بقلم – اللواء. محمد إبراهيم
تولى الرئيس السيسى مقاليد الحكم فى مرحلة يمكن توصيفها بأنها أحد أخطر المراحل التى مرت بها مصر فى التاريخ الحديث حيث شهدت العديد من المتغيرات والتعقيدات التى أثرت بشكل مباشر على الأمن القومى المصرى على المستويات الداخلية والإقليمية والدولية، والتى كان من الممكن أن تؤدى بالدولة المصرية إلى الوقوع فى براثن تهديدات حقيقية مؤثرة ومتواصلة كان من الصعب الخروج منها لولا يقظة الشعب المصرى وقيادته الواعية وجيشه العظيم .
وقد شهدت هذه المرحلة تصاعد ظاهرة الإرهاب بشكل غير مسبوق وتنفيذ الجماعات الإرهابية العديد من العمليات فى الداخل وخاصة فى منطقة شمال سيناء،بالإضافة إلى تردى الأوضاع على الجبهة الشرقية وتحديداً فى المنطقة الحدودية الموازية لقطاع غزة،كما كان الموقف أكثر من سيئ على الجبهة الغربية ليس فقط على المنطقة الحدودية الممتدة لأكثر من ألف كيلومتر مع ليبيا، ولكن أيضاً بالنسبة للجماعات الإرهابية المتواجدة فى داخل ليبيا والتى وجهت عملياتها ضد مصر،ناهيك عن التهديدات الموجهة للأمن المصرى المائى من جراء بناء سد النهضة الأثيوبى .
اعتمدت القيادة المصرية فى مواجهة هذه التحديات والتهديدات على ستة مبادئ رئيسية نوضحها على النحو التالى : -
تسليح القوات المسلحة بأحدث الأسلحة فى العالم التى تتيح الحفاظ بقوة على الأمن القومى المصرى،وقد تم ذلك بالتوازى مع تسليح الشرطة المصرية بالأسلحة والمعدات الحديثة التى تمكنها من التصدى للعمليات الإرهابية وتأمين الجبهة الداخلية .
اتخاذ كافة الإجراءات الفعالة التى تؤدى إلى أقصى تأمين ممكن للحدود المصرية على كافة الجبهات سواء الشرقية أوالغربية أوالشمالية أوالجنوبية .
الانخراط بفعالية ملحوظة فى منظومة الدول الرئيسية التى تكافح الإرهاب على المستوى العالمى وبحيث أصبحت المبادئ التى تطرحها مصر بمثابة الرؤية الواقعية التى تأخذها مختلف الدول فى اعتبارها وهى تواجه بجدية ظاهرة الإرهاب ( كلمة السيد / الرئيس فى قمة الرياض ) .
القيام بدور هام ومؤثر فى القضايا والمشكلات الإقليمية ( سوريا – العراق – ليبيا – اليمن ) وما يعكسه ذلك من التأثير إيجابياً على الأمن القومى المصرى .
** تبنى سياسة جديدة فى قمة الأهمية وهى سياسة الذراع الطولى لمواجهة أية تهديدات حقيقية على الأمن القومى المصرى يمكن أن تنطلق من أى مكان .
** منح الفرصة كاملة أمام الحوار السياسى ليساهم فى حل المشكلات التى تؤثر بجدية على الأمن القومى المصرى وهو ما وضح بشكل واضح فى التعامل المصرى الحضارى حتى الآن مع قضية سد النهضة حيث لازلنا نراهن على تنفيذ إعلان المبادئ الذى وقعه الرئيس مع الرئيس السودانى ورئيس وزراء أثيوبيا فى ٢٣ مارس ٢٠١٥.
وفى مجال تقييم ما حققته القيادة السياسية من إنجازات فى مواجهة هذه التهديدات والمخاطر يمكن الإشارة إلى ما يلى : -
وصول الجيش المصرى إلى مرتبة عالية ليأخذ دوره الطبيعى بين مصاف أقوى الجيوش العالمية.
تحقيق العديد من النجاحات غير المسبوقة فى مكافحة الإرهاب فى الداخل ولا سيما فى شمال سيناء وبحيث أصبحت العمليات الإرهابية فى سيناء هى الاستثناء وليست القاعدة كما كانت فى السابق.
النجاح فى تأمين الحدود المصرية على كافة الاتجاهات الإستراتيجية بدرجة كبيرة وخاصة فى منطقة الحدود مع قطاع غزة وليس أدل على ذلك من نجاح الجيش المصرى فى إغلاق وتدمير مئات الأنفاق فى هذه المنطقة الحيوية، ودفع حركة حماس إلى تأمين الحدود مع مصر من داخل غزة .
