أعلنت النيابة العامة نتائج تحقيقاتها في واقعة العثور على جثمان المتوفى "مينا" طافيًا بمياه محطة للصرف الصحي بدائرة قسم حدائق أكتوبر، والتي أكدت استبعاد شبهة ارتكاب أي جريمة من جرائم التعدي عليه قبْل وفاته، وانتفاء الشبهة الجنائية فيها.
وأشارت التحقيقات إلى أن الوفاة حدثت نتيجة إسفكسيا الغرق؛ لرجحان سقوطه في مياه الصرف عرَضًا خلال سيره بالطريق العام؛ لإصابته بضعفٍ في الإبصار.
وكانت التحقيقات قد بدأت منذ بُلّغت النيابة العامة بالعثور على الجثمان يوم التاسع والعشرين من شهر يناير الماضي، واستمرت حتى مساء أمس السادس عشر من شهر فبراير الجاري لقرابة ثمانية عشر يومًا تضمنت مناظرة الجثمان، ومعاينة مكان العثور عليه، والتحفظ على تسجيلات آلات المراقبة به ومشاهدتها، وسؤال اثنين بمحطة الصرف هما اللذان عثرا على الجثمان، وسؤال والد المتوفَى، وصديقه، ورَبِّ عمله، وزملائه بالعمل، وسؤال معاون رئيس جهاز مدينة حدائق أكتوبر، والاطلاع على خرائط قدمها للبالوعات المؤدية للمحطة محل العثور على الجثمان، وكذا إجراء الصفة التشريحية على جثمان المتوفى، وسؤال الطبيب الشرعي الذي أجراها، والاستعلام عن الشريحة الهاتفية المعثور عليها بهاتف بحوزة المتوفى وقت انتشال جثمانه، وسماع شهادة مسئول بالشئون القانونية لشركة الاتصال منتجة الشريحة، فضلًا عن إجراء تحريات جهة البحث حول الواقعة وسماع شهادة مجريها.
حيث كُرّست التحقيقات منذ ورود بلاغ العثور على الجثمان لبيان حقيقة شبهة ما كان مثارًا بالأوراق وما تداولته بعض مواقع التواصل الاجتماعي مِن قتل المتوفى أو ضربه بصورة أفضت لموته، ثم إلقائه بمياه الصرف، حتى انتهت بزوال تلك الشبهة لعدة حقائق أبرزها انتهاء تقرير مصلحة الطب الشرعي إلى خلو الجثمان من أية إصابات سوى اثنتين بالفخذ والإلية غير كافيتين لإنهاء حياته، وهما جائزتا الحدوث من مثل سقوط المتوفى في محطة الصرف الصحي، فضلًا عن خلو الجثمان من أي آثار به تشير إلى وجود تعذيب بدني أو عنف جنائي، أو تقييد للمتوفى قبل وفاته، بما يقطع بعدم وجود شبهة جنائية في الوفاة، وأنها حدثت نتيجة ( إسفكسيا الغرق )، الأمر الذي توافق مع شهادة مسئولَيْ محطة الصرف اللذين عثرا على الجثمان طافيًا على سطح المياه في منطقة بالمحطة تتجمع فيها المياه من أكثر من مِئَة مصرف، حيث تأكدت النيابة العامة -من اطلاعها على الخرائط المقدمة من معاون رئيس جهاز مدينة حدائق أكتوبر، الخاصة بمناطق البالوعات المشار إليها- أن إجمالي عددها يبلغ مائة وعشرين (١٢٠) بالوعة، فضلًا عما أكده المعاون المذكور من أنّ قُطر أي واحدة منها يتسع لمرور الجسد منه.
هذا، وقد عَزّز التصور المشار إليه ما ثبت بتقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي من سلبية العينات المأخوذة من المتوفى، بما يؤكد عدم تعاطيه أي سموم أو مُخدِّرات أو مواد ضارة قد يُظَن إعطاؤها للمتوفى لإفقاده الوعي للتمكن منه أو إحكام السيطرة عليه على نحو ما أثاره والده وصديقه دون تقديمهما داعيًا أو مبررًا منطقيًا لهذا الاشتباه، فضلًا عن أن تحريات جهة البحث قد أكدت أن الوفاة تُعزى للسقوط عرَضًا في إحدى بالوعات الصرف الصحي؛ لما كان يُعانيه المتوفى من ضعفٍ في الإبصار، وهو الأمر الذي أكده صديقه خلال شهادته في التحقيقات، وكذلك أيدته سائر الأدلة والقرائن بالأوراق، والتي توصلت إليها النيابة العامة من تحقيقاتها، وكان من أبرزها أن الشريحة الهاتفية المعثور عليها بهاتف كانت في حوزة المتوفى وقت انتشال جثمانه قد ثبت انقطاعها يوم تغيب المتوفى ٢٤/١/٢٠٢٢، وعودتها للعمل يوم العثور عليه ٢٩/١/٢٠٢٢ وقتما حاول ضابط الواقعة تشغيل الهاتف بعد العثور على الجثمان حسبما شهد في التحقيقات، وأن الشريحة في يومي الانقطاع وعودة عملها كانت بنطاق برج التغطية المجاور لمجمع حي الأشجار السكني، وهو ما يؤكد التصور الذي انتهت إليه النيابة العامة في التحقيقات من انتفاء شبهة الاعتداء على المتوفى قبل موته.
وختامًا، فإن النيابة العامة قد لحظت عن كثب ما تم تداوله بمواقع التواصل الاجتماعي خلالَ الفترة السابقة من شبهات حول الوفاة، وتناولتها بالعناية اللازمة، وأجرت تحقيقاتها حولها حتى انتهت إلى النتيجة المعروضة، فهي لذلك تهيب بالكافة إلى الالتزام بما انتهت إليه التحقيقات وأعلنت عنه النيابة العامة بشفافية في بيانها هذا، والإحجام عن إثارة مزيد من الشبهات أو الشائعات دون مبرر واضح أو سند يقدم إلى جهات التحقيق، مؤكدة أنها ستمضي في تحقيق أي دلائل قد تظهر لاحقًا تغير من النتيجة التي انتهت إليها التحقيقات، متى اقتضت الضرورة لذلك، ووافقت صحيح القانون.