الثلاثاء 14 مايو 2024

«ثورات الفوضى الخلاقة».. كتاب جديد عن مركز إنسان للصحفي ياسر الغبيري

غلاف الكتاب

ثقافة3-2-2022 | 19:34

عبدالله مسعد

صدر حديثًا عن مركز إنسان للنشر والتوزيع، كتاب جديد للكاتب الصحفي الكبير ياسر الغُبيري، والذي جاء تحت عنوان «ثورات الفوضى الخلاقة»، ليشارك به بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورتهالـ53.

 وكتب مقدمة الكتاب الدكتور حمدي النورج، أستاذ النقد وتحليل الخطاب بأكاديمية الفنون المصرية، والتي جاء فيها: «يبدو أننا انتقلنا لمرحلة جديدة في صناعة الفوضى والاستحواذ على مقدرات الشعوب، وإعادة ترسيم واقعيات جديدة. لقد قامت الثقافة بدورها قديمًا حيث معامل التحضين والتربية والإنتاج، وهزيمة الذات، والاستقلال التام لأفكار الآخر وطموحه الشره نحو الاستحواذ والكسب.

 
لقد فرض العالم واقعًا جديدًا في التفاوض المنقوص تحت مسمى وجود الحكماء الذين يرجحون ويرفضون الذين يملكون حق الفيتو، حتى ضاعت حقوق وسلبت أخرى، وقتل العديد من الأبرياء والضحايا، هذه لعبة موازنة تضمن مصالح الكبار، كانت اللغة سلاحًا خفيًا للسيطرة حتى ظهرت دوائر تحليل الخطاب، والتي اهتم بعضها بتفكيك الخطاب الاستعماري ثم الاستشراقي ثم لم يعد الكبار يهتمون أصلًا بما تقدمه هذه التحليلات، حيث دكت العواصم العربية الكبرى عنوة فلا حاجة إذن لفضح سياسات الكبار.


في هذا الكتاب، بانوراما توثيقية شارحة لأخطر مؤامرة تقسيمية تحت ما يسمى باسم «الشرق الأوسط الكبير»، التي قدم أفكارها النظرية برنارد لويس طموحًا للتسيد المستمر والاستحواذ الخفي المغلف.


لقد صاغ برنارد لويس المؤامرة وطرح مشروع التقسيمات القائم على أبعاد جغرافيا ونعرات إثنية واحتقان طائفي وعرقي، مستوثقًا في أن أخطر ما يودي بالمجتمعات الراسخة العتيقة هو انفتاح آفاق الصراعات الطائفية أو العرقية أو الحدود السياسية والجغرافية.

التاريخ الذي قدم فيه برنارد لويس نظريته ليس بعيدًا، وتعجب للأثر البالغ الذي تحركت به هذه الأفكار محدثة التغير المطلوب، في هذه النظرية رأينا كيف تتحرك الأفكار على الأرض وكيف يتأتى من رحم الفكرة فعل الانهيار، وربما فعل التدافع وربما فعل المقاومة والصمود بحسب آفاق المواجهة.


الظن أن حالة المواجهة، وإن كانت معلومة لكنها أصبحت خفية ومن اليسير أن ترجع العديد من الوقائع إلى جهة معينة دون أن تقدم دليلا مقنعًا لما تصرح به. التستر سيد الموقف وبه يتم فعل التغيير وحادث الفوضى الثورية لا يقل في خفائه خطورة عن غيره من الأحداث. يقوم الكتاب بفعل الإسناد والكشف عن الفاعل والمفعول وطرق الفعل وأطرافه دون انحياز. فعادة البحث الدقيق ألا ينحاز. وهذا من طبيعة الفعل الجيد، وإن كان مسموحًا له أن يمارس انحيازه المطلق تجاه وطنه وقضاياه. هذا الوطن الذي فطن للفعلة الخبيثة فوقف بالمرصاد والقوة. تحية لوطن واع برجاله، ولكل مثقف لا تحيد عيناه عن حقوق الوطن وخدمته.

