الأحد 5 مايو 2024

حوارات رمضانية.. شعبان يوسف: مي زيادة نموذج للاضطهاد

جانب من الحوار

ثقافة4-4-2022 | 19:35

أبانوب أنور

- أحب أن استعيد نجيب محفوظ في رمضان

- كان رمضان به أبعاد روحانية حقيقة والآن أصبح رمضان عبارة عن مسلسلات وعزومات
- كان المسحراتي في الماضي فاكهة رمضان أصبح الآن سخيف
- أرى أن مي زيادة حقها الأدبي ضائع إلى حدٍ ما

شهر رمضان له العديد من المميزات والسمات التي تزيد من أهميته في مصر والوطن العربي بل العالم كله، ومن بينها الذكريات التي تكمن في ذاكرة كل شخص عن رمضان في الماضي، ففي شهر رمضان تبدأ روح الصائم بالتعايش مع كل ما فيه تقوى، وتتحول المنازل في شهر رمضان إلى خلايا يصدر عنها السكينة، حيث يزداد الاهتمام فيه بالصلاة، وقراءة القرآن، أنعشت بوابة دار الهلال الذكريات مع الكاتب والناقد والشاعر والمؤرخ شعبان يوسف، عن ذكرياته مع شهر رمضان والحياة الثقافية في الشهر الكريم.

كيف تقضي يومك في رمضان؟


أولًا لأنني على المعاش ليس لدي التزامات وظيفية فمعي الليل بأكمله، فهناك جزء يضيع بالنهار، وأشاهد التليفزيون في بعض الأحيان، فاختار مسلسل مع العائلة ونشاهده جميعًا، ولأنني منشغل بالنشاط العام فهناك ندوات أحضرها مثل ندوات الثقافة الجماهيرية، وورشة الزيتون التي أنظمها، وكنا في زمن سابق نعقد ندوات لها علاقة بالشعر الصوفي، وندوات عن أفكار لها علاقة برمضان، وأنا شخصيا أحاول بقدر الإمكان أكتب عن مثقفين رمضان، وعن الكتب والقصص.

ويعتبر رمضان بالنسبة لي فرصة لكي اقرأ في المتأخرات، لأن بهذا الشهر الكريم نوع من السكون فعادة أسهر في هذا الشهر فيكون هناك وقت كافٍ للقراءة ليلًا.


وأحب أن استعيد نجيب محفوظ في رمضان، ربما لأنه من الظواهر القصيرة في الأدب، وأنا كأي شخص مصري فمن المعتاد أن يكون هناك عزومات عند الأقارب والأصدقاء، وعندي في ورشة الزيتون اعتدنا على أن ننظم يومًا للإفطار معًا وتعقبه ندوة، فيتخلل الورشة أثناء الإفطار وبعده نوعا من الحراك الإجتماعي، ومنذ فترة طويلة كنا نسافر الأقاليم حيث الندوات التي كانت تُعقد هناك، فكانت تنظم الثقافة الجماهيرية طوال الوقت الشوادر في أسيوط وقنا، فكنت أشارك دائما في شوادر الثقافة الجماهيرية ومازالت أشارك حتى الآن ولكن على قدر وقتي.

ماذا تحب أن تقرأ في رمضان؟


قراءاتي في رمضان يتصدرها دائما نجيب محفوظ، ويأتي بعد استعيد بعض الكتب الفكرية المتأخرة، فدائما أي كاتب أو مثقف يكون لديه متأخرات، والآن أصبحت قراءتي مرتبطة بكتابتي، فأقرأ ما أنا مشغول به، فأنا أكتب بشكل متكرر في مجلات مثل عالم الكتاب وأخبار الأدب فأحاول بقدر الإمكان اقرأ ما يناسب الموضوعات التي أكتب بها، فإذا كنت سأكتب مثلا عن ما يناسب الأدب في رمضان سأجد مثلا قصيدة لتوفيق زياد أو قصة ليوسف إدريس و نجيب محفوظ في زقاق المدق تطرق إلى هذا الموضوع، فأنا استعيد هذه الأشياء ليس نوعا من التبرك أو نوعا من البُعد الديني، ولكن استدعاءً لما كان يكتبه المثقفون والمبدعون في رمضان، واقرأ أيضا شعر ابن الفارض -القصائد التي لها أبعاد روحية- وأحب أن أسمع التواشيح جدًا واقرأها بشكل موسع.

كيف ترى شهر رمضان بين الماضي والحاضر؟


اختلف رمضان كثيرًا اليوم عن الماضي، فكان رمضان به أبعاد روحانية حقيقة، والآن أصبح رمضان عبارة عن مسلسلات وعزومات في المطاعم، وفي الماضي كان هناك نوعا من التماسك فكنا نجلس على الطبلية جميعا على الإفطار أما الآن فهذا التماسك العائلي أصبح غير موجود، فأصبح هناك زحام شديد في هذه الأيام وهناك تقاليد أخرى وتباعد اجتماعي لم يكن موجود في الماضي.


