيف هو قدرة المرء على تكوين علاقة ناجحة مع بيئته.
كما أن للشخصية الإنسانية محددات كذلك فإن لعملية التكيف محددات أيضاً وعوامل تؤثر في مسارها ويمكن تصنيف هذه المحددات في فئتين: المحددات البيولوجية للتكيف فإن جذورها ترتبط بما يرثه الفرد لأن لكل فرد بنية وراثية متفردة من الناحية البيولوجية، أي تختلف عن أي فرد آخر مهما كانت درجة قرابته إليه، وهذه البنية تحدد بدورها إمكانات الفرد وقدراته وهكذا يتبين أن العوامل الوراثية توفر البنية الأساسية لتحقيق النمو والتكيف لدى الفرد وإن أي نقص أو قصور في هذه البنية يولد آثاراً سلبية على عملية التكيف حيث تنهض مشكلات كثيرة تعطل عملية التكيف مثل الإعاقات الحسية أو العقلية، وهناك جانب آخر يتصل بالمحددات البيولوجية للتكيف وهي الحاجات البيولوجية للفرد في أربع حاجات رابطأً بينها وبين عملية التكيف وهي: الحاجة للطعام والماء والأوكسجين والنوم والإخراج وكل الشروط الأخرى اللازمة لاستمرار الحياة، وهنا تبرز الحاجة الجنسية وهى الإحساس والحركة من أجل التنبه الحسي والنشاط الحركي، كي تحقق الأجهزة الجسمية نموها ووظائفها لتحقيق السلامة حيث يتجنب الفرد كل ما يسبب الأذى أو الخطر الذي يتهدد كيانه الجسمي. إن هذه الحاجات البيولوجية هي التي تولد لدى الفرد الدافعية اللازمة للسلوك الإنساني وعلى الفرد السعي من أجل إشباعها آخذاً بعين الاعتبار ثقافة المجتمع ومتطلباته البيئية.
أما المحددات الثقافية للتكيف فهي ذات أهمية بالغة لأنها هي التي تسمح للفرد أن يحقق التكيف ضمن إطار المعايير والقيم السلوكية ويمكن أن نذكر أهم المحددات الثقافية للتكيف بما يلي: عليها (صعوبات التكيف) أو (ضغوط الحياة) وهذه الضغوط تكون مصدر تهديد للكائن الحي، في هذه الحالة يعمل الكائن الحي من جانبه على مقاومة هذه الضغوط لإزالتها والتغلب عليها فإذا حقق النجاح يحدث التكيف والنمو والتقدم، أما إذا أصابه الإعياء فإنه يواجه المتاعب.
أما علماء الاجتماع فقد فهموا التكيف بأنه قدرة الكائن الحي على أن يتواءم في سلوكه مع متطلبات البيئة الاجتماعية، وأن سوء التوافق في نظرهم يحدث عندما يفشل الفرد في تحقيق ذلك، ويؤكد "شايفر" أن مجرى حياة الفرد سلسلة من عمليات التوافق المستمر بحيث أن الفرد يضطر على الدوام إلى تعديل سلوكه وانتقاء الاستجابة الملائمة للموقف الذي يشمل حاجات الفرد النزاعة للتحقق والإشباع من جهة، وعلى قدرة الفرد على تحقيق ذلك من جهة أخرى، ولا بد أن يكون الفرد على قدر من المرونة حتى يستطيع أن يختار الاستجابة المناسبة للموقف ليحقق دوافعه، إن الشخص المتوافق هو الذي يستطيع أن يتخير الأساليب الملائمة لثقافة المجتمع الذي يعيش فيه كما يشير إلى أن هناك فروقاً بين الأفراد في قدرتهم على تحقيق التوافق.
من هذا المنظور نرى أن التكيف هو التوافق فهو يعني خفض التوتر وتخلص الفرد من القلق بصرف النظر عما إذا كان التوافق طيباً أم سيئاً، فالمهم هو خفض التوتر حيث أن الفرد الذي يسعى من أجل الحصول على الطعام ليطفئ جذوة الجوع نقول عنه إنه يقوم بجهد من أجل التكيف وعندما يصل الفرد إلى الطعام ويتناوله نقول إنه قد حقق التوافق بصرف النظر عما إذا كان قد وصل للطعام بطريقة مشروعة أو غير مشروعة، ولا شك أن هذا المفهوم للتوافق ما زال متأثراً بالمفهوم البيولوجي لأن الفرد قد حقق الإشباع في المثال السابق ولكن ليس لدينا ما يشير إلى أنه حقق خفض التوتر النفسي وتخلص من القلق لأن الذي يسرق لا شك في أنه ارتكب نشاطاً لا يساعد على التوافق التام، لأنه يمس العلاقة مع الآخرين كون السارق يسبب الأذى لهم وبالتالي فإنه لم يحقق التوافق التام.
