بقلم : خيرى كامل
إذا أردت أن تلقى نظرة أو أن تتمعن في الفن الشامل فعليك أن تتجول بين جنبات وأروقة حياة الراحلة المبدعة سعاد حسنى .. لاعليك من تاريخ ولادتها ولا من خلفيات موتها ..، فقط اقطعها ذهابا وعودة والتقط من كل لحظة عاشتها زهرة فنية ضعها متاخمة لأخواتها في مزهرية لتجد في نهاية الجولة حياتها بكل الألوان والأشكال وكافة صنوف العطر
سعاد حسنى تلك الفتاة الرائعة التي انشق عنها طين الأرض المصرية لتتهادى موهبتها الفنية على سطحه بالتزامن مع تفجر أنوثتها .. ليشكلا معا كيانا إبداعيا تألق لسنوات في ربوع الفن العربي المتكامل
وبنظرة شاملة في حياة السندريللا ستوقن أن الإبداع دائما يخرج من رحم المعاناة مقولة خلقت خصيصا لتنطبق عليها حيث ولدت سعاد محمد كمال حسنى البابا .. وكان ترتيبها رقم ( 10 ) بين أشقائها وشقيقاتها وأنها رغم هذا الكم من التألق والإبداع والموهبة الفنية الطاغية الشاملة التي ( لبستها كجني ) طيلة حياتها لم تتلق اى نوع من التعليم وان انفجار هذه الموهبة الرائعة كان خلفه قسط ضئيل من تعلم القراءة والكتابة وتأكيدا علي ذلك انها علمت نفسها بنفسها .. ويبقى الزهو الأكبر لمن اكتشف موهبتها التي لم تكللها بالدراسة بل حقق إعجازها إرادة قوية وإصرارا لاحدود له على النجاح واثبات الذات
كان والدها الرجل السوري الأصل الذي تزوج من والدتها المصرية مجرد خطاط والأسرة كبيرة ورغم ذلك استطاعت سعاد حسنى أن تثبت ذاتها لذاتها وللفن العربي أجمع حين تحدت كل الظروف والمعوقات وتمكنت أن تزيح من أمامها أسيجة كادت أنتنهى مسيرتها في مهدها .. تلك الشابة الصغيرة التى بدأت حياتها السينمائية بطلة بين الكبار الذين كانت لاتسمح لهم سلطوية شهرتهم أن توجد ولو سم خياط ينفد منه .
سعاد حسنى لمن يعرف ويؤكد معرفته ولمن يعرف ويتجاهل ولمن لايعرف ظاهرة فنية طبيعية بكل المعايير المحلية والدولية تميزت بإتقانها كافة الأدوار التمثيلية سواء التراجيدية أو الميلودرامية أو الكوميدية بخفة ظل لامثيل لها وأثبتت أن الموهبة هي أصل كل الأشياء ومن حباه الله ملكة فى مجال معين يمكن أن يتفوق ويثبت ذاته من خلال التعامل معها بجدية وضمير .
سعاد حسنى ومن خلال 91 فيلما سينمائيا أكدت أنها الفنانة الأكثر تنوعا فى الأدوار التي قامت بتجسيدها في زمن النمطية والروتين الفني
كانت سعاد حسنى مجموعة من الالحان شملت كل السلالم الموسيقية بل هى سيمفونيات رائعة اداء وتمثيلا وغناء ، ولهذا حلقنا مع الأعمال الفنية التي قدمتها، وكنا نشاهدها بعشق وشوق ولا ندرى أننا نشاهد أنغاماً موسيقية، تلك هي قناعتي بسعاد أنها النغمة الساحرة، ولكننا أحلناها إلى مجرد لغز ومخابرات ولعبة عسكر وحرامية ..
الوجه الرائع والحقيقي لسعاد، أنها سيمفونية شارك فى وضع أنغامها عدد من كبار المبدعين، مثل الكاتب عبد الرحمن الخميسي، والمخرج هنرى بركات والشاعر صلاح جاهين والموسيقار كمال الطويل والمخرج على بدرخان.