الأحد 9 يونيو 2024

يجب العمل له من الآن وليس الغد .. عام العبور الجماعى «الحتمى»

7-7-2017 | 16:20

بقلم –  لواء د. نصر سالم

كانت الليلة الأخيرة فى اليوم الأخير من مهمة استمرت ١٨٠ يومًا خلف خطوط العدو فى حرب أكتوبر١٩٧٣، وبرغم أن الأيام والساعات التى سبقت هذه الليلة، شهدت مغامرات ومواقف صعبة جعلتنا نواجه الموت أو الأسر أكثر من مرة فى اليوم الواحد، إلا أن القدر شاء أن يختم هذه المهمة الأصعب فى تاريخ المجموعات التى تعمل خلف خطوط العدو، بموقف جمع كل المعانى التى رسخت فى ضمائرنا - أنا وأفراد مجموعتى - منذ بداية الحرب وانتهائها حتى تلك اللحظات الأخيرة.

كانت النقطة التى وصلنا إليها فى طريق عودتنا من عمق العدو فى سيناء – وقتها - تبعد عن قواتنا الموجودة فى سيناء مسافة ( ٣٠كم ٩) ويجب أن نقطعها فى زمن لا يزيد عن ٥ ساعات وتبدأ هذه المسافة من طريق عرضى تستخدمه قوات العدو وتتحرك عليه الدوريات المكونة من عربات مدرعة بصفة مستمرة، وبينما نستعد لعبور الطريق وقطعه بالعرض، فوجئنا بإضاءة قوية تكشف الطريق أمامنا وكان مصدرها إحدى العربات التى تقف على مسافة أقل من ٢٠ مترًا وكانت ضمن الدورية التى تؤمن الطريق، على الفور اتخذنا أوضاعنا على الأرض بالشكل الذى يخفينا عن رؤية العدو ويجعلنا فى الموقف الذى يساعد على التعامل معه بنيران بنادقنا. وانتظرنا حتى تمر عربات الدورية ثم نعبر الطريق ونواصل السير.. ولكن حدث ما لم نكن نتوقعه.. وهو أن هذه الدورية التى تقف على مسافة عشرين مترا فقط من مكاننا، استمرت واقفة فى مكانها لا تتحرك بينما تقوم إحدى عرباتها بإضاءة أنوارها العالية التى تكشف الطريق وما حوله لمسافة تزيد على المائة متر.. فقلت فى نفسى.. أحسب الفاصل بين كل إضاءة والأخرى وأقوم أنا وباقى الأفراد بعبور الطريق.. فوجدت أن الفاصل غير ثابت، فمرة يكون الفاصل دقيقتين ومرة ثلاثًا ومرة خمسًا ومرة دقيقة واحدة.. فكرت فى كل الطرق التى تساعدنا على العبور دون أن يكتشف العدو أمرنا، بينما كل لحظة تمر علينا دون تحرك تعرضنا لأخطر المواقف وهو الوصول إلى الحد الأمامى للعدو بعد شروق الشمس أى اكتشاف العدو لنا فكان القرار الذى هدانى الله عز وجل إليه هو «الاقتراب من الطريق زحفا فى كل مرة يطفئ فيها العدو أنوار العربة. ثم بإشارة منى ننهض جميعا وننطلق بأقصى سرعة لعبور الطريق الأسفلتى )عرضه ٦ أمتار( فى نفس اللحظة التى تطفأ فيها الأنوار» وحدث ما توقعت، فما إن لامست أقدامنا الناحية الأخرى من الطريق الذى عبرناه فى ثوان معدودة حتى أضاءت عربات الدورية أنوارها.. ولكننا كنا قد عبرنا المكان الأصعب والأخطر ووصلنا إلى موضع به بعض الشجرات الصغيرة التى أخفتنا عن عيون العدو فاختفينا بينها حتى أطفئت الأنوار وواصلنا طريقنا، ووصلنا إلى مواقع قواتنا لننعم بحلاوة النصر لأول مرة منذ اندلاع الحرب.

