احتجز جنود متمردون اليوم /الاثنين/ رئيس بوركينا فاسو روك كابوري في معسكر للجيش في انقلاب على مايبدو، بحسب مصادر متطابقة.
وجاء ذلك غداة يوم حام تخلله إطلاق نار وتمرد في عدة ثكنات وقواعد عسكرية في البلاد بالإضافة إلى مظاهرات لمدنيين داعمين للعسكريين المتمردين.
وقال مصدران أمنيان ودبلوماسي من غرب أفريقيا الاثنين إن جنودًا متمردين احتجزوا رئيس بوركينا فاسو روك كابوري في معسكر للجيش بعد إطلاق نار كثيف على منزله الليلة الماضية في العاصمة واجادوجو.
ونُظمت مظاهرات الليلة الماضية دعما للعسكريين المتمردين. وقطع متظاهرون طرقا عدة في العاصمة حتى فرقتهم الشرطة.
وذكر سكان ومصادر عسكرية أنه تم سماع "إطلاق نار كثيف" بدأ منتصف الليل واستمر خلال النهار في عدد من الثكنات في واجادوجو، بما في ذلك القاعدة الجوية، وفي كايا وواهيجويا في شمال بوركينا. وأفاد سكان منطقة جونجين في غرب العاصمة واجادوجو بوقوع إطلاق نار كثيف في معسكر سانجولي لاميزانا. وبعد ظهر الأحد، كان نحو 40 جنديًا موجودين أمام هذه الثكنة يُطلقون النار في الهواء قرب مئات الأشخاص الذين كانوا يحملون الأعلام الوطنية وقدِموا لدعمهم.
وأغلق جنود محيط هذه الثكنة التابعة لسلاح الجو، كما توقفت خدمة إنترنت الهواتف المحمولة أمس.
وفي تسجيل صوتي قال عسكري من ثكنة سانجولي لاميزانا، رافضا كشف اسمه، "نريد إمكانات تتكيّف مع مكافحة" الإرهابيين و"عديدًا أكبر" وكذلك "استبدال" كبار الضباط في الجيش الوطني. وطالب بـ"رعاية أفضل للمصابين" خلال الهجمات والمعارك مع الإرهابيين وكذلك لـ"عائلات الضحايا".
ولم يطلب هذا العسكري رحيل رئيس بوركينا فاسو الذي يتّهمه قسم كبير من السكان بأنه "عاجز" عن التصدي للجماعات الإرهابية. وأكدت مصادر عسكرية أخرى هذه المطالب، فيما كانت محادثات جارية بعد ظهر أمس بين ممثلين عن المتمردين ووزير الدفاع الجنرال بارثيليمي سيمبوريه، حسب مصدر حكومي.
وأطلقت الشرطة الليلة الماضية الغاز المسيل للدموع لتفريق حوالي 100 شخص تجمعوا في ساحة وسط واجادوجو دعما لتحرّك الجنود، وفق مراسل إحدى وسائل الإعلام الأجنبية في موقع الحدث. وأحرق مؤيدون للعسكريّين المتمردين لاحقًا مقر الحزب الحاكم في العاصمة قبل أن تُفرقهم الشرطة.
وعاد الهدوء إلى شوارع واجادوجو وثكناتها، لكن السلطات فرضت حظرا للتجول في البلاد اعتبارا من الساعة 20,00 (بالتوقيتين المحلي وجرينتش) اعتبارا من أمس و"حتى إشعار آخر"، فيما أعلنت وزارة التربية الوطنية في بيان أنّ المدارس ستُغلق الاثنين والثلاثاء في كل أنحاء البلاد. ويضم معسكر سانجولي لاميزانا سجنا عسكريا يقضي فيه الجنرال جلبير دياندير، المساعد المقرّب للرئيس المخلوع بليز كومباوري، عقوبة بالسجن 20 عامًا على خلفيّة محاولة انقلاب عام 2015. ويخضع للمحاكمة على خلفية دوره المحتمل في اغتيال الزعيم الثوري للبلاد توماس سانكارا عام 1987، خلال انقلاب أوصَل كومباوري إلى السلطة. وفرّ كومباوري الذي أطاحته انتفاضة شعبية عام 2014، إلى ساحل العاج، وتجرى محاكمته غيابيًا على خلفيّة الاغتيال.
وأكد وزير الدفاع الجنرال بارتيليمي سيمبور، في تصريحات متلفزة أن "أيًا من مؤسسات الجمهورية لا يُواجه اضطرابات في الوقت الحالي"، مشيرا إلى حوادث "محلية ومحدودة في بضع الثكنات". وشدد على أن التحقيقات جارية. وجاءت هذه التحركات في الثكنات غداة مظاهرات جديدة غاضبة نظمها سكان احتجاجا على عجز السلطات عن مواجهة أعمال العنف التي يقوم بها جهاديون في بوركينا فاسو.
ووقعت حوادث السبت في واجادوجو ومدن أخرى في البلاد، بين قوات الأمن ومتظاهرين تحدوا حظر التجمّع للاحتجاج على انعدام الأمن. وأعلنت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في بيان أنها "تتابع بقلق بالغ الأوضاع في بوركينا فاسو"، معربةً عن "تضامنها مع الرئيس روش مارك كريستيان كابوري ومع حكومة وشعب" هذا البلد.
وعلى غرار مالي والنيجر المجاورتين، دخلت بوركينا فاسو في دوامة عنف نُسبت إلى جماعات مسلحة إرهابية تابعة لتنظيمي "القاعدة" و"داعش". وتتكرّر الهجمات التي تستهدف مدنيّين وعسكريّين بشكل متزايد وتتركّز غالبيّتها في شمال وشرق البلاد.
وقُتل حوالي 2000 شخص، فيما أجبر العنف الجهادي حوالي 1,5 مليون شخص على الفرار من منازلهم في السنوات الماضية، وفق وكالة الطوارئ الوطنية "كوناسور".
وتُعد بوركينا فاسو الواقعة في غرب أفريقيا والتي لا تُطل على أية مسطحات مائية، بين أفقر دول العالم، ولم تتمتّع بكثير من الاستقرار منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960.