أصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية "دراية" تقريرا حول الموازنة العامة المصرية للعام المالي الجديد2022/2023 تحت عنوان "الموازنة الجديدة..التحديات وسُبل تحقيق المستهدفات" أوضح فيه ملامح السياسة المالية للدولة تجاه إدارة الأزمة الاقتصادية التى تضرب كبرى اقتصادات العالم.
تناول الجزء الأول من التقرير واقع الاقتصاد العالمي الذى يعاني من أزمة متعددة الأسباب والأطراف، بداية من جائحة كورونا وانتهاء بالحرب الروسية الأوكرانية، فى ظل اختناق سلاسل الإمداد والتوريد وارتفاع تكلفة وقود سفن الشحن البحري، وهو ما يُؤثر على حصيلة الإيرادات العامة من كل من قناة السويس والضرائب الجمركية والضرائب على الواردات؛ حيث يُقدر الأثر المالي لكل انخفاض (ارتفاع) بمقدار 1% في النمو السنوي لحركة التجارة العالمية على إجمالي ما يؤول للخزانة من إيرادات قناة السويس بنحو 2%.
كما تناول تقرير "دراية" أثر تحركات سعر الصرف على تكلفة الدين الخارجي المصري نتيجة لزيادة أسعار الفائدة فى العالم. وذكر أنه وفقًا للافتراضات الاقتصادية لوزارة المالية، فإن أي تغير بنحو 1 دولار للبرميل عن السعر المقدر في الموازنة سيؤوي على العجز الكلي المُستهدف، وفي ظل ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمي لقرابة 130 دولار للبرميل في الأسبوع الثاني من مارس 2022، فإن ذلك يعني مزيدًا في العجز الكلي بالموازنة.
كما أكد التقرير أنه فى ظل الارتفاع الحاد لأسعار القمح التى بلغت 40% لتصل إلى 396 دولار للطن، وأسعار الذرة التى بلغت 21% نتيجة الحرب، سترتفع مُخصَّصات الدعم السلعي فى الموازنة الجديدة نتيجة ارتفاع مُخصَّصات دعم الخبز.
وأشار التقرير إلى وجود عدد من المؤشرات التي تلعب دورًا كبيرًا في تحديد مستهدفات الموازنة العامة للدولة، وهي سعر الصرف حيث إن أى تحرُّك في سعر الصرف (صعودًا أو هبوطًا) عند وقت تنفيذ الموازنة عن السعر السائد وقت إعداد الموازنة سيؤثر على عدة بنود بها، إلى جانب أسعار الفائدة المحلية حيث إن الزيادة (الانخفاض) في أسعار الفائدة المحلية بنحو 100 نقطة (1%)، مقارنة بما هو مستهدف بمشروع الموازنة، سيكون نتيجة ذلك زيادة (انخفاض) فاتورة خدمة دين أجهزة الموازنة العامة بنحو 10 - 12 مليار جنيه سنويًا.
ومن جهته، أكد الدكتور صلاح هاشم رئيس منتدى "دراية" أن الدولة اتخذت حزمة من الإجراءات المالية والحماية الاجتماعية بقيمة ١٣٠ مليار جنيه؛ للتعامل مع تداعيات التحديات الاقتصادية العالمية، وتخفيف آثارها على المواطنين، وقد تنوَّعت بين تبكير زيادات المرتبات والمعاشات، بل ورفع نسبتها من 10% إلى 13%، مع زيادة المستهدفين من برامج تكافل وكرامة، بجانب قرار سابق برفع سعر توريد القمح المحلي للمزارعين؛ لتأمين المخزون الاستراتيجي الكافي، إلى جانب تثبيت سعر الدولار الجمركي عند 16 جنيهًا للدولار بهدف خفض تكلفة الاستيراد على المُنتِجين المحليين.
وأوضح هاشم أن مشروع موازنة العام المالي الجديد 2022/2023 يتضمن إنفاقًا بشكل أكبر على تحسين حياة المواطنين، حيث تضمنت خطة الاستثمارات الحكومية خلال العام المالي 22/2023 تنفيذ العديد من المشروعات التنموية والخدمية في مختلف القطاعات، ومنها ما يتعلق بقطاعات الصحة، والتربية والتعليم، والإسكان، والنقل، والزراعة، والاتصالات، والشباب والرياضة وغيرها من القطاعات الحيوية، هذا إلى جانب المخصصات التي سيتم توجيهها خلال هذا العام لاستكمال تنفيذ مشروعات المبادرة الرئاسية «حياة كريمة».
وختاما، أوصى التقرير بضرورة رفع نسبة الإيرادات غير الضريبية، وتنويع مصادرها عبر تعظيم العائد على أصول الدولة من أرباح شركات القطاع العام وفوائض الهيئات الاقتصادية، إلى جانب تعزيز اللامركزية وشراكة القطاع الخاص، وسرعة معالجة خسائر شركات القطاع العام.