الإثنين 6 مايو 2024

أعظم هدية للوالدين.. برُّهما


صفوت عمارة

مقالات21-3-2022 | 23:06

صفوت عمارة - من علماء الأزهر الشريف

أوجب اللَّه عزَّ وجلَّ للوالدين حقوقًا على الأبناء، وأهم هذه الحقوق البرُّ والإحسان اليهما؛ فقد قرن اللَّه تعالى بين برُّ الوالدين والإحسان إليهما بالأمر بعبادته وتوحيده وعدم الإشراك به؛ فقال اللَّه تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [النساء: 36]، وقال تعالى: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ۞ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 23-24]؛ أي: أحسنوا إلى الوالدين إحسانًا بكل ما تستطيعونه من القول الطيب والأفعال الحسنة التي تدخل السرور إلى قلبيهما، ولا تسمعهما قولًا سيئًا حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيئ، ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح، ولكن ارفق بهما، وقل لهما دائمًا قولًا لينًا لطيفًا، وألن جانبك وتواضع لهما بتذلّل وخضوع من فرط رحمتك وعطفك عليهما وأدع لهما بالرحمة وقل في دعائك يا رب ارحم والديَّ برحمتك الواسعة، كما أحسنا إليَّ في تربيتهما حالة الصغر؛ فقد أوجب اللَّه تعالى على الأبناء برُّهما والإحسان اليهما بالأمر الإلهي الصريح لبيان حقهما العظيم عليهم، ولأنّهما السبب في وجود الأبناء بعد اللَّه تعالى؛ فجعل طاعة الوالدين من طاعته ومعصيتهما من معصيته.

لا يوجد هدية أحب على نفس الوالدين من برُّهما، ولقد قدمه النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم على على الجهاد في سبيل اللَّه تأكيدًا على حقوقهما؛ فعن عبد اللَّه بن عمرو رضي اللَّه عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فاستأذنه في الجهاد فقال: "أحي والداك؟". قال: نعم، قال: "ففيهما فجاهد" [رواه البخاري ومسلم]. أي ابذل جهدك في إرضائهما وبرّهما، فيكتب لك أجر الجهاد في سبيل اللَّه تعالى، وكأنما رعايتهما وبرّهما جهاد في سبيل اللَّه، بل هو أفضل عند اللَّه عزَّ وجلَّ، ومن المعلوم أن برُّ الوالدين سبب لدخول الجنة؛ فعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: "رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف" قيل: من يا رسول الله؟ قال: "من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كلاهما فلم يدخل الجنة". [رواه مسلم]. أي لُصق أنفه بالرَّغام وهو التراب المختلط بِالرمل؛ والمراد به: الذل والخزي، وكررها ثلاثًا؛ فبرُّهما عند كبرهما وضعفهما بالخدمة والنفقة وغير ذلك سبب لدخول الجنة؛ فمن قصر في ذلك فاته دخولها؛ فمَنْ برَّ والديه بَرَّه أبناؤه، وكما تدين تُدان، فينبغي على كل عاقلٍ أن يحرص كل الحرص على برِّ والديه، رغبةً بما عند الله عز وجل من الجزاء، ورهبةً مما لديه من العقاب في العاجل والآجل، جعلنا اللَّه وإياكم من البارّين بوالديهم.

Dr.Randa
Egypt Air