الأربعاء 27 نوفمبر 2024

مقالات

هل تعلمت الشعوب؟

  • 17-1-2022 | 22:45
طباعة

فى ذكرى يناير 2011 المأساوية التى تشير دائما إلى الخراب والدمار وضياع الدول.. وتورط الغرب فى إسقاط دول وتشريد شعوبها.. لابد أن نذكر الشعوب بمشاهد ما قبل وبعد المؤامرة وتداعياتها وكيف خدع الغرب الشعوب.. وتاجر بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان التى اتخذها أداوت لتزييف وعى الشعوب وتسببها فى اسقاط دولها بأياديها.. حتى باتت تعض أصابع الندم والحسرة بعد فوات الأوان وبعد أن أغلقت الدول المتآمرة أبوابها أمام الفارين من ويلات الإرهاب والفوضى.. فهل تأخذ الشعوب العظة والعبرة والدرس وتتحلى بالوعى الحقيقى والفهم الصحيح وألا تصغى لأكاذيب شيطان الغرب.. الذى يحلل لنفسه اتخاذ إجراءات حماية شعوبه ويحرِّمها على دول أخرى يتهمها بالقمع وتكبيل الحريات فى ازدواجية مريضة.. وتناقض شاذ.

 

 

 

«خلوا بالكم من أوطانكم».. الوعى الحقيقى والفهم الصحيح أهم أسلحة حماية الدول

أعتقد أن الشعوب أصبحت أكثر وعيا وذكاء وإدراكا لخطورة المساس بالدولة الوطنية ومؤسساتها وان الوعود الزائفة والكاذبة بالحرية والرفاهية هى مجرد أضغاث أحلام وكانت مجرد أداة للتغرير وخداع الشعوب التى باتت تندب مصيرها وتلعن الدول التى تآمرت على الوطن.

شهر يناير يحمل العديد من الذكريات المؤلمة والمأساوية التى اختطفت أحلام وتطلعات الشعوب فى مستقبل أفضل وإذا بها تغرق فى مستنقعات الفوضى والبؤس والخراب والدمار والتشرد فقد نجحت مؤامرة بعض الدول ذات الأطماع والأوهام فى تدمير وإسقاط دول كانت الوعود تحمل أزاهير الحرية والنعيم والديمقراطية والرفاهية لكن الواقع الذى أعقب المؤامرة وتداعياتها على الأرض.. وما تعرضت له الدول من تمزق وتفكيك لمؤسسات الدولة الوطنية كان شيئا مغايرا تماما.. فتحولت الدول التى غرر بشعوبها إلى بيوت أشباح غاب عنها الأمن والأمان والاستقرار وتوقف فيها أى نوع من ملامح الحياة فلا بناء ولا تنمية ولا حتى أمل فى المستقبل.

فى العراق وليبيا وسوريا واليمن والصومال كانت الحياة تبدو طبيعية.. الناس يعيشون فى أمن وأمان واستقرار حتى وإن بدت بعض المضايقات السياسية.. لكن فى النهاية هناك وطن يأوى ويحمى أبناءه.. لكن اللعب فى عقول الناس وتزييف الوعى والتآمر على الدول لتحقيق أهداف ومصالح وأطماع.. أو تنفيذ أجندات ومخططات أدى فى النهاية إلى سقوط الدولة الوطنية وإضعاف مؤسساتها.. فظهرت وطفت على السطح كل طيور الظلام وميليشيات الإرهاب والمرتزقة والخونة والعملاء الذين عاثوا فى الأرض فسادا وخيانة وإرهابا.. وأضاعوا على الناس أمنهم وأمانهم.. وبدا الخوف فى العيون والقلوب.. ولم يجد المواطنون سوى البحار والمحيطات مهما كانت المخاطر أو كوارث الغرق ليعبروها ليصلوا إلى بلدان الوعود الكاذبة والبراقة بحثا عن ملجأ أو مأوى أو إنسانية أو فرصة للحياة إلا ان هؤلاء المخادعين المتآمرين أغلقوا أبوابهم فى وجوه هؤلاء المخدوعين أو لقى هؤلاء المخدوعون حتفهم غرقا فى غياهب المحيطات والبحار قبل الوصول إلى بلدان المؤامرة.