أتذكر هذا الموقف بكل صوره كلما اقتربنا من العام الرابع والأخير من فترة الولاية الأولى للرئيس عبدالفتاح السيسى، وخاصة بعد القرارات الاقتصادية الأخيرة بدءًا من تحرير سعر صرف الجنيه المصرى وما استتبعه من ارتفاع فى الأسعار، وصولا إلى خفض قيمة الدعم للمواد البترولية ثم ما هو آت من رفع لفاتورة الكهرباء.

لقد تحقق فى هذه الفترة ( ١٠٩٥يوما) إنجازات لا تخطئها عين.. إلا كما قال الشاعر «قد تنكر العين ضوء الشمس من ورم.. وينكر الفم طعم الماء من سقم» من بنية تحتية شملت طرقًا وكبارى ومحطات كهرباء ومدنًا صناعية متكاملة من بينها مدينة الجلود فى الروبيكى، ومدينة الأثاث فى دمياط ومصنع أسمدة، وأضخم مجمع لإنتاج الإثيلين ومشتقاته، والطفرة التى تحققت فى ملف الإسكان الاجتماعى. وفى مجال الصحة شهد العالم معنا تجربة التصدى لمرض فيروس «سى» والقضاء على قوائم الانتظار وبإذن الله ستكون مصر خالية من هذا المرض بحلول العام ٢٠١٨ .

وخطة الإصلاح الاقتصادى الشاملة التى تنفذها الدولة جنبا إلى جنب مع برامج الحماية لمحدودى الدخل وأبرزها برنامج تكافل وكرامة وتطبيق منظومة الخبز المدعم فى كافة أرجاء مصر واتخاذ حزمة الإجراءات الحمائية للتخفيف على المواطنين من آثار البرنامج الإصلاحى بما فى ذلك رفع نصيب الفرد فى بطاقات التموين إلى ٥٠ جنيها وزيادة المعاشات وهناك قناة السويس الجديدة وما يتبعها من تنمية محور قناة السويس الذى سيحقق لمصر دخلا يزيد على ١٠٠) مليار دولار سنويا( إن شاء الله. والمدن الجديدة مثل العاصمة الإدارية وبورسعيد الجديدة والإسماعيلية الجديدة والسويس الجديدة والجلالة والعلمين.

وملف الصعيد وتنميته والقرى الأكثر احتياجًا، ومشروع المثلث الذهبى الذى يضم مناجم الذهب وما بها من احتياطى يقدر بـ ٢٠” مليار دولار» من الذهب، ومشروع إصلاح واستزراع المليون ونصف المليون فدان وما يضيفه للثروة الزراعية هو مشروع ١٠٠” ألف صوبة زراعية» هناك أيضا ملف تأهيل الشباب للقيادة الذى يركز على تأهيل الشباب وتدريبهم لتمكينهم من تولى المناصب القيادية العليا فى مختلف المؤسسات.

أما ملف مكافحة الفساد ومكافحة الإرهاب الذى شعر به الجميع وشهد به فى داخل مصر وخارجها، وما تحقق للقوات المسلحة المصرية من رفع وزيادة لقدرتها القتالية ووصولها إلى المستوى العاشر على العالم.. ونتائج ذلك من تحقيق عامل الردع لكل من يفكر فى تهديد أمن مصر أو مصالحها فى الداخل والخارج.

والنجاحات الكبيرة فى السياسة الخارجية عالميًا وإقليميًا..

كل هذا وأكثر قد تحقق.. ولكن هل كل أفراد الشعب يشعرون به؟

إن المواطن العادى، وهم السواد الأعظم من الشعب - ليس هذا الأمر فى مصر فقط بل فى أى بلد من بلدان العالم - لا ولن يشعر بأى تحسن إلا بإحساسه بامتلاء جيوبه وزيادة دخله وقدرته على الحصول على كل احتياجاته دون مشقة أو معاناة له ولكافة أفراد أسرته.