كان المسحراتي في الماضي فاكهة رمضان أصبح الآن سخيف، ليس له طعم ولا رونق الماضي، فكنا نسهر دائما ننتظره حتى يأتي أما الآن أصبحنا نتفاداه، وأيضا الفانوس الكهربائي ليس له طعم، فنحن اعتدنا على الفانوس أبو شمعة، فالحقيقة أن رمضان في الماضي كان أجمل، أما الآن اختفت بهجته الاجتماعية مثله مثل الغناء والشارع اختلفوا أيضا عن الماضي، يمكن في بعض الأحياء الشعبية كالحسين والسيدة زينب مازال رمضان يحتفظ بتقاليده القديمة، 

حدثني عن الأنشطة الثقافية التي تقوم بها في رمضان.


نحن في رمضان بورشة الزيتون نعقد ندواتنا كالمعتاد، والثقافة الجماهرية لها رونق خاص في رمضان فتنظم معارض للكتب بأسعار رخيصة وبعض المنتديات التي تتحدث عن رمضان، والمجلس الأعلى للثقافة كل له فكرة معينة يستعيد بها شعراء مثل فؤاد حداد فهو لديه الحضرة الزكية، وينظم أيضا ندوات عن شعر المتصوفة، وأنا أشارك بكل هذه الأنشطة بشكل أساسي.

كيف ترى شهر رمضان في ظل الكورونا ومع الحرب؟


مر علينا عامين في ظل وباء الكورونا فزادت القيود علينا، فالكورونا بشكل عام سيئة وطبعت على رمضان وازالت منه البهجة، ونحن نأمل أن يزول عنا هذا الوباء، أما عن الحرب فهي سيئة بكل الأحوال فهي تؤثر على المشهد الثقافي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي.


ما سر اهتمامك الزيادة بمي زيادة؟


كتابي الأول اسمه لماذا تموت الكاتبات كمدا، وأرى أنا هناك كاتبات مضطهدات ومستبعدات بشكل كامل، وأنا شرحت تلك القصة في كتابي، وأري أن مي زيادة هي نموذج للاضطهاد والاستبعاد وهي حية وتعيش بيننا وبعد أن رحلت أيضا، ومن ظلموها ليس أهلها بل الكتاب والمفكرين من أمثال سلامة موسى وطه حسين والعقاد، وتعاملوا معها كمجرد أنثى ومجرد صالون، ولا يوجد كاتب من هؤلاء الكتاب الكبار قرأ كتاب لمي زيادة ونقده، ولكن اختصروها في صالونها، فكان لابد أن أتحدث وألقي الضوء على تلك القصة، فلا يوجد مثقفين على رأسهم ريشة لا العقاد ولا طه حسين ولا سلامة موسى ولا غيرهم.

وبالتالي كان من الضروري أن اهتم بمي زيادة، ويمكن أنا لم أفسر في كتابي الأخير لماذا قاموا بهذا التصرف، لكن العقاد لم يكتب عنها كتابة ذات شأن، وإلى الآن أرى أن مي زيادة حقها الأدبي ضائع إلى حدٍ ما، لأن الجميع مشغولون بقصة مأساتها فقط لا غير، ولم ينشغلوا بتراثها الفكري والأدبي العظيم في مصر أو في الوطن العربي، وأنا اعتبر مي زيادة من أعظم كاتبات عصرها، فكان لابد أن اتحدث عن قصتها وعن استبعادها وتهميشها، وهناك جزء ثاني من كتاب الذين قتلوا مي.

ما هي النقاط التي ستتناولها في الجزء الثاني من كتاب الذين قتلوا مي؟


سوف اتوسع في الجزء الثاني من كتاب الذين قتلوا مي في الحديث عن علاقتها بطه حسين و سلامة موسى والمازني وفتحي رضوان وأنور المعداوي، لأنني لم أحصل على فرصتي للتوسع، وسأحاول أن أنشر نصوص لمن هاجموا مي أو تحدثوا عنها باستخفاف، وأناقش الموضوع بشكل أكثر توسعًا، لأن كتاب الذين قتلوا مي يوجد به فصل عن نوال السعداوي، سأرفع هذا الفصل عنها وساستكمل كتاب آخر عن نوال السعداوي، وأكمل كتاب مي أقول قول الفصل في مي زيادة.

نشرت آخر ديوان شعر لك في 2008.. فلماذا كل هذه الفترة من التوقف؟


توقفت فعلًا عن إصدار الدواوين لأنني انشغلت بشكل واسع في البحث الثقافي، فكتبت حوالي 20 أو 25 كتاب، وقلل البحث الثقافي من فكرة نشر الشعر، فيوجد لدي ديوانين وأنا عازف عن نشرهم الآن، لأن المشاريع البحثية لم تنفد.