الثلاثاء 14 مايو 2024

آخرها «السكر والليمون والجيارة».. كيف استطاعت الدولة مواجهة العشوائيات وخلق مجتمعات عمرانية جديدة؟

مجمع أرض الخيالة

تحقيقات7-3-2022 | 17:23

أماني محمد

منذ 2014 بدأت الدولة حربا ضروسا لمواجهة العشوائيات والقضاء عليها بهدف توفير السكن الآمن والكريم للمواطنين في كل ربوع مصر، ونجحت بذلك في خلق مجتمعات عمرانية جديدة متكاملة الخدمات تسهم في تحسين جودة حياة المواطنين بعدما عانوا من العيش في مناطق غير لائقة تهدد حياتهم.

وخلال الساعات القليلة الماضية، نجحت الأجهزة المعنية في نقل أهالي منطقة السكر والليمون وحوش الغجر والجيارة والملاصقة لسور مجرى العيون بمصر القديمة إلى مساكنهم الجديدة بالخيالة، حيث أكد خبراء أن هذه الخطوة تأتي ضمن مشروع تطوير القاهرة التاريخية وكذلك القضاء على العشوائيات بحلول جذرية، موضحين أن هناك استراتيجية عمرانية تنفذها الدولة نجحت في حل مشكلة الإسكان في مصر تماما.

وأكدت محافظة القاهرة أنه سيتم إزالة 520 عقارا في مناطق السكر والليمون والجيارة وحوش الغجر ونقل قاطنيها البالغ عددهم 1660 أسرة إلى وحدات سكنية جديدة مؤثثة ومزودة بكافة الخدمات اللازمة لتوفير حياة كريمة وسكن ملائم  لهم، وذلك في كومباوند أرض الخيالة الذي يعد واحدًا من المشروعات الكبرى التي أقامتها الدولة كسكن بديل للعشوائيات كالأسمرات ومعًا والمحروسة وأهالينا وغيرها.

ويتكون مشروع أرض الخيالة من 42 عمارة سكنية أرضي و9 أدوار متكررة بإجمالى 2268 وحدة سكنية ويخدم كل عمارة 2 أسانسير بالإضافة إلى منطقة الخدمات التى تضم (مسجد – كنيسة – مركز إسعاف – نقطة شرطة – نقطة إطفاء – مكتب بريد – مركز شباب - حديقة عامة).

استراتيجية عمرانية شاملة

وفي هذا السياق، أكد الدكتور سيف الدين فرج، أستاذ التخطيط العمراني، أن الدولة عازمة على التخلص من العشوائيات بشكل نهائي، فرغم إنشاء صندوق تطوير العشوائيات في 2008، إلا أنه لم يتم تفعيله بصورة جيدة إلا في 2014، حيث كانت القيادة السياسية تملك إرادة التغيير، وهو ما كان ينقص الحاكم السابق.

وأكد «فرج»، في تصريح لبوابة «دار الهلال»، أن الدولة بعد 2014 طبقت استراتيجية عمرانية تعتمد على محاور متعددة، منها القضاء على الإسكان العشوائي، وقسمت ذلك الإسكان إلى نوعين، الأول العشوائيات شديدة الخطورة، والثاني الإسكان العشوائي غير المخطط، موضحًا أنه تم منح الأولوية لشديد الخطورة في الإحلال.

وأشار إلى أن الدولة لم تقم بإحلال لأي منطقة عشوائية بعد 2014، ونصبت خيمة إيواء واحدة، بعكس ما كان يتم قبل ذلك، فكل من خرج من وحدته منذ ذلك الحين إما يخرج على وحدة متكاملة وكاملة التشطيب والتأثيث بالأجهزة الرئيسية، سواء الأسمرات وبشائر الخير وغيرها من المناطق، أو يحصل المواطن على مقابل مادي يكفي للحصول على وحدة سكنية، أو في شقة سكنية إيجار جديد لفترة محددة على نفقة الدولة، حتى عودته مرة أخرى إلى منطقته بعد التطوير.

وأضاف أستاذ التخطيط العمراني، أن هذا ما حدث في منطقة تل العقارب، التي كانت تعتبر غير إنسانية تمامًا - على حد تعبيره-، وتحولت إلى روضة السيدة، والتي أصبحت مكانًا آمنًا ولائقًا للمواطنين، وتضم ساحات خضراء وإضاءة وخدمات متكاملة وجيدة رفعت جودة حياة المواطن المصري، مشيرًا إلى أن الدولة منذ 2014 وحتى 2021، نجحت في القضاء على الإسكان العشوائي شديد الخطورة بتكلفة 40 مليار جنيهًا.

