الأحد 9 يونيو 2024

تحقيقات أمن الدولة: حزب «البناء والتنمية» يُكفر الحاكم ويُعادي الجيش والشرطة

8-7-2017 | 11:19

كشفت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا،  بإشراف المستشار خالد ضياء، المحامي العام الأول، في القضية رقم 627 لسنة 2014، حصر أمن الدولة العليا، عددا من المعلومات حول قضية حزب البناء والتنمية التابع للجماعة الإسلامية، والتي تمت إحالتها للنائب العام، والذي أحالها بدوره إلى لجنة الأحزاب السياسية التي طالبت المحكمة الإدارية العليا بالنظر في طلب حل الحزب وتصفيه أمواله، وتحديد الجهة التي تؤول إليها، وذلك بعد تورط قيادات وأعضاء الحزب في أعمال عنف وإرهاب.

وتبين من التحقيقات أن الحزب شكل مليشيات مسلحة بمحافظة أسيوط تحمل رايات حزب البناء والتنمية والجماعة الإسلامية في غضون عام 2013 ، فضلاً عما صرح به خالد الشريف عضو الجماعة الإسلامية والمتحدث الرسمي بإسم الحزب باعتزامه التقدم بمشروع قانون يسمح بتقنين تلك المليشيات.

كما تبين فرار عدد من قيادات الحزب إلى دول أجنبية أبرزها تركيا وقطر، وانضمامهم لكيانات مناهضة في الخارج منها ما يسمى بـ"المجلس الثوري المصري لمناهضة الانقلاب بالخارج" وتحريضهم ضد مؤسسات الدولة والنظام ونشر الأخبار الكاذبة عبر المنابر الإعلامية وصفحات التواصل الاجتماعي، بهدف إثارة الرأي العام ودفع الجماهير للخروج على النظام وإسقاطه.

واعترف القيادي السابق بالحزب أن عاصم عبدالماجد اضطلع لتأسيس كيان من شباب الحزب تحت مسمى هيئة الأنصار ذات طابع عسكري لخدمة أغراض الجماعة الإسلامية، وتنظيم الحزب لعرض عسكري بمحافظة أسيوط بهدف إظهار قدراتهم العسكرية، وتلقيه تكليفات من علاء أبو النصر رئيس الحزب سابقاً بحشد شباب الحزب لاقتحام ميدان التحرير.

كما توعد طارق الزمر، رئيس الحزب الحالي، من أعلى منصة اعتصام رابعة معارضي نظام حكم الإخوان، وإلقاء قيادات بالحزب لخطب تحريضية ضد مؤسسات الدولة، واعتلت قيادات الحزب منصة رابعة ومنهم عاصم عبدالماجد وطارق الزمر ونصر عبدالسلام وصفوت عبدالغني ورفاعي طه ومصطفى حمزة واضطلعوا بحشد شباب الحزب للمشاركة في تظاهرات وتجمهرات الإخوان، وتم تنصيب طارق الزمر رئيسا للحزب رغم كونه هاربا خارج البلاد وصادر ضده أحكام قضائية بالإدانة وتصريحاته العدائية ضد نظام الحكم القائم بالبلاد، ما يتعارض مع المبادئ المعلنة للحزب.

وأضافت التحقيقات أن مصادر تمويل الحزب مجهولة، ويتلقى أموالا من جهات أجنبية، وتتعارض سياسات الحزب وأساليب ممارسة نشاطه مع مقتضيات حماية الأمن القومي المصري والحفاظ على الوحدة الوطنية، وإعلان الحزب تحالفه مه جماعة الإخوان المسلمين وكون معها ومع عدد من الكيانات الأخرى ما يسمى بـ"تحالف دعم الشرعية" وهو الكيان الذي يتم من خلاله ارتكاب أعمال عنف وتخريب بغية إسقاط النظام القائم وإعادة الرئيس المعزول محمد مرسي لسدة الحكم.

واستمعت التحقيقات لمنتصر محمد أحمد عمران، مسئول لجنة إعلام الحزب بمركز أرمنت بمحافظة الأقصر، ونور الدين إسماعيل الأمين العام للحزب بمحافظة أسيوط، والذين أكدوا على أن الجماعة أنشأت الحزب وأقصت قياداتها الملتزمين فعلياً بمبادرة وقف العنف وفصلتهم من عضويتها مثل ناجح إبراهيم وكرم زهدي وفؤاد الدواليبي وعلي الشريف وحمدي عبدالرحمن.