الحقيقة أننا نطرح سؤالا لكل الشعوب التى دفعت ثمن الخديعة والمؤامرة.. ولم تحصد من المؤامرة والمخطط الشيطانى إلا أشواك الفوضى والإرهاب وضياع الدول.. هل وجدتم ما وعدكم المتآمرون حقا؟ أم أنكم حصدتم أشواك الندم على ما اقترفته أياديكم وعقولكم من مساندة أعداء أوطانكم فى تدميرها وتخريبها وإسقاطها.

الحقيقة ان الربيع العربى المزعوم.. كان ومازال بكل ثقة مؤامرة شيطانية.. ومخططا لقوى وأهل الشر أرادوا منه تفتيت الدول وإسقاطها وإضعافها.. لذلك هناك أسئلة كثيرة تطارد عقلى أولها هل فهمت الشعوب ملعوب الدول المتآمرة.. وماذا جنبت من وعودها؟ وهل هناك أمل فى العودة من جديد؟ وكم من ملايين البشر أو المواطنين فقدوا حياتهم أو أبناءهم وآباءهم واحباءهم.. وكم من الضحايا سقطوا ما بين قتيل ومصاب وهل مازالت البيوت تنعم بالأمن والاستقرار أم ان المؤامرة أودت بكل معانى الحب واللُحمة والترابط والأمان وهل عدتم تثقون فى دول الشر والمؤامرة ووعودها الكاذبة.. وهل عادت تغريكم أحاديث الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والنعيم  ما بعد إسقاط دولكم والإجهاز عليها؟ أم أنها مجرد تابوهات وألاعيب الشيطان ووسائل لتدمير الشعوب وابتزاز سياسى للدول لتركع تحت أقدام الأعداء؟ هل الحياة فى البيوت الآمنة المستقرة وسط الأبناء والأحفاد والأحباب أفضل أم الحياة فى معسكرات ومخيمات اللاجئين تتسولون مجرد لقمة عيش أو تسقطون فى يد تجار البشر والأعضاء البشرية وتنتهك أعراضكم وتفقدون أعز ما لديكم وهو الشرف والنخوة؟

ان الغرب المتآمر أفلح فى خداع الشعوب واغراها بالحرية المزعومة.. والديمقراطية الكاذبة.. والرفاهية الفشنك التى باتت مثل «السراب» الذى نبحث عنه ولا نجده.. ومازال الغرب يعيد الكرة لخداع الموهومين والمخدوعين ويحاول أن يصدر إليهم أحاديث الإفك والباطل من حقوق الإنسان وهم لا يعرفون عنها شيئا.. ولا تأخذهم رحمة بشعوب الدول التى سقطت يقتلون ويدمرون ويسرقون ثروات ومقدرات هذه الدول ويعيثون فيها فسادا وإرهابا.. ولا نية ولا تفكير فى إعادتها أو مساعدتها بل يسعدهم بقاؤها على نفس صور الدمار والخراب لك ان تتخيل ان العراق الذى كان زاخرا بالثروات غنيا بالموارد.. ثريا بأرصدة النفط لم يعد إلى سيرته الأولى قبل المؤامرة الغربية.. وعرف الإرهاب طريقه إلى الأشقاء وتوغل فى ربوعها ليختطف الأمن والأمان والاستقرار والاطمئنان وأصبح مرتعا للتدخلات الأجنبية غير المشروعة التى هى وباء ينهش فى جسد بعض دول الأمة.

هل تعلمون ان سوريا التى كانت مكتفية بثرواتها توفر مطالب شعبها تحتاج إلى 900 مليار دولار لإعادة الإعمار، مجرد إعادتها إلى سيرتها الأولى لكن من أين.. وكيف تعود سوريا ومازالت التدخلات الأجنبية تنهش فى جسدها والانقسامات والإرهاب وتحولت إلى ساحة لتصفية الحسابات والصراعات الدولية التى تريدها بنفس حالها مريضة مفككة مقسمة.. ولا عزاء لحقوق الإنسان أو عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول ولا صوت للقوانين والأعراف والمواثيق الدولية والأممية.

كم من السوريين طفشوا من بلادهم هربا من جحيم الإرهاب والدمار والخراب والصراعات الدولية التى لا ترحم كبيرا أو صغيرا.. طفلا أو رضيعا ونساء وعجائز.. لقد أضحت أطلالا.. هل أدركت الشعوب كلمة «خلوا بالكم من أوطانكم ودولكم».. انها العبارة العبقرية التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى، القائد العظيم الذى حقق لمصر  «الإنقاذ والإنجاز».. وانحاز لإرادة شعبه فى عزل نظام عميل وخائن أثبتت الأيام عمالته وتحالفه مع أعداء الوطن وتجارته بالدين وأحد أدوات المؤامرة الشيطانية.

