قال الفقيه الدكتور مجدي عاشور، المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، إن الوصول لمرحلة التقوى لا يتم بالصيام فقط، بل بمراقبة الله في كل شيء "دوام علم العبد وتيقنهُ باطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه" وإن الوقت هو سر الحياة ورأس مال الإنسان، وقراءة القرآن الكريم وتدبر معانيه والنظر فيه من أعظم نعم الله على البشرية.
وعن كيفية وصول الإنسان إلى مرحلة التقوى وهل التقوى ثمرة الصيام أم أن الصوم ثمرة التقوى، بمعنى آخر هل أصوم لأتقي أم أتقي لأصوم؟، يجيب المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، خلال كلمته في الحلقة الثانية من حلقات برنامج "آيات محكمات" الذي تقدمه "أ ش أ"، قائلا: كلاهما يؤدي إلى الأجر إن شاء الله تعالى، لكن نلتزم بظاهر قول الحق تبارك وتعالى "{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}" صدق الله العظيم، حيث يريد الله جل في علاه أن يقول لنا أن الصيام يؤدي إلى التقوى، نحن لدينا فقه وعندنا أسرار الفقه، هو أن نلتزم بالقرآن والشروط حتى يكون الأمر صحيحا.
وتابع: لكن كيف أصوم وأتقي في نهار رمضان، نفعل كما فعل سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، هل سيدنا النبي كان يفعل النية والامتناع عن المفطرات، نعم كان يفعل هذا، ولكن يبين لنا أن الفريضة هذه لها أسرارها وأنوارها، ألا وهي أن تراقب الله عز وجل في هذا الصيام الذي يعد من أجمل الفرائض والعبادات التي فرضت علينا.
وأضاف" أن الحق سبحانه وتعالى يبين لنا فضل الصيام في الحديث القدسي الشريف" كل عمل ابن ادم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به"، وهنا نسأل لماذا الصوم بالذات دون غيره مثل الصلاة وغيرها من الفرائض حيث الجزاء والعطاء منه سبحانه وتعالى، وقال إن العلماء هنا اختلفوا في هذا الأمر وقالوا لأن الصيام بين العبد وربه لا أحد ينظره ويراه كغيره من العبادات مثل الحج والزكاة إلا الصوم لأنه لايراه فيه أحد إلا الله تعالى من أجل ذلك يسمون الصوم عباده فيها الامتناع، لكن الامتناع فيها طبقا لأمر الله عز وجل، سر بينك وبين ربك، من أجل هذا من يصوم جيدا تجد عنده المراقبة خاصته جيدة جدا وممتازة، والمراقبة هنا تعني جهاز التفتيش الذاتي بمعنى الكاميرا التي ترقبك وتنظر كل حركاتك وسكونك والتي تمثل هنا الضمير والتي تسمى مرتبة الإحسان التي تعبد الله فيها كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك.
وقال المستشار العلمي لمفتي الجمهورية" إذاً هنا تكون مرحلة الإخلاص وكلما أردت أن تكون مخلصا، يجب أن تحسن في تقوى الله في كل شيئ تفعله، لكن ماذا أفعل، وإذا كان واحد لا يأكل من أول الفجر حتى غروب الشمس ممتنع عن الطعام والشراب، لكنه يكذب ولا يتقن عمله ويخون الأمانة ويشهد الزور ويرتكب أشياء عديدة من الصفات السيئة، نقول له أن سيدنا النبي علمنا أن من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه.
وقال إن أمة الإسلام أمة تقيم الشيئ صحيحا وبعد ذلك ترجو القبول من الله عز وجل، ولذلك يقال احرص ليس فقط على صحة العبادة ولكن ارجو قبول العبادة بأن تقيمها بما أمر الله بها وبما رأيت وجاءك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يفعل ويهدي إلى هذه العبادة، ومن ثم فإن الانتهاء عن الصفات السيئة يساعد على أن يرتقي الإنسان وأن يصل بصيامه إلى مرحلة التقوى.