الإثنين 13 مايو 2024

حادثة قلب

مقالات13-2-2022 | 14:01

كثيرا ما نقرأ عن كيفية التعامل مع الحوادث وما الإجراءات التي يجب علينا اتخاذها في حالة حدوث الإصابات المختلفة التي يمكن لأي منا التعرض لها لكن نادرا ما  يلتفت البعض إلى حوادث القلب ولا  أقصد هنا الجلطات أو انسداد الشرايين أو السكتات المفاجئة لا قدر الله لكن أقصد هنا الحوادث العاطفية التي لا يوجد بها إحصاء ولا يملك لها أحد توقعا أو تحسبا فعلى حين غرة يصاب القلب بالسكتة العاطفية التي سرعان ما تحوله من عضو قائد بالجسد يحلم ويشعر ويحلق ويغوص في الخيال إلى مجرد مضخة تنقبض وتنبسط في أداء روتيني ليصل الدم إلى مختلف الأعضاء بل يتحول فجأة إلى عضو ثقيل بتنهداته وأعبائه النفسية وكم من قلوب حولنا يسير أصحابها وهم ينزفون بلا التفات أو حتى تعاطف أو مساندة.

إن الحادث العاطفي هو الحادث الوحيد الذي لا يشعر به أحد إلا المصاب به فعادة يكون من صدمك غير ملتفت أو يكون قاتلا محترفا لا يعبا كثيرا لأحزانك.

ومهما تعددت النصائح من قريب أو غريب يعيش صاحب الحادث العاطفي ليالي طويلة يتألم بلا أنين مسموع ويصرخ عاليا في صمت غير ملحوظ إلى أن يتغمده الله بنعمة النسيان العلاج الوحيد الناجح لمثل تلك الحوادث المؤلمة.

لكني قرأت روشتة قد تساعد قليلا المصابين بالنزف العاطفي الحاد أود أن اشارككم بها لعلها تنفع قلب وحيد حزين.

في البداية يجب أن نتعلم جميعا فن التفريغ وكيف تفرغ كمية الطاقة السلبية في أعماقك فالفضفضة غالبا ليست حلاً، بل مدعاة لشماتة شامت أو انتقاد حاقد وهنا خذ وقتك بالبكاء والحزن لفترة كخطوة أولى ولا تخجل من فعل ذلك.

ثم انتقل إلى مواجهة البرمجة السلبية لأفكارك فالصدمة العاطفية قد تبرمجك برمجة سلبية بحيث تجعلك تفقد الثقة بالجميع  وهذه البرمجة تؤثر على قراراتك وحياتك وسببها خوف عميق بالداخل تكوّن من الصدمة العاطفية التي مازالت عالقة بمشاعرك وتؤثر في سلوكك وبمجرد وعيك وانتباهك لها، يقلل من تأثيرها عليك.

ثم يأتي دور الصمت والتأمل وفي هذه الخطوة يجب أن تبتعد عن الكل ..عن كل شيء وهذا يحتاج وقتاً، فالصدمة العاطفية مثل الجراحة العميقة للقلب يجب بعدها أن تقلل حركتك وكلامك وتستغرق بالصمت والتأمل.

وابتعد بلا تردد عن الذكريات وحاول في هذه المرحلة البدء بقطع كل شيء يذكرك بمحبوبك من أغانٍ وصور وذكريات ثم حاول التصالح مع ذاتك وعدم وضع اللوم أو التقصير فيك، وتذكر أن الله يريد لك الخير دائماً.

ودع الماضي جانبا وابدأ في التفكير بالمستقبل وخطط لانطلاقة جديدة لذاتك والاستمتاع بالحياة وتفاصيلها فالحياة ولا تقف على ماضٍ ميت لذلك أعد ترتيب نفسك وحاول الاستفادة قدر المستطاع بشكل واعٍ يجعل حياتك أفضل.

هذه هي الإسعافات الأولية التي يجب على كل صاحب قلب مجروح اتباعها حتى يتجنب التداعيات السلبية لجرح لا يراه أحد غيرك ولا يكترث له أحد غيرك وعادة ما تمر الأيام سواء وفق هواك أو غير ذلك ستمر ستمر فلا تستغرق طويلا في محطة الندم أو العودة إلى مربع اللوم لإحياء ما تظنه لم يمت فالقلب الذي ينجو من الجلطة أو ضيق الشرايين لا يعود إلى كفاءته الأولى وكذلك قلب المحب إن توقف للحظات يعود لكنها عودة محفوفة بالمحاذير من الخوف من انتكاس جديد قد يودي حينها إلى موت حقيقي إكلينيكي لا عودة منه إلى الحياة مجددا.. وقانا الله وإياكم من تقلب القلب فما سمي قلبا إلا من كثرة تقلبه وفي كل حركة له يقذف بالضحايا في الطرقات.

Dr.Radwa
Egypt Air