كما تضمنت أوراق التحقيقات اعترافات المتهمين في عدد من قضايا الإرهاب المنتميين للحزب والجماعة الإسلامية ومنهم مصطفى أحمد حمزة، عضو لجنة الحكماء بالحزب، وأيمن ضاحي، عضو اللجنة الإعلامية للحزب والذي أكد على تدشين الحزب بهدف العمل على تطبيق الشريعة الإسلامية وصولاً إلى إقامة الدولة الإسلامية، واشتراكه كمؤسس للحزب.

وجاءت بمذكرة نيابة أمن الدولة الموجهة للمحكمة الإدارية العليا أن المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية نصت على أن يكون للحزب اسم لا يماثل أو يشابه حزبا قائما، وعدم تعارض مبادئ الحزب وأهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع المبادئ الأساسية للدستور أو تهدد الأمن القومي والحفاظ على الوحدة الوطنية والديمقراطية، وعدم قيام الحزب في مبادئه أو في اختيار قياداته أو أعضائه على أساس ديني او طبقى او طائفي أو فئوى أو جغرافي بسبب الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة، وعدم انطواء وسائل الحزب على إقامة أى نوع من التشكيلات العسكرية أو شبه العسكرية ، وعدم قيام الحزب كفرع لحزب أو تنظيم أجنبي.

وكشفت تحقيقات النيابة أن حزب البناء والتنمية قام على عكس بنود قانون الأحزاب السياسية، وفسرت مذكرة النيابة بنود المخالفة لشروط الحزب والمتعلقة بالبند الثانى من المادة الرابعة والخاصة بالحفاظ على السلام الإجتماعي والذي يعني احترام الحزب في نشاطه وقراراته وتصرفاته المشروعية وسيادة القانون وعدم خروجه في ممارساته الحزبية وعدم بث الكراهية وعدم الدعوة إلى استخدام العنف ، وثبت من التحقيقات انتهاج حزب البناء والتنمية منهاجاً هادماً للوحدة الوطنية ومزعزعاً للسلام الاجتماعى ومهدداً للنظام الديمقراطي، وعمدت قيادات وكوادر الحزب إلى محاولة بذر الشقاق بين طوائف الوطن وتدثير صراعها السياسي بعباءة دينية لدغدغة مشاعر الجماهير الدينية واستقطابها إلى صفوفة.

وأضافت النيابة أن الأحراز والفيديوهات المقدمة من المبلغ احتوت على مقاطع صوتية ومرئية تظهر عاصم عبد الماجد يحفذ أنصاره ويؤكد أن صراع الحزب والجماعة هو صراع بين دين الإسلام وما دونه، كما قال صفوت عبد الغني بأن السلطة الحالية لا تولي اهتمامها سوى للمسيحيين بالبلاد ، الأمر الذى أكده مصطفى حمزة المتهم فى القضية رقم 313 لسنة 2013 حصر أمن دولة عليا بادعاء الحزب والجماعة انتهاج السلطة الحالية منهاجا معادياً للدين الإسلامي، وأوضحت شهادة عوض إبراهيم الحطاب أن عناصر الجماعة انخرطوا فى سفك الدماء واستحلال أموال المسيحيين بدافع من معتقداتهم الفاسدة القائمة على تكفير الحاكم ومعاونيه.

وأوضحت التحريات الأمنية حول الحزب اتخاذ قيادات الحزب المساجد بالصعيد فروعاً للحزب ومسرحاً لممارسة نشاطه ، الأمر الذى أدى لإيقاع الفتنة بين أشقاء الوطن وهدد الوحدة الوطنية، وقيام كل من أسامة خليفة، وإسلام الغمري، وإسماعيل أحمد، حسن بدير، وممدوح يوسف أعضاء الهيئة العليا بالحزب عبر مواقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" بوصف النظام القائم بالانقلابي ونشرهم لأخبار وشائعات كاذبة بشأن سياسات النظام وأحكام القضاء ورجال القوات المسلحة والشرطة وتناولهم بألفاظ نابية والدعوة لإسقاط الدولة والتحريض على العنف والعمليات الإرهابية لإسقاط النظام.