بينما قال الكاتب الصحفي ياسر الغُبيري في تمهيد كتابه " ثورات الفوضى الخلاقة": كلما عَظُمَت الأحداث في تاريخ الأمم، كلما كانت التحولات سريعة ومتلاحقة على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وما من مجتمع يمر بتحولات كُبرى كأحداث الحروب والثورات، إلا وكان لهذه الأحداث تأثيرها على عاداته وتقاليده وسلوكياته، إن إيجابًا أو سلبًا، ولكن المُتحكّم في طبيعة هذه التحولات والمُحدد الأول لمسارها هو فهم ما حدث، لماذا وكيف حدث؟ وهو المُنطلق الأول الذي تبدأ الأمم على أساسه بناء طريق نهضتها بعد هزة عنيفة؛ سواء خارجية مثلما حدث مع اليابان في أغسطس 1945، حين قصفت الولايات المتحدة مدينتي هيروشيما وناجازاكي بالقنابل النووية، أو داخلية مثلما حدث في فرنسا إبان الثورة الفرنسية. وبطبيعة الحال مثّلت الثورات العربية نوعًا من التغيرات الكُبرى في العالم، حيث أعادت تشكيل الخريطة السياسية الدولية وما تضمه من تحالفات.


في العام 2011 اندلعت موجات ثورية في أغلب بلدان العالم العربي وهو أمر ليس من قبيل الصدفة، فمن غير المنطقي أن يكون هناك اتفاقًا بين شعوب هذه البلدان مجتمعة على أن يكون العام 2011 عام الثورات العربية. 


رغم هذا التحرك العربي المُتزامن، لم يكن مخططًا لهذه الثورات الشعبية بشكل جيد على الأرض من قِبل الشباب - الذين خرجوا بعفوية وتلقائية واندفاع لغايات ومطالب مشروعة - وكذا لم يكن لهذه التحركات رأس أو قيادة شعبية، لذا تحولت لتحركات فوضوية لم تأت بالنتائج المرجوة منها شعبيًا، وأصبح القتل والتدمير ثمرتها الآثمة التي تلقّفتها الجماعات المتطرفة التي طفت على السطح بشكل مفاجئ وسريع ومنظم في خضم الأحداث؛ وكأنها كانت تنتظر اللحظة المناسبة للظهور والإعلان عن نفسها. 


لذا بات المواطن العربي الذي نزل إلى الشارع والميدان، أملًا في الخلاص من نظام قامع ومؤرق، ساعيًا ومُطالبًا بنظام أكثر حكمة وعدالة، لا يعرف ماذا حدث، ولماذا تطورت التحركات الشعبية بهذا الشكل الدموي والهمجي؟ وبات السؤال يطرح نفسه، تُرى من المتسبب في هذه الفوضى الكُبرى؟


المواطن العربي البسيط – ربما لم يُمارس السياسة مُطلقًا – فتح ذراعيه للشوارع والميادين يحمل أمالًا عريضة في الوصول لحال أفضل مما كان عليه، مؤمنًا بالمقولات الكُبرى لهذه الثورات، (الحرية، والكرامة، والعدالة الإجتماعية) وزد عليها مفردة (عيش) التي هتف بها ثوار مصر دون غيرهم من البلدان العربية. 


هدأ الشباب الثائر، ورحلت الثورات وتركت خلفها أشباه أوطان وبقايا دول، ووقف المواطن العربي يُقلّب كفيه لا يعرف ماذا حدث، هل الثورات من فعل هذا بأوطانه وأحلامه أيضًا؟ هل مطالبته بحقوقه السبب في كل هذا الخراب والدمار؟ الإجابة المنطقية لا. ليست الثورات سببًا فيما حدث وما سيحدث، لا سيما إن كانت ثورات بيضاء، ترفع شعار السلمية وتبتغي أهدافًا نبيلة، قبل أن ينقض عليها المنتفعون وتُجار الدين والسياسة. إذن ما السبب؟ ومن المُتسبب فيما حدث؟».

Dr.Radwa
Egypt Air