السبت 11 مايو 2024

لحوم نباتية.. نظام غذائي جديد يفرض نفسه للحفاظ على الكوكب

زراعة اللحوم

اقتصاد8-2-2022 | 18:20

أنديانا خالد

سلط تقرير صادر عن مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء، بعنوان "نظام غذائي جديد يفرض نفسه" فهو يستهدف مع زيادة استهلاك اللحوم بشكل كبير، التوجه نحو ابتكار طرق جديدة لإنتاج اللحوم دون اللجوء إلى ذبح الحيوانات؛ لتقليل الطلب على اللحوم الحيوانية، وذلك في ضوء تطور التكنولوجيا والتقنيات الحديثة قد ظهرت اكتشافات جديدة أسهمت في الاستفادة من الموارد المتاحة على الكوكب بشكل أمثل، بل ومحاولة الحد من استخدام الأشياء التي تضر بالكوكب.

وأوضح تقرير مجلس الوزراء، إن إنتاج الغذاء العالمي أصبح يمثل أكبر ضغط يسببه البشر على هذا الكوكب؛ مما يهدد النظم البيئية واستقرار نظام الأرض نفسه، لذا فإطعام 10 مليارات شخص على الكوكب بحلول عام 2050 بنظام غذائي صحي ومستدام سيكون مستحيلًا دون تغيير، فلا بُد من إصلاح شامل لتغيير نظام الغذاء العالمي.

ففي حالة اتباع نظام الغذائي جيد من الممكن أن نتفادى أكثر من 11 مليون حالة وفاة مبكرة سنويًّا؛ حيث يعالج النظام الغذائي العبء العالمي للأمراض المرتبطة بالنظم الغذائية السيئة (بما في ذلك السمنة ونقص التغذية وسوء التغذية)، كما سيؤدي هذا النظام الغذائي إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

 استهلاك اللحوم حول العالم

وكشف التقرير أن ارتفاع استهلاك اللحوم بشكل كبير؛ انعكس على زيادة عدد الأبقار، حيث يتراوح عدد الأبقار بين 1.3 و1.5 مليار بقرة؛ مما أدى إلى استخدام ثلث الأراضي الصالحة للزراعة على كوكب الأرض حاليًّا لزراعة محاصيل علف الماشية، الأمر الذي شكل خطرًا على المناخ؛ حيث إن الماشية، وخاصة الأبقار، تطلق غاز الميثان بشكل كبير، ومن ثَمَّ تسببت الماشية في نحو 14.5% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم، ويتسبب غاز الميثان الناتج عن أفعال البشر فيما لا يقل عن 25% من الاحتباس الحراري.

 طرق جديدة لإنتاج اللحوم

لذا فقد تم ابتكار طرق جديدة لإنتاج اللحوم دون اللجوء إلى ذبح الحيوانات؛ لتقليل الطلب على اللحوم الحيوانية، فقد تم تصنيع اللحوم من النباتات بشكل كامل، كما تم تصنيع الألبان والجبن من النباتات، ووصل الأمر إلى استزراع اللحوم من الخلايا الحيوانية، وقد ساعد على ذلك أن هناك توجهًا شديدًا للأشخاص في الدول الغنية ليصبحوا نباتيين؛ ففي بريطانيا، تضاعف عدد النباتيين أكثر من أربعة أضعاف من عام 2014 إلى عام 2019، وفي الولايات المتحدة، ارتفعت مبيعات الأغذية العضوية -التي يَعدُّها الأفراد أفضل لأنفسهم وللبيئة- من 13.3 مليار دولار في عام 2005 إلى 56.4 مليار دولار في عام 2020، كما شهدت أوروبا ارتفاعًا مماثلًا.

الغذاء في عصر الأنثروبوسين

 ولفت التقرير إلى نظام الأنثروبوسين الغذائي الذي يتمتع به سكان العالم الأثرياء يُعدُّ مثيرًا للإعجاب، فإنه لا يخلو من التكاليف؛ فاللحوم رخيصة لأنها تنتج بقسوة شديدة، فهناك مليارات الحيوانات تعيش حياة قصيرة ومرهقة في كثير من الأحيان محشورة معًا في حظائر غير جيدة التهوية.

ويُطلق على العصر الحالي عصر الأنثروبوسين وهو وحدة غير رسمية للوقت الجيولوجي، تُستخدم لوصف أحدث فترة في تاريخ الأرض عندما بدأ النشاط البشري في التأثير بشكل كبير على مناخ الكوكب والنظم البيئية.

وهناك نظرية شائعة تقول إن حقبة الأنثروبوسين بدأت في بداية الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، عندما كان للنشاط البشري تأثير كبير على الكربون و الميثان في الغلاف الجوي للأرض، ويعتقد البعض الآخر أن بداية الأنثروبوسين يجب أن تكون عام 1945 عندما اختبر البشر القنبلة الذرية الأولى، ثم ألقوا قنابل ذرية على هيروشيما وناجازاكي حيث تم الكشف عن الجزيئات المشعة الناتجة عن هذه القنابل في عينات التربة على مستوى العالم، وفي عام 2016، اتفق مجموعة من العلماء المختصين أن عصر الأنثروبوسين بدأ في عام 1950 عندما انطلق التسارع العظيم، وهو زيادة كبيرة في النشاط البشري الذي يؤثر على الكوكب.

كما أن اللحوم، التي تُعدُّ من الكماليات بالنسبة لمعظم الناس عبر التاريخ، أصبحت متوفرة بأسعار ميسورة لدرجة أن معظم الذين لا يأكلونها بانتظام في العالم الغني يتخلون عنها باختيارهم وليس إجباريًّا، وأصبح كثير منها مُضافًا إليه إضافات كيميائية تقلل من عمر التلف، وتعزز نكهته.