وأشارت التحقيقات إلى أن ممارسة الحزب تتضمن إخلالاً بمقتضياته ودفعاً لطوائف الشعب صوب الاقتتال ، إذ تنبت قياداته خطاب العنف والتهديد باستعمال السلاح ضد المعارضين لتوجهاتهم ، حيث أن قيادات الجماعة والحزب انتهجوا سبيل العنف ونكلوا عن المراجعات الفكرية التى تلقوها إبان مكوثهم بالسجون، وثبت من مشاهدة خطب القيادي عاصم عبد الماجد الذي تولى مقاليد الأمور بالحزب حال تلويحه باستعمال القوة قبل المعارضين لتوجهات الجماعة والحزب وتحريض القيادي طارق الزمر للمعارضين للنظام الحالي والمتظاهرين باستعمال القوة، وانتهجت قيادات الحزب بث الكراهية والحقد وتعمد الحزب الدعوة لاستخدام العنف الأمر الذى يهدد السلام الاجتماعي .

واستطردت التحقيقات خروج الحزب عن جماعة الوطن بانخراطه في الكيان المسمى بـ"التحالف الوطنى لدعم الشرعية" الذي يعمل على إسقاط نظام الحكم لإعادة الرئيس الأسبق محمد مرسي، الأمر الذي يناهض نظام الديمقراطية الناتج عن ثورة 30 يونيو ، وهو الأمر الذي يبني عليه مخالفة الحزب للبند الثاني من قانون الأحزاب السياسية مطابقاً لقرينه "حزب الحرية والعدالة " والسابق صدور حكما بحله.

وفيما يتعلق بالبند الثالث من قانون الأحزاب الخاص بعدم قيام الحزب أو اختيار أعضائه وقياداته على أساس ديني ، فخالف الحزب أيضا هذا البند حيث أن الحزب تم إنشاؤه بكوادر الجماعة الإسلامية وعقدوا العزم أن تظل قرارات الحزب رهنا بإرادة الجماعة واستحوذوا على كل المناصب القيادية لضمان أن يكون الحزب ستار للجماعة للنفاذ به على أروقة العملية السياسية ، وكشفت أقوال الشهود عن اقتصار عضوية الحزب وقياداته على أعضاء الجماعة الإسلامية، ووجود توجه متطرف للجماعة فى اختيار قادة الحزب بأن تخيرت اولئك الذين نكثوا عن مبادرة "نبذ العنف" ليتقلدوا زمام الأمور داخل الحزب، فضلا عما هو ثابت من قيادات الحزب الذين سبقت إدانتهم فى قضايا الإرهاب ، وأن الولاء للجماعة كان شرط الترقي بالحزب .

وأقر المتهم مصطفى أحمد حمزة المتهم فى القضية 313 لسنة 2013 بتوليه مسئولية الإشراف على الانتخابات المركزية داخل الحزب وتصفية مرشحيه لعضوية المجالس النيابية بقطاع جنوب الصعيد ، وتقوم هذه التصفية على معايير أهمها مدى انتماء العضو للجماعة الإسلامية ، مما يضمن سيطرة الجماعة على اختيار المناصب القيادية في الحزب سواء المركزية منها أم الإقليمية، واقر القيادي أسامة حافظ أن الحزب الزراع السياسي للجماعة الإسلامية وانه يعمل لتحقيق أغراضها وان الحزب هو الغطاء الشرعي لتنظيم الجماعة الإسلامية ، الذى يدعو لتغير نظام الحكم بالقوة بدعوى عدم تطبيق الشريعة اللإسلامية ، وهو ما فطن إليه عدد من الأعضاء الذين تقدموا باستقالاتهم ، الأمر الذى أكد قيام الحزب على أساس ديني.

وتابعت التحقيقات مخالفة الحزب للبند الرابع من قانون الأحزاب السياسية والمتعلق بعدم إقامة أى نوع من التشكيلات العسكرية أو شبه العسكرية، وشهد محمد توفيق بتأسيس القيادى عاصم عبد الماجد كياناً من شباب الحزب تحت مسمى "هيئة الانصار" ذو طابع عسكري لخدمة أغراض الجماعة الإسلامية، وتنظيم الحزب لعرض عسكري بمحافظة أسيوط بغرض إظهار القدرة العسكرية ، وتقدم المتحدث باسم الحزب خالد الشريف التقدم بمشروع قانون يسمح بتقنين مليشيات الحزب ، كما شهد مجري التحريات أن عاصم عبد الماجد صرح لجريدة الشرق القطرية بأنه جرت محاولات إنشاء حرس ثوري وتدريب عناصر اللجان الشعبية التى تشكلت بعد ثورة يناير بالاتفاق مع جماعة الإخوان، وهو ما تأيد بمشاهدة النيابة العامة للمقطع المصور الذى يظهر عناصر شبابية مصطفة بين راكبة ومترجلة تلوح برايات الجماعة والحزب فيما يشبه العرض العسكرى لإبراز استعداداتهم لحل محل الشرطة النظامية بأسيوط، وهو ما يخالف المادة الخاصة بعدم وجوب ألا يكون من وسائل الحزب إقامة أي نوع من التشكيلات العسكرية.

