السبت 23 نوفمبر 2024

ثقافة

حوارات رمضانية.. محمد سليم شوشة : يجب أن تكون تنمية القراءة تحديا عاما

  • 3-4-2022 | 13:19

محمد سليم شوشة

طباعة
  • أبانوب أنور

شهر رمضان له العديد من المميزات والسمات التي تزيد من أهميته في مصر والوطن العربي بل العالم كله، ومن بينها الذكريات التي تكمن في ذاكرة كل شخص عن رمضان في الماضي، ففي شهر رمضان تبدأ روح الصائم بالتعايش مع كل ما فيه تقوى، وتتحول المنازل في شهر رمضان إلى خلايا يصدر عنها السكينة، حيث يزداد الاهتمام فيه بالصلاة، وقراءة القرآن، أنعشت بوابة دار الهلال الذكريات مع الناقد الدكتور محمد سليم شوشة، أستاذ الأدب العربي بجامعة الفيوم، عن ذكرياته مع شهر رمضان والحياة الثقافية في الشهر الكريم.

كيف يكون يومك في رمضان؟

في الحقيقة لا يختلف يومي كثيرا في رمضان عن الأشهر الأخرى، وأرى أن شهر رمضان شهر عمل وعطاء وهو بالأساس يرمز لفكرة الصبر والقدرة على التحمل والقدرة على التركيز والابتعاد عن التشوش، ولهذا لا أراه شهرا معطلا أو يكون خارج النسق الطبيعي للحياة، بل على العكس ربما تكون فرص العمل التي يوفرها رمضان أكثر من غيرها وبخاصة للرجل، أما بالنسبة للنساء فربما يكون الأمر صعبا لكون المرأة تتحمل في شهر رمضان أعباء إضافية لأننا لسنا متمتعين بثقافة المشاركة أو أن كل فرد في الأسرة يساعد في أداء في أعمال المنزل ويجهزه طعامه بنفسه أو يشارك فيه، المهام كلها لدينا تكون على المرأة والأطفال وهذا خطأ كبير، فضلا عن أخطاء الإفراط في الطعام وتجهيزاته في رمضان وغياب البساطة يزيد من صعوبة هذه المهام على النساء من ربات البيوت، أما الرجال ففي أغلب الوقت يكونون متفرغين لأعمالهم المعتادة، ومن الأشياء المهمة التي أحبها في رمضان متابعة أحد الأعمال الدرامية المهمة أو الجميلة وهذه عادة من الطفولة مازالت متلبسة بي ولا أشعر بتميز شهر رمضان واختلافه إلا من خلال أحد الأعمال الدرامية المميزة التي يقدمها التلفزيون المصري. لكن أكثر ما يزعجني في شهر رمضان هو الاضطرار للسهر وأنا لا أحب السهر، وأفضل دائما العمل والقراءة والكتابة وأداء مهامي في ساعات النهار.

 

ماذا تقرأ في رمضان؟

تقريبا لا تختلف كثيرا عما أقرأ في غيره من الشهور لأني في الواقع أحتاج للقراءة بمعدلات كبيرة بشكل دائم، وقراءتي ليس لها تصنيف محددة وليست مقصورة على التخصص، ولكن كتب التخصص من الأعمال الإبداعية أمر أساسي وكذلك كتب النظرية النقدية وكتب الفلسفة والفكر، لكن في السابق كنت أميل لقراءة الروايات الكبيرة وفي سنوات سابقة قرأت في شهر رمضان ديستويفسكي وجوزيه ساراماجو وأورهان باموق وبوهميل هارابال وميلان كونديرا وتولستوي وأهم الروائيين الكبار قرأتهم في رمضان لأنه شهر القراءة بامتياز، وفي المرحلة الثانوية قرأت نجيب محفوظ كذلك في رمضان، وأقترح على بعض القراءة أن يقرأوا كلاسيكيات الرواية المصرية من توفيق الحكيم ويحيى حقي ونجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي ويوسف إدريس لأن أعمالهم فيها قدر كبير من البساطة والتشويق والمتعة والتسلية مع الفائدة والتثقيف.

 

حدثني كيف ترى الحياة الثقافية في رمضان؟

الحياة الثقافية في رمضان تتمثل في منطقة وسط البلد وبرامج التلفزيون، أنا أحب جدا حي السيدة زينب في شهر رمضان بالليل وكنت أحب دائما الذهاب للسحور في السيدة زينب ولو لمرة واحدة حتى أشهر بروحانيات القاهرة القديمة وأتصور أن هذه المنطقة ناطقة بروح مصر وعمقها التاريخي وأجوائها الروحانية وكل المصريين يحبونها في شهر رمضان حتى مع اختلاف الدين، لأنها نابضة بالحيوية ومثلها طبعا حي الأزهر والحسين ولكني شخصيا أحب السيدة زينب أكثر. وقديما كنت أتابع أنشطة قصور الثقافة وما يقدم من مسرح في حديقة السيدة زينب وشاهدت فيها بعض العروض المهمة، ثم بعد ذلك كنت من المشاركين في هذه الفاعليات لهيئة قصور الثقافة قبل جائحة كورونا.

