شاركت بعثة مصر لدى الأمم المتحدة في جنيف في الندوة التي نظمها مكتب المفوضة السامية لحقوق الإنسان، حول التأثير السلبي لعدم استرداد الأموال المنهوبة على التمتع بحقوق الإنسان.
ألقت الكلمة الافتتاحية في الندوة المفوضة السامية لحقوق الإنسان "ميشيل باشليه"، وشارك فيها العديد من الخبراء الدوليين من المنظمات الدولية وممثلي الدول ومنظمات المجتمع المدني.
تم تنظيم الندوة بناء على مبادرة مشتركة لمصر وتونس وليبيا في مجلس حقوق الإنسان، وحظت بدعم وتأييد من المجموعتين الأفريقية والعربية، لإبراز الصعوبات التي تواجهها الدول النامية في استعادة الأموال المنهوبة من الخارج وتحديد أماكنها، وعدم تعاون السلطات المعنية في الدول المختلفة وغياب الإرادة السياسية في هذا الشأن، فضلاً عن الإشارة إلى ما تؤدي إليه من خسارة البلدان النامية لأموال ضخمة من مواردها، مما يَحُد من قدرات تلك الدول على تعبئة الموارد المحلية من أجل التنمية المستدامة.
وأكد السفير د. أحمد إيهاب جمال الدين، مندوب مصر الدائم في جنيف، في بيان مصر خلال الندوة أن تدفقات الأموال المتأتية من مصادر غير مشروعة إنما تحرم البلدان من الموارد اللازمة لإعمال حقوق الإنسان، بما في ذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولا سيما الحق في التنمية، بما يهدد الاستقرار والتنمية المستدامة للدول ويقوض قيم الديمقراطية وسيادة القانون.
في هذا السياق، أبرز المندوب الدائم أن مصر قد نجحت في تنظيم الدورة التاسعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في ديسمبر ٢٠٢١، وهو الحدث الأكبر على المستوى الدولي الذي يجمع الدول والبرلمانيين والمنظمات الدولية والإقليمية وغير الحكومية والمجتمع المدني والقطاع الخاص، لبحث القضايا المتعلقة بمكافحة الفساد. وأضاف أن المؤتمر حث الدول على إيلاء أولوية لجهود استرداد الأموال المنهوبة واتخاذ تدابير لتعزيز التعاون الدولي في هذا الشأن، بما في ذلك من خلال المساعدة القانونية المتبادلة، لضمان محاسبة مرتكبي جرائم الفساد على هذا السلوك وحرمانهم من التمتع بعائداته.
أضاف جمال الدين أن هذه الأموال مطلوبة بشكل عاجل أكثر من أي وقت مضى من أجل تطوير وإعمال جميع حقوق الإنسان، خاصة في البلدان التي تمر بمراحل انتقالية. وطالب الدول التي تحتضن ملاذات آمنة للأموال المنهوبة بإعادة تلك الأموال دون مشروطية وفقاً للاتفاقيات الدولية ذات الصلة، والعمل على توفير الدعم الفني للدول النامية في هذا الصدد.
وكشفت الندوة عن العوائق الهائلة الموجودة أمام الدول النامية لاسترداد أموالها المنهوبة. وأبرز المشاركون الزيادة المضطردة لإجمالي الأموال المنهوبة على مستوى العالم بما يفوق المساعدات التنموية المقدمة من الدول المتقدمة إلى الدول النامية، مشددين على أهمية معالجة تلك المعضلة في أسرع وقت ممكن في ظل مرور العديد من دول العالم بمراحل انتقالية، بالإضافة إلى التداعيات السلبية لجائحة كورونا على اقتصاديات الدول النامية. وتناول المشاركون من الهيئات المعنية باسترداد الأموال من مختلف دول العالم، ومن بينها مصر، تجاربهم في عمليات استرداد الأموال المنهوبة والعوائق التي يواجهونها، مبرزين ضرورة استمرار تناول مجلس حقوق الإنسان للأثر السلبي لتدفقات الأموال المنهوبة على حقوق الإنسان.
كما استعرض الخبراء البيانات الخاصة بحجم الأموال المهربة على المستوى الدولي منوهين إلى أثر التكنولوجيا الحديثة على تيسير عملية تهريب الأموال إلى الخارج. وأبرزوا أهمية التزام المؤسسات المالية الدولية والبنوك بالشفافية، مع حث الدول على ضمان تعاون المؤسسات المالية التابعة لها واستجابتها للطلبات المقدمة من جهات أجنبية بتجميد واسترداد الأموال المتأتية من مصادر غير مشروعة، مع الإشارة إلى أهمية تشديد الرقابة على البنوك والمؤسسات المالية في هذا الإطار.
وأكد المشاركون أهمية قيام المنظمات الأممية المعنية بتنسيق الجهود لصياغة قواعد إرشادية دولية لعملية استرداد الأصول المهربة لتساعد على سرعة استعادة الدول لتلك الأموال والأصول وتعزز من التعاون الدولي في هذا الصدد، حيث أبرزت الندوة أن غياب تلك القواعد إنما من شأنه تعزيز محاولات بعض الدول للتهرب من الوفاء بالتزاماتها، سعياً لمصالح اقتصادية قصيرة الأجل، وبما يعيق جهود مكافحة الفساد على المدى الطويل، لا سيما في الدول النامية، ويعرقل جهود تعزيز وحماية حقوق الإنسان في تلك الدول.