البدء بتدمير البؤر الإرهابية التى ينطلق منها الإرهاب ضد مصر وهو ما وضح من العمليات الناجحة والمتكررة التى تقوم بها القوات الجوية المصرية ضد هذه البؤر فى الداخل الليبى ولاسيما فى مدينة درنة.
جذب المجتمع الدولى للتعامل مع مصر فى القضايا الإقليمية باعتبارها دولة رئيسية ذات مصلحة ولابد أن تشارك بقوة فى جهود حل هذه القضايا.
التناغم الواضح فى العلاقات المصرية / الخليجية الأمر الذى عكسته القناعة المشتركة بأن أمن الخليج يعد خطاً أحمر للأمن القومى المصرى،بالإضافة إلى نجاح الجهود الخليجية المصرية فى البدء بسياسة عزل قطر وممارسة أقصى الضغوط عليها من أجل أن تتوقف عن دعمها للإرهاب .
مواصلة الضغوط الهادئة والمحسوبة على أثيوبيا بهدف دفعها للتعامل الجدى مع المخاوف المصرية من جراء بناء سد النهضة بمواصفاته المعلنة والتى من شأنها أن تؤثر سلباً على الأمن المائى المصرى،وإن كان قد تلاحظ مؤخراً زيادة واضحة فى نغمة الموقف المصرى الرافض بشكل قاطع لأى انتقاص من حقوقه المائية ( كلمة الرئيس فى القمة الرئاسية لدول حوض النيل التى عقدت فى أوغندا فى يونيه الماضى ).
وفى ضوء ما سبق فمن الواضح أن مصر تعرضت فى المرحلة الماضية للعديد من المخاطر المؤثرة على أمنها القومى،ومن الإنصاف أن نؤكد على أن هناك قدراً كبيراً من النجاح الذى حققته القيادة المصرية فى مواجهة تحديات الأمن القومى دون أن نغفل أن هذه المخاطر لازالت قائمة، مع التأكيد على أن أسس المواجهة المستندة على الرؤية الشاملة واليقظة التامة يجب أن تستمر، الأمر الذى يقودنا إلى أن نطرح سؤالاً مهماً يتمثل فى ماهو المطلوب من القيادة المصرية فى المرحلة القادمة من أجل مزيد من الحفاظ على الأمن القومى المصرى.
ولا شك أن الإجابة على هذا السؤال تتطلب منا أن نحدد متطلبات المرحلة المقبلة على النحو التالى : -
مواصلة سياسة تسليح وتدريب القوات المسلحة المصرية على أحدث الأساليب باعتبار أن هذا الأمر يعد المجال الرئيسى للحفاظ على أمننا القومى داخل وخارج الحدود المصرية.
أهمية تضافر كافة مؤسسات الدولة فى منظومة متكاملة لمكافحة الإرهاب بحيث لا تقتصر المسئولية على الأجهزة الأمنية، وإنما يشارك الجميع فى تحمل هذه المسئولية.
استمرار الدور المصرى الحيوى فى معالجة المشكلات التى تعانى منها المنطقة باعتبار أنها جميعها تؤثر على الأمن القومى المصرى وبحيث يكون الحضور المصرى مؤثراً وأن أية حلول مطروحة يجب أن تراعى المتطلبات المصرية.
مواصلة التنسيق المصرى مع دول مجلس التعاون الخليجى من أجل وضع حد للدور القطرى الداعم للإرهاب وبحيث لا تنتهى هذه الأزمة دون وضع حلول جذرية تحول دون قيام قطر مسقبلاً بهذا الدور.
وضع حد للمماطلات الأثيوبية الرافضة للتعامل مع المتطلبات المصرية فى موضوع سد النهضة وضرورة تفعيل كافة البدائل المتاحة للحفاظ على الحقوق المائية المصرية مع مراعاة أن عامل الوقت يصب فى الصالح الأثيوبى.
التحرك الفعال من أجل دفع جهود حل القضية الفلسطينية فى الفترة المقبلة باعتبارها القضية العربية المركزية التى سيؤدى حلها إلى القضاء على الإرهاب فى المنطقة،مع التحرك فى نفس الوقت لتحقيق المصالحة الفلسطينية / الفلسطينية ( لقاءات الرئيس مع الرئيس أبو مازن ) .