الثلاثاء 16 ابريل 2024

جماعات الشر تأبى أمان المجتمع

مقالات23-1-2022 | 16:42

أتابع بشكل معتاد أفعال وردود أفعال البشر في شتى المواقف، مبادراتهم بالأفعال الخيّرة والقول الحسن في الشوارع والطرقات، في أماكن العمل وأماكن التجمعات، أحب أن أمارس عادة التأمل في أقوال وأفعال المخلوقات وتحليل وتوقع ما تخفي ورائهما من نفوس طيبة أو أرواح فاسدة، نفوس غاضبة أو أرواح خبيثة تحمل الضغينة، فالقول المأثور يقول أن الوجوه عنوان أصحابها، والواقع يقول أنها مجرد مرآة زائفة يستخدمها أصحابها بسحب المواقف والأزمنة.

وعليه، ولأنني أتابع بتأني كل الطرق والوسائل التي تتبعها عناصر الجماعة الإرهابية وأتباعها ومناصريها والمتعاطفين معها -وهم بالمناسبة بالنسبة لي يقعون كلهم في سلة واحدة- فقد راهنت على رفضهم الاستسلام بسهولة لواقع هزيمتهم للأبد وانكشاف سترهم أمام مصر والعالم، هذا لأنهم لم يكونوا أبداً جماعة خير وبر وإحسان وفضيلة كما داوموا على الادعاء، بل جماعة لا تحمل في باطنها إلا كل خبيث وفاسد.

فإنه من السهولة بمكان أن نجزم ونقر بتغلغل خلاياهم النائمة ليس فقط في عدة مؤسسات حكومية خدمية وسلعية، بل إن خبث خلاياهم تخطى إلى حدود القطاعات الخاصة وأعمال الأفراد، ومنهم على سبيل المثال بعض العاملين بشركات تسيير سيارات خاصة لنقل المواطنين، فقد عايشت بنفسي على مدار أكثر من مرة استقللت فيها إحدى العربيات المملوكة لتلك الشركات، أصر سائقوها على تجاذب أطراف الحديث من مداخل مختلفة كلها تصب في خانة قصد إثارة الحنق والغضب من الدولة والنظام، ورغماً عن عدم تجاوبي معهم بل ونهرههم في كل المرات وترك تعليق بعد انتهاء الرحلة يفيد يأن ما حدث سهل تكراره مع العديد من الركاب دون رادع، ونفس الشيء علمته من العديد من الأصدقاء المداومون على استقلال سيارات خاصة لتلك الشركات، بالشكل الذي يجزم بنية القصد والترصد بل والتخطيط الدقيق.

هل يمكن توقع أو تخيل حجم تأثير بث سموم هؤلاء الخبيثون في أذن مستقلي 10 رحلات على مدار اليوم الواحد على أقل تقدير من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية والتعليمية والثقافية!! ليس لدي بالطبع أي تفسير يحمل نية عدم قصد أو أن الأمر وجد اعتباطاً أو بمحض الصدفة، فتلك الجماعة التي توغلت في أقاصي الأرياف والصعيد، هي ذاتها التي انتشرت داخل حرم الجامعات وداخل قاعات المحاضرات وسيطروا على كل الأنشطة الثقافية في الأسر والكشافة في الجامعات، وشرحه في النوادي الاجتماعية والكيانات الرياضية، لم يتركوا مجالاً إلا وطرقوا أبوابه وتغلغلوا في خلاياه كما السرطان اللعين.

لذا فتصوري أن خططهم المعتمدة على نظرية الانتشار التراكمي مازالت سارية بعدة أشكال ليست عبثية بل شديدة التنظيم والتعقيد كما عادتهم، ومنها طبعاً التأثير وبث السموم والشائعات ومن ثم إثارة حالة من الاحتقان الزائف استغلالاً لمناسبات بعينها وزعزعة استقرار المجتمع رغماً عن كل إنجازات الدولة على كل الأصعدة، وعلى رأسها الإنجازات المتعلقة بكل المجالات من أمن وتموين ونقل وطرق وإسكان وبناء قدرات الكوادر الشبابية، بخلاف النجاحات في الملفات السياسية والاقتصادية، وحتى الصحة والتعليم برغم أعباء ملفاتهم.

وبناءً عليه، فإن ندائي لا أوجهه إلا لأشباهي من القوم الإيجابيين كما أدعي، فصمت البعض في حالات مماثلة مما ذكرت يعد خيانة ضمير، وخذلان لكل القيم الإنسانية والدينية، فالصامت عن قول الحق لا يعي أن لسريان ضلال الخبثاء وقع يلتف ويعود عليه بالسلب يوماً ما بشكل أو بآخر.

وتحذيري لا أوجهه إلا لكل من اتخذ موقف المتخاذل أو المتقاعس، فنحن شعب الكنبة ذاته الذي انتفض لنجدة وطنه رغماً عن تهكمات العديدين ممن لا يملكون إلا آفة الكلام مع فعل يوضع في خانة الأصفار، لن نسمح باستمرار وباء الفتن وإثارة البلابل بين الحين والآخر، فقد وَعَينا الدرس جيداً إلى الدرجة التي أصبحنا معها متحصنين بجدار الوعي، ومتسلحين بسلاح العقل والمنطق والحُجة والقدرة على تنقيح الصالح من الطالح.

أمن المجتمع يبدأ من أمن الفرد، والفرد لن يأمن إلا في سياق مجتمع واعٍ على قدر من الإدراك الحقيقي لواقع الأمور الأساسية، والوعي هو قيمة وواجب إنساني، فالخالق لم يختصنا بنعمة العقل على سائر المخلوقات حتى نعطل معها قيمة الإدراك، بل علينا أن نجتهد ونسعى للفهم المتأني المتوازن العقلاني الذي يُغَلّب مصلحة المجتمع على كل المصالح الفردية، ومصلحة الوطن التي تعلو كل المصالح.

أدام الله نعمة الأمن والأمان على وطننا، وحفظ الله رجالنا البواسل من الشرطة المصرية والجيش المصري

وكل عيد شرطة مصرية وهم ونحن ومصر المحروسة بخير وسلام وأمان.

23 يناير 2022