أما مفهوم التكامل فهو مصطلح يعني الاتزان وتكاتف وتآزر طاقات الفرد في سبيل هدف معين، حيث يشير إلى أن التكيف في نظره هو مدى انسجام الفرد مع عالمه الذي يحيط به، أما التوافق فهو يعني التحرر من الضغوط والصراعات النفسية وكأن التكيف هو السلوك الذي يصدر عن الفرد في حين أن التوافق هو النتيجة التي يتوصل إليها الفرد نتيجة هذا السلوك.
إن التكيف يعني أن يغير الفرد سلوكه أو أن يغير ما في البيئة من شروط من يعتقد حتى يستطيع الفرد أو الإنسان أن يكون علاقة ناجحة بينه وبين البيئة، لهذا تقضي عملية التكيف من هذا المنظور أشكالاً مختلفة من السلوك: أن يغير الفرد سلوكه بما يناسب الموقف أي أن يكون على درجة من المرونة، أن يقلع الفرد عن سلوك سبق أن تعلمه عندما يتبين له أن هذا السلوك لم يعد مجدياً مثل سلوك العدوان أو الكذب أو العناد الذي يتكون عند بعض الأطفال نتيجة عمليات التنشئة الاجتماعية ،ويكتشف الفرد عندما يصبح في سن الطفولة المتأخرة أو المراهقة أن هذه الأساليب لم تعد كافية ولا تحقق الإشباع، أن يغير الفرد البيئة التي يعيش فيها حتى تحقق له الإشباع بطريقة أفضل كما يحدث عندما يحاول الفرد السعي من أجل إنشاء مدرسة أو شق طريق أو دعوة الناس للابتعاد عن المفاسد والشرور، كل ذلك لتكون البيئة أكثر ملاءمة له كي يحقق دوافعه وأهدافه.
هكذا يمكن القول إن التكيف مفهوم يستخدم عند البيولوجيين بمعنى كل تغير يطرأ على بنية أو وظيفة الكائن الحي كي يحافظ على حياته من مخاطر البيئة التي تحيط به، وعند علماء الاجتماع نلاحظ أن التكيف يعني تكوين علاقة ناجحة مع البيئة الاجتماعية والاتساق مع ثقافة المجتمع، ستجيب الفرد في مواقف الحياة المختلفة بأشكال متعددة وذلك يرتبط بالفرد نفسه وبمقدار ما يملك من خصائص وصفات شخصية كما يرتبط بالموقف ونوع الإحباط أو الصراع الذي يواجه الفرد، والضغوط التي تنتج وهذه كلها أنماط لأساليب التكيف التي يتبعها الفرد لمواجهة الموقف، إن الفرد سيء التوافق لأن أنواع السلوك التكيفي التي لجأ إليها لم تفلح في تحقيق الغاية وهي الوصول إلى حالة من الارتياح والرضا.
وهنا سنستعرض بعض الأفكار لإعطاء فكرة عن أنماط التكيف التي يلجأ إليها الأفراد خلال عملية تحقيق التوافق السوي:
1- السيطرة على الموقف والوصول إلى الحل
2- بناء الأسرة
3- التربية المدرسية
4- النظام الاجتماعي
5- الولاءات الاجتماعية
6- الظروف الاقتصادية والاجتماعية
7- الدين
وهذه المكونات ترتبط بعملية التنشئة الاجتماعية التي يخضع لها الفرد، أي أن أسلوب تكيف الفرد يتأثر بالوالدين وبنوع العلاقات التي يطورها الفرد وهي التي تسهم في مستوى التكيف وطريقة التكيف التي يسلكها الفرد .
بوجه عام يمكن القول إن التكيف مفهوم تطوري أي تتنوع استجاباته مع مستوى تطور الكائن الحي، إذ أن كل الكائنات الحية تسعى نحو تحقيق التكيف لاستمرار الحياة فكل الصعوبات التي تواجه الكائن الحي في سبيل تحقيق الحياة.
العلاقات التي يطورها الفرد وهي التي تسهم في مستوى التكيف وطريقة التكيف التي يسلكها الفرد .
بوجه عام يمكن القول إن التكيف مفهوم تطوري أي تتنوع استجاباته مع مستوى تطور الكائن الحي، إذ أن كل الكائنات الحية تسعى نحو تحقيق التكيف لاستمرار الحياة فكل الصعوبات التي تواجه الكائن الحي في سبيل تحقيق الحياة.