وأوضح أن هناك نوعًا آخر من الإسكان العشوائي ليس بخطيرٍ، فمنشآته سليمة، لكن تقوم بالدولة بإعادة تخطيطه مرة أخرى وهو مشروع يتم تنفيذه من 2021 حتى 2030، بتكلفة 318 مليار جنيهًا، مضيفًا أنه خلال هذا المشروع تعمل الدولة على شق الشوارع والطرق وشرايين جديدة للتنمية، وإزالة بعض المساكن في نهر الطريق، وتعويض السكان بشكل عادل ومناسب وكاف.

ولفت إلى أن مبادرة «حياة كريمة»، تضم أيضًا جزءًا منها للإسكان، لأن العنصر الأساسي بها هو إعادة كرامة المواطن المصري من خلال فرص عمل ومسكن مناسب في جميع ربوع مصر، مشيرًا إلى أن الدولة تقوم عن طريق وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية ببناء أكثر من مليون وحدة سكنية سنويًا، وهي وحدات كاملة التشطيب بالإضافة إلى الإسكان البديل وسكن العاملين بالخارج.

وأضاف سيف الدين فرج، أن الدولة تعمل على استراتيجية عمرانية تشمل جميع المحاور، وقد انتهت تمامًا مشكلة الإسكان في مصر، مؤكدًا أن منطقة مصر القديمة وتطويرها يجري وفقًا لاستراتيجية لها محاور محددة، تتمثل في إعادة القاهرة التاريخية إلى ما كانت عليه، حيث يجري تجديدها وتطويرها وإنهاء العشوائيات بها، والأماكن التي كانت غير صالحة مثل عزبة أبو قرن والجيارة وحوش الغجر، تمت إزالتها وإحلالها بمناطق أخرى أكثر أمنًا وحضارية على غرار ما تم في روضة السيدة.

العلاج الجذري للعشوائيات

ومن جانبه، أكد الدكتور محمود غيث، رئيس الجمعية المصرية للتخطيط العمراني، أن التجربة المصرية في القضاء على العشوائيات، اعتمدت على نقل المواطنين بالتشاور والتفاهم معهم من المناطق العشوائية إلى مناطق أخرى أكثر أمنًا، بدلًا من التجربة السابقة التي اعتمدت على معالجة العشوائيات دون نقل الأهالي، الأمر الذي ثبت ارتفاع تكلفته بشكل كبير من الناحية الاقتصادية، كما أن لا يقوى عليها أي اقتصاد لانعدام جدواها.

وأوضح «غيث»، في تصريح لبوابة «دار الهلال»، أنه بدون مشاركة واقتناع المواطنين بما تقوم به الدولة فلن يتحقق أي تقدم، فمنذ تطوير منطقة مثلث ماسبيرو تعتمد الدولة على التشاور والحوار مع الأهالي بالمكان الذي سيتم نقلهم إليه، وطرح بدائل عديدة يختار الأشخاص ما يناسبهم منها، وهي النقل المؤقت لحين تطوير الموقع، أو الحصول على شقة بديلة، أو الحصول على تعويض مادي.

ولفت إلى إن العلاج الموضعي لمشكلة العشوائيات هو النقل كما قامت به الدولة، ويتبع ذلك العلاج الجذري الذي تقوم به الدولة أيضًا، من خلال التنمية الشاملة في المناطق الطاردة للسكان مثل الريف والصعيد، والذي كان يسبب توليد العشوائيات، حيث تعمل التنمية على تقديم الخدمات للأهالي في مواقعهم، وتوفير ما يحتاجونه بدون الحاجة إلى الهجرة الداخلية.

وأضاف أن القبول الاجتماعي للمواطنين للنقل والمكان الجديد هو أمر مهم مع التركيز على النسيج الاجتماعي، ومحاكاة المهن المقبولة في المنطقة، بما ساهم أن تكون عملية النقل مقبولة لدى السكان والأهالي الذين يجري نقلهم إلى مناطق جديدة بدلًا من مسكنهم أو منطقتهم الأصلية، مشددًا على أن النجاح يتطلب دائمًا مراعاة هذه العوامل.

وشدد على أن جهاز التنمية الحضارية وهيئة المجتمعات العمرانية، وغيرها من المؤسسات في هذا القطاع، تبذل مجهودًا كبيرًا حتى لا تكون هناك فجوة بين ما يرغبه المواطنين وما ينتقلون إليه بالفعل.

Dr.Radwa
Egypt Air