لعلها تريد مني شيئا لا أدركه، نظراتها تخيفني، تندفع نحوي بأطراف متصلبة، ما خفت منها قبل اليوم، تتحشرج الصرخات في حلقي، أناديها مستغيثا، صغيرا يصرخ جوعا بين زراعيها، نبع الحياة لم يعد يجري، حانية تأتيني، أخافها، هرم خوفي ولم أستطع الفرار، تتعاظم فى نفسى لحظة النهاية وعيناها تبتسم رعبا، أصرخ، أناديها، أفزع منها، أهرول إليها، تاهت كل المعالم إلا من ملامحها، هى ذاتها قبل أن ترحل و لكن قلبها مازال بعيدا، لم يطاوعها فى المجئ، رغما عنه أتتنى، أملا فيه أتيتها، تعالت ضربات قلبى فانتفض قلبها فى ثناياه البعيدة، تجمدت أطرافها، تحجرت نظرات الفزع.
احترقت هالات الخوف من حولى، همت ترحل، لاحقتها، توارت خلفى، سكنتنى، تخلت عن رغبتها و ما أتت به، صوتها ينادينى، صداه يملأ صدرى، أفتح عيناى، أراها من جديد، ابتسامتها كل صباح، تضمنى إليها، ألثم نبع الحياة فيها، تحنو أطرافها المتصلبة، أوراق زهرة ندية تلتف حول نفسها، مازلت غير قادر على الكلام، تعرف صرخاتى، تسمع صمتى وتفهمه، تدثرنى وأطرافى ترتعش، تنفخ كف يديها و تمسح وجهى، مازلت أشعر بدفئها، رحلت الأيام الندية وانتصف نهار العمر ومازالت تدثرنى، تغيرت الأزمان وتوارت الأجساد وبقى دفئ راحتها يسرى فى وجنتاى، أذهب معه فى ثبات عميق، أستيقظ له كبيرا وأرى ابنتى فزعة، تضمنى، تسقينى، تبتسم لى نفس ابتسامتها، تسألنى متلطفة بهرمى إن كنت أريد شيئا، أبتسم لها وأذهب فى ثبات .