والمشكلة الكبرى أن كل الأنظمة والحكومات السابقة قد عودته على تعاطى المسكنات - الاقتصادية - حتى أدمنها وأصبح لسان حاله يقول: «أحينى اليوم وأمتنى غدا» والنتيجة هى ترحيل كل المشاكل، مثل الذى يحرك العقدة ولا يحلها حتى وصلت إلى نهايتها وأصبح تحريكها أمرًا محالًا ولم يعد هناك إلا الحل الجراحى، لدواعى إنقاذ الحياة. وكان قدر هذا الرجل/ عبدالفتاح السيسى أن يكون على قمة المسئولية فى هذه المرحلة الفارقة.. فتصدى لها بكل شجاعة، متسلحًا بسلاح الصدق مع شعبه عملا بالمبدأ القائل «الصدق أقصر الطرق إلى الإقناع».

ولكن هل كل من حوله على قلب رجل واحد.. بمعنى آخر، هل البيئة المحيطة به وكافة أفراد الشعب مقتنعون بذلك ومستعدون للصبر والتحمل حتى يتم استكمال المسيرة؟

بكل أسف هناك المتاجرون بآلام الشعب ومشاكله، الذين يضعون الملح على الجرح، وفيهم من يعمل طبقا لأجندة خارجية ومن يريد الحصول على شعبية زائفة، ومن يخطط لإدارة حرب نفسية على أسس علمية مدروسة وهدفهم منع استكمال المسيرة وقطع الثمار قبل نضجها، واستراتجيتهم فى ذلك تشويه صورة كل النجاحات التى تمت والتشكيك فى كل النتائج المأمولة وبث الفرقة بين صفوف المصريين بمعلومات مضللة عملا بالشعار القائل «اكذب اكذب حتى يصدقك الآخرون واكذب اكذب اكذب حتى تصدق نفسك».

إن عدم ترشح عبدالفتاح السيسى لفترة ثانية أو عدم توفيقه فى الانتخاب لفترة رئاسة ثانية، هو ضربة لكل المشاريع القومية العملاقة والمتوسطة التى بدأها عبدالفتاح السيسى لأن التاريخ المرئى أخبرنا أنه لم يأت رئيس جديد يستكمل ما بدأه سلفه، وعادة ما يتم إيقاف العمل فى هذه المشاريع أو إرجاؤها إلى توقيتات أخرى قادمة، ويبدأ الرئيس الجديد فى مشروعات أخرى تنسب إليه، وهذا ما تعمل عليه قوى الشر التى لا تريد الخير لمصر.

ربما كان الرئيس عبدالفتاح السيسى مدركا لهذا تماما ويفسر ذلك إصراره على إنهاء معظم المشاريع التى بدأها قبل نهاية فترة رئاسته الحالية، آخذًا بالأحوط أو ربما يكون هو نفسه يفكر فى عدم الترشح لفترة رئاسة ثانية بعد هذا الجهد والضغوط التى تفوق طاقة البشر ويتحملها بكل الصبر والإصرار فماذا نحن فاعلون وماذا أنتم عازمون أيها الوزراء والمسئولون؟

إن العام القادم هو عام تعزيز النجاح كى نصل جميعا إلى الخط الذى ينتظرنا عنده أعداء الوطن والمتاجرون به فى حالة تربص لمنعنا من استكمال المسيرة فى فترة رئاسة ثانية.

إن عبور هذا الخط ونيل ثقة الشعب فى الانتخابات الرئاسية القادمة يجب ألا يستهان بها ويجب العمل من أجلها من الآن وليس غدًا.. من خلال دراسة دقيقة وحقيقية لحالة الشعب ونقاط القوة ونقاط الضعف فى موقفه والعمل عليها فورًا بكل الصدق والأمانة وتوضيح الصورة الحقيقية للشعب وحمايته من حملات التشكيك والتضليل التى يتعرض لها، والتركيز على حل جميع المشاكل الحياتية اليومية التى يتعرض لها المواطن أو معظمها وإشراكه فى إبداء رأيه فى حل هذه المشاكل.. وبث الأمل فى نفوس المواطنين من خلال خطة إعلامية صحيحة يتم من خلالها تعريف الشعب بالمشاريع التى تمت والجارى العمل فيها والنتائج المنتظرة والمرجوة منها.. وذلك بواسطة المسئولين على جميع المستويات ثم قياس النتائج أولا بأول وتعديل ما يلزم من إجراءات لتصحيح المسار والوصول إلى الهدف المنشود فى الوقت الصحيح.