حدثني عن شهر رمضان في الماضي والحاضر بالنسبة لك؟

شهر رمضان في الماضي كان يعني لي الغيط وقرآن المغرب وأكلات بعينها وطقوس رمضان في القرية في الحقيقة طقوس سحرية لا يضاهيها أي متعة أو إحساس وكانت هناك عديد الألعاب التي كانت تقترن بسهرة رمضان وبخاصة في الشارع وعند جامع القرية انتظارا لأذان المغرب أو انتصار للمسحراتي الذي مازال موجودا في القرية ولكنه ليس بكل الطقوس القديمة وسحريتها ورمضان كذلك في الماضي يقترن عندي بالحكايات العجائبية والسحرية وألف ليلة وليلة وتقريبا لم أكن أشعر بجمال الأيام واختلافها إلا في شهر رمضان. أما في الحاضر فقد تبدد كثير من هذا وأصبح العمل هو الخط الأساسي وتغير الأمر كثيرا وصار التركيز على الأشياء المهمة.

 

أي الكتب ترشحها للجمهور للقراءة في رمضان؟

في ظني أن القراءة يمكن أن تكون حلا لكثير من مشاكلنا وتعين على التخلص من التفكير السلبي أو الانشغال بالأزمات سواء كانت جائحة كورونا أو الحرب الدائرة الآن في أوكرانيا وتنسحب تبعاتها وآثارها على العالم كله، في القراءة يكون الفهم وهكذا يكون كثير من الراحة والاستيعاب وكذلك يكون التنوير والاستقرار النفسي وتمد الإنسان بمزيد من الإرادة والقدرة على العمل، وأتصور أنه لابد أن تكون لدى الدولة استراتيجية لتحسين القدرات القرائية عند الأجيال المختلفة ضمن برامج التعليم أو البرامج التثقيفية أو حتى الإعلام، يجب أن تكون تنمية القراءة تحديا عاما لدينا وأتصور أنها ستكون المخرج من كثير من أزماتنا ومشاكلنا إن لم يكن كلها. ولذلك فنحن أمة تقريبا لا تقرأ وإن قرأت فتقرأ القليل وتستوعب الأقل وهذه كوارث قومية، وقد تجد مهندسا أو طبيبا ولكنه غير مثقف ويفتقد لأساسيات إنسانية وتبدو عليه سمات من الجهل ولهذا لا تستغرب أن يكون لدينا حاصلين على شهادات عليا لكنهم غير متعلمين وتكون لهم سلوكيات غريبة وخاطئة أو ضد المسار الجمعي للمجتمع المصري و ضد أهداف الأمة المصرية.

 

كيف ترى شهر رمضان في ظل الكورونا ومع الحرب؟

الحرب الأوكرانية من الأمور التي يتعاطى معها المصريون بطريقة خاطئة ولا يستوعبون منها الكثير وربما يكون هذا هو طابع الشعوب في كل العالم، ولكن الطريف أنك تجد كثيرا من الجماعات ومدعي الديمقراطية ينحازون لأوكرانيا ويتبنون الموقف الغربي تماما والحقيقة أن الأمر أعقد من هذا بكثير، ربما نحن لا يشغلنا كثيرا إلا الأثر الاقتصادي ولكن هذا أيضا يجب أن نستوعبه وندرك أن هذه الأزمة تؤكد أننا جزء من العالم وأننا يجب أن ننمي الإنتاج ويكون هو تحدينا الأكبر ولابد أن نقلص كثيرا من استيرادنا إلى أقصى حد، وطالما أن شهر رمضان هو شهر العمل والعبادة أيضا فيجب علينا أن نستوعب هذا الدرس وأن نبتعد عن العاطفة وتبديد الأموال في أشياء شكلية وأن نصرف على العلم والمعرفة وتنمية مهارات التعلم مثلما نصرف على الطعام وأحيانا نتعامل مع الطعام بشكل خاطي في إطار الكم ونكثر من الحلويات والسكريات وكأن المجتمع كله يعيش حالة من الطفولة، والحقيقة أن كثيرا من الأطعمة التي نكثر منها في رمضان مدمرة وغير صحية، الحقيقة أن المجتمع المصري عظيم وغني بالقيم الإنسانية والإنسان المصري ممتلئ بالحيوية والتفاؤل وحب الحياة لكن الإشكالية في تقديري تكمن في المكونات الثقافية والمحركات التي تسكن العقل وتهيمن عليه وتشكل أنماط السلوك لدينا، نحن مثلا لا نهتم بممارسة الرياضة في رمضان ونكثر من النوم والأكل وكلها في ظني سلبيات يجب أن نتفاداها ونغير منها.

 

الاكثر قراءة