وبشأن عدم قيام الحزب كفرع لحزب وتنظيم سياسي اجنبي، ففجرت التحقيقات مفاجأة ان للحزب فروع بدول أخرى وأثبتت الأوراق تبعية الحزب للجماعة الإسلامية وان علاقته بها هي علاقة الفرع بأصله ، واثبتت شهادة نور الدين اسماعيل وجود أفرع للجماعة بعدة دول من بينهم أفغانستان والسودان ، وما أضافته شهادة محمد توفيق بوجود أفرع في تركيا وليبيا إضافة على الروابط الوثيقة التى تربط عناصرها بدولة إيران عقب مشاركة عناصرها بحقول الجهاد بأفغانستان الأمر الذى ينبني عليه كونه فرعاً لتنظيم سياسي أجنبي.

وأكدت التحقيقات على انخراط الحزب وأنصهاره في الكيانات التى تعادي الدولة والنظام والمتمثلة داخلياً في "التحالف الوطني لدعم الشرعية" ، وخارجياً في "المجلس الثوري المصري لمناهضة الانقلاب فى الخارج" وقيام الحزب بتنفيذ أجندات خارجية كان يتم الإعداد لها سلفاً بوجود صلات تجمع بين قياداته وبين القيادة السياسية لدولة قطر، كان يتم الإعداد لها قبل ذلك بوجود صلات تجمع بين قياداته والقيادة السياسية لدولة قطر واتخاذ قيادات الحزب من دولة قطر ملاذاً آمناً يعتلون منابره الإعلامية ليحرضوا المواطنين على إسقاط النظام القائم بالعنف.

والتفتت التحقيقات إلى مخالفة الحزب للبند السادس من مادة الأحزاب والمتعلقة بعلانية مبادئ الحزب وأهدافه وأساليبه ووسائل ومصادر تمويله ، فقام الحزب بمخالفة هذا الشرط نتيجة مخالفته للشروط السابقة إذ ان اتخاذ الحزب لأساليب ملتوية وأهداف منحرفة وتنظيمات سرية وصادر تمويل مشبوهة ، فتضمنت التحريات وأقوال الشهود أن جانب من تمويل أنشطة الجماعة والحزب مصدره الجمعيات الخيرية المستترة وجماعة الإخوان وهو الأمر الذى يظهر منه جلياً ستر الحزب لمصادر تمويله، فلم يرد بالائحة المالية للحزب هذا المصدر.

ولهذه المخالفات استقرت المحكمة الإدارية العليا إلى أنه لا يجوز وفقاً للدستور إنشاء حزب هدفه وطبيعته وغايته فى صورة جمعية ولا جمعية في شكل حزب أو نقابة في شكل جمعية يتعين أن ينشا الشخص المعنوى بحسب طبيعته واهدافه طبقاً لأحكام الدستور والقانون حتى لا يقلل من الرقابة والمتابعة للجهات الإدارية على كل شخص من هذه الأشخاص، فالمادة 17 من قانون نظام الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 والمعدل بمرسوم بقانون رقم 12 لسنة 2011 ينص على انه "يجوز لرئيس لجنة الاحزاب السياسية أن يطلب من الدائرة لأولى بالمحكمة الغدارية العليا بحل الحزب وتصفية أمواله وتحديد الجهة التى تؤول إليها، وعلى المحكمة تحديد جلسة لنظر هذا الطلب وتفصل المحكمة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الجلسة المذكورة .

واختتمت التحقيقات أن الادلة القولية والسمعية والمرئية والكتابية التى توافرت بيقين النيابة العامة أثبتت مخالفة حزب البناء والتنمية للقانون وأن الحزب لم يكن سوى كياناً زائفاً وجسراً مرحلياً يلتف من خلاله تنظيم يكفر بالدستور والديمقراطية على قواعد القانون ومقومات النظام الحزبي وأن الحزب قد شابه منذ تأسيسه عوار تكشف وتضاعف بمرور الزمن وتغير الحال حتى صار تهديدا لسلامة الجبهة الداخلية للوطن، وانتهت لمخالفة حزب البناء والتنمية لخمسة بنود من المادة الرابعة بقانون نظام الأحزاب السياسية .