«خلوا بالكم من أوطانكم ودولكم» رسالة و«روشتة» أقوى من أى سلام وأتذكر ان الرئيس السيسى، قال أيضا «اللى يحمى البلد دى مش الجيش والشرطة.. اللى هيمحيها شعبها» الكلمة أو العبارة تحوى معانى عبقرية من وعى وإدراك وفهم الشعوب لما يدور فى الداخل وما يحاك للوطن من الخارج لذلك فإن بناء الوعى هو أقوى سلاح يحصن عقول الشعوب من الأكاذيب والافتراءات ومحاولات تزييف الوعى أو خداعها بتابوهات وشعارات شيطانية عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان المزعومة وهم لايفهمون عن حقوق الإنسان أى شىء.. يتعاملون فى دولهم بكل عنف وحسم ضد أى محاولات تهدد دولهم ويحرمون على الدول الأخرى اتخاذ إجراءات حماية الأوطان والشعوب وتوفيرمطالبها واحتياجاتها فى حياة كريمة آمنة ومستقرة.. يصدرون لنا الأكاذيب والافتراءات وحملات التشويه مشبوهة تعبر عن جمعيات ومنظمات وأفراد لهم توجهات معادية للدول المستهدفة بالتشويه أو حصلوا على ثمن هذه التقارير وهم جاهزون للتشويه لمصلحة من يدفع أكثر.

ان اقتصار حقوق الإنسان على حرية التعبير والممارسة السياسية هو سلوك جائر ومعاد للمعنى الحقيقى والمفهوم الشامل لحقوق الإنسان.. فأين الحديث عن حق الشعوب فى الحياة الكريمة ومواجهة تحدياتها الاقتصادية والتهديدات الأمنية مثل الإرهاب والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وغيرها من الحقوق التى حققت فيها مصر جهودا خلاقة.. وأنجزت معجزة بكل المقاييس لمصلحة المواطن من توفير خدمات لائقة وحياة كريمة وتوفير حق العلاج والصحة والتعليم والعمل وحقه أيضا ان يطمئن ويأمن فى وطنه.

السؤال أيضا للمتاجرين بحقوق الإنسان أين حقوق الإنسان فى ليبيا التى تحتاج إلى 110 مليارات دولار لإعادة إعمارها.. وما موقف الغرب من حالة التفكك والانقسام والإرهاب والتدخلات الأجنبية غير المشروعة والسافرة والتى تطيح بكل الأعراف والقوانين الدولية ولا تعترف بسيادة دولة هى عضو فى الأمم المتحدة وانتشار ميليشيات الإرهاب والمرتزقة والمقاتلين الأجانب وعدم ترك الأمر للأشقاء الليبيين ليقرروا مصيرهم.

ان مصر تحاول تضميد جراح الدول الشقيقة التى تشهد أزمات ما بعد خريف «الخراب والدمار فى 2011» وتسعى إلى لم شمل الأشقاء.. وإعلاء المصلحة الوطنية لدولهم.. وعدم التدخل فى شئونهم.. وأن يقرروا مصلحة بلدهم.. ولعل استقبال الرئيس السيسى، بالأمس لوزير الخارجية الجزائرى رمطان العمامرة يجسد هذا الاهتمام الكبير من جانب مصر.. حيث تضمن اللقاء التباحث حول مستجدات الوضع فى ليبيا الشقيقة والتوافق على أهمية العمل على تحقيق الأمن والاستقرار وصون وحدة وسيادة ليبيا وتوحيد مؤسساتها الوطنية خاصة العسكرية والأمنية تعزيزا للجهود الدولية لإنهاء وجود القوات الأجنبية وخروج المرتزقة من الأراضى الليبية.

ليبيا دولة غنية بثرواتها ومقدراتها لكن هناك نوايا شيطانية من قوى الشر والتدخل غير المشروع والطامعين فى ثروات الدول.. ومن أدوات مخطط الفوضى.. لكن الحقيقة أيضا ان إرادة الأشقاء فى ليبيا هى كلمة الفصل وتوحيد الصف ولم الشمل وأن يكونوا على قلب رجل واحد هو أهم أسلحتهم.