كما تتسبب الأسمدة والمخلفات الحيوانية في تكاثر الطحالب التي تقلل الأكسجين بشكل أكبر من المناطق الميتة في البحار الساحلية (المناطق التي تنخفض فيها نسبة الأكسجين في المحيطات والبحيرات الكبيرة في العالم؛ بسبب التلوث المفرط الناجم من الأنشطة البشرية إلى جانب عوامل أخرى تستنفد الأكسجين المطلوب لدعم الحياة البحرية في قاع المحيط)، بالإضافة إلى أن هناك القليل من الأنشطة البشرية تنبعث منها غازات دفيئة أكثر من تربية الحيوانات، وخاصة الماشية، مثل قيام أصحاب المزارع بقطع مساحات شاسعة من الغابات.

كما أن المعالجة التي تجعل الطعام رخيصًا ولذيذًا ومسببًا للإدمان تزيل العناصر الغذائية بسبب إضافة الدهون والسكريات والملح.

 

طرق لتحويل نظام إنتاج الغذاء في العالم 

ونتيجة لذلك ابتُكِرت مجموعة من التقنيات كطرق لتحويل نظام إنتاج الغذاء في العالم ليس من خلال القيام بأشكال الزراعة القديمة بطريقة أقل قسوة وأكثر استدامة، ولكن عن طريق القيام بأشياء لم يتم القيام بها من قبل، وفيما يلي نستعرض بعض هذه المنتجات الجديدة:

أولاً: منتجات ألبان نباتية

كان الحليب المصنوع من فول الصويا والنباتات الأخرى حتى وقت قريب أمرًا غير شائع يستهلكه بشكل رئيس النباتيون والذين لا يتحملون مادة اللاكتوز، حتى أصبح يتم بيعها الآن في محلات القهوة، ويتم وضعها على الرفوف في ممرات البقالة حول العالم، ويُعدُّ ذلك أمرًا جيدًا لأولئك الذين لا يستطيعون هضم حليب البقر، والذين يمثلون غالبية سكان العالم، كما تُعدُّ هذه أخبار جيدة لأصحاب المقاهي؛ فالحليب النباتي أكثر ربحية من الأنواع التي تعتمد على البقر، وفي عام 2020، استحوذ الحليب النباتي على 15٪ من سوق الحليب في الولايات المتحدة من حيث القيمة.

ثانيًا: لحوم نباتية ومستزرعة

مؤخرًا بدأت بعض الشركات في إنتاج لحوم من النباتات بشكل كامل دون حاجة إلى ذبح الحيوانات، وذلك من خلال عزل البروتينات من النباتات، عن طريق تقشير البقوليات مثل فول الصويا أو البازلاء، وطحنها، ثم يتم خلط البروتين المعزول مع مواد رابطة مثل نشا البطاطس، والدهون مثل زيت جوز الهند والملح والنكهات الأخرى؛ بحيث تقارب مظهر لحوم الحيوانات وطعمها وملمسها.

قامت شركة Impossible، في إطار تطويرها للحوم النباتية ومحاولة جعلها تبدو مثل اللحوم الحيوانية، بإضافة مكون يُسمَّى الهيم، وهو جزيء على شكل حلقة مع ذرة حديد في داخله، يضيف إلى البرجر اللون والنكهة مثل البرجر البقري.

عندما يتم طهي اللحوم، فإن الهيم الذي بداخلها يحفز مجموعة واسعة من التفاعلات الكيميائية بين الجزيئات الأخرى في اللحم؛ مما ينتج مجموعة مميزة من النكهات والروائح التي لا يمكن الحصول عليها بأي طريقة أخرى.

وعلى الرغم من أن النباتات لا تحتوي على دم ولا عضلات، استطاعت الشركة استخراج الهيم منها؛ حيث يَنتج فول الصويا في جذوره بروتينًا يحمل الهيم يسمى ليجيموجلوبين، ومن ثم استطاعت شركة Impossible أخذ الحمض النووي من نباتات فول الصويا وإدخاله في الخميرة المعدلة وراثيًّا ثم تخمير تلك الخميرة وإضافتها إلى البرجر؛ مما يمنحه مظهرًا "دمويًّا" ونكهات مميزة عند الطهي.

إنتاج دجاج بشكل كامل في المختبر

وقد قامت شركة Upside Foods بإنتاج دجاج بشكل كامل في المختبر؛ حيث أخذت عينة نسيج (خلية جذعية) من دجاجة حية، وقد تم استخدام تلك الخلايا التي تم جمعها لتشكيل "خط خلية" (مزرعة لخلايا حيوانية يمكن أن تتكاثر بشكل لا نهائي) تستطيع الشركة من خلاله إنتاج لحوم تبدو رائحتها ومذاقها مثل قطعة دجاج خالية من العظم تمامًا إلا أنها أُنشِئت باستخدام وسائل جديدة.

اللحوم المزروعة 

تعد اللحوم المزروعة أو المستنبتة ذات درجة نقاء عالية؛ حيث لا تتعرض لحوم الأسماك المزروعة في مفاعلات حيوية معقمة للجسيمات البلاستيكية الدقيقة والزئبق والملوثات الأخرى التي غالبًا ما توجد في المأكولات البحرية البرية، وكذلك الدجاج المصنع لا يتلامس أبدًا مع البراز، وبالتالي يقضي على مخاطر السالمونيلا، فعدم وجود حيوانات يعني عدم وجود فرصة لعبور مسببات الأمراض الحيوانية إلى البشر، سواء في المزرعة أو السوق أو المسلخ أو المطبخ أو غرفة الطعام.

Dr.Radwa
Egypt Air