وتدور بها الأحداث لتعيدها من جديد إلى خط النهاية! هذا الخط الذى طالما توقعته من قبل، وأنكرته بقلبها لأجلهم. كانت كل كلمة منهم تحكى لها نهاية القصة باختصارٍ من قبل بدايتها، ولكنها أبت كعادتها أن تسمع، وأن تجيب؛ فهى التى تفاخر دومًا بأنها الوحيدة التى نجحت فى جمع فنون العناد من أقصى الأرض، وامتلكتها! كنت أهمس لها ناصحة أن تبتعد، ولكنها خلقت عاشقة للرفض؛ ففى داخلها طفلة مشاكسة تأبى أن تكبر، تنكر سنوات عمرها التى مرت عليها فى تحدٍ لا تعترف بها، ولا تريد.
كانت الخطوات إليهم ثقيلة، والتضحيات كبيرة، ولكنها لم تسمع، ولم تعقل! كم حذرتها من هؤلاء الحاملين لعبارات الزيف، والكذب! الملتفون من حولها المستغلون لكرم خلقها. كم أخبرتها، وناديتها، وهى أبدًا لا تجيب. تجذبها خطوطهم الوهمية. يسعدها العدو خلف سراب ألوانهم الخادعة. غزلت من كلماتهم خيوطًا، ونسجت منها أحلامًا وردية! حملت لهم كل مالديها من ثقةٍ فى قارب إبحارها لتبدأ الرحلة لأجلهم من جديد.
كانت الأمواج تتلاطم، فترفعها تارة، ثم تسقطها تارةً أخرى. تضحك عاليًا، وتظن أن الأمر مجرد مزحة، فالكلمات المغلفة بأوراق الحلوى كانت تخدرها، وتمنحها سعادة وهمية! مازالت فى مقعدها البعيد جالسة منتظرة لحظة سقوط الأقنعة! اخبروها أن العرض قد انتهى! أخبروها لأجلى أن تفيق من ضلالتها. أن تقوم من عثرتها. انصحوا لها من قبل أن تهلك. أبلغوا تلك العنيدة بأن انسحابها واجب الآن، وعليها أن تعود.
نبئوها أن انسحابها سيعد نصرًا. علموها أن القلوب الطاهرة، والنفوس الراقية لم تعد كما هى، فالأخلاق فى معركة الفوضى تتناحر هناك! قفوا إلى جانبها حتى تتخطى محنتها. ساعدوها فى العودة لمحرابها الكائن فى قلب الصحراء! اخبروها أن للصحراء قلب حنون، وبأنها لم تعد قاسية كما كانت! صحراء اليوم أصبحت تتقلد بقلادة أم حانية! أم تذوب، وتفنى من أجل الحفاظ عليها، وعلى غيرها! ادعوها أن تستيقظ من غفلتها. كونوا إلى جوارها، وهى تنتقى من يسكن قلبها، فلم يعد فى العمر متسع لها أن تكرر أخطاءها من جديد.