السؤال المهم أيضا أين الدول المتاجرة بحقوق الإنسان من الدول التى ضاعت؟ ماذا عن موقف العراق وليبيا وسوريا واليمن والصومال وفلسطين؟ لماذا لم يتحرك هؤلاء للوقوف ضد غطرسة المحتل فى فلسطين و«بربريته» ووحشيته وحصاره للشعب الفلسطينى وانتهاكه للمقدسات الإسلامية والمسيحية أم أنها سياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير والابتزاز السياسى الصارخ فى محاولة لإسقاط الدول.

غزة على سبيل المثال تحتاج إلى 20 مليار دولار لإعادة الإعمار فأين الغرب من هذه الميزانية.. وأين حقوق الإنسان فى ظل الوضع المأساوى فى القطاع رغم تداعيات ومخاطر جائحة كورونا.. واليمن يحتاج إلى 30 مليار دولار فهل تحرك المتآمرون ودعاة حقوق الإنسان لإنقاذ الشعب اليمنى.

الحقيقة ان أعداد المواطنين الذين سقطت أوطانهم فى مخيمات ومعسكرات اللاجئين وصور الدمار والخراب والضياع.. وانتشار جماعات وميليشيات الإرهاب.. والتدخلات الأجنبية ووجود القوات الأجنبية على أرض دول ذات سيادة.. وعمليات السلب والنهب لثروات هذه الدول.. وحجم المعاناة والألم ومشاهد القتل والدماء.. كل ذلك إدانة فاضحة للدول الكبرى من الغرب التى تآمرت على دول كانت تعيش شعوبها فى أمن واستقرار.. تكشف المستور والتناقض والازدواجية من خلال التشدق بحقوق الإنسان ومعاناة وضياع ملايين المواطنين من شعوب الدول المنكوبة بفعل فاعل ومؤامرة الغرب.

ان درس يناير 2011 المرير والأسود كفيل أن يسكن ويترسخ فى عقول الشعوب وان الاستمرار فى إعادة هذه المشاهد والتذكير بالويلات والكوارث وما قبل المؤامرة وما بعدها جدير أن يبنى وعيا حقيقيا صلبا.. المهم ألا ننسى فى ظل مشاغلنا أن يفيد تذكير الناس وبالأخص الأجيال الجديدة بهذا الدرس.. ولابد من الإشارة الدائمة إلى واقع الشعوب المنكوبة حتى نأخذ العبرة والعظة ونمتلك الوعى والفهم ولا نسلم عقولنا لأعدائنا على طبق من ذهب.

الغريب ان من تآمروا على الدول التى ضاعت يحلِّون لأنفسهم ما يحرِّمونه على غيرهم فالولايات المتحدة أحالت عددا كبيرا ممن اقتحموا مبنى الكونجرس إلى المحاكمة بتهم التآمر وتهم أخرى خطيرة بعد أن تفننت قوات الأمن فى القتل والتنكيل والتعذيب والسحل على المتظاهرين خلال هذه الأحداث.. فى الوقت نفسه إذا اتخذت الدول الأخرى إجراءات حماية الأمن والاستقرار والحفاظ على هيبة ومقدرات الوطن.. قالوا ان هذه الإجراءات قمعية وانتهاك لحقوق الإنسان وقائمة طويلة من الشعارات والمتاجرات.. ازدواجية غريبة وانفصام وأكاذيب ومتاجرات وابتزاز سياسى رخيص.

هؤلاء متجردون من أى إنسانية.. أو أى شعور يتعاطف مع شعوب الدول التى سقطت على أياديهم وبفعل مؤامراتهم.. أغلقوا كل أبواب اللجوء إليهم أو مساعدة الفارين من ويلات الصراعات والتدخلات الأجنبية غير المشروعة فى بلادهم خوفا على مكتسباتهم ومقدراتهم ورفاهيتهم التى جنوها من دماء هذه الشعوب.

ان أحاديث حقوق الإنسان بلغة الغرب هى أحاديث الإفك وانها مجرد أدوات لابتزاز الدول وتدميرها ولابد ألا تستسلم الدول وشعوبها وتقف باصطفاف وشفافية وإرادة فى مواجهة هذه المؤمرات والمخططات.

 

تحيا مصر

أخبار الساعة

الاكثر قراءة