السبت 20 ابريل 2024

إعداد جيل من الأئمة المفكرين

مقالات9-4-2022 | 14:14

خلال اجتماع الرئيس عبد الفتاح السيسي الخميس الماضي، مع كلٍ من الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، والمستشار عمر مروان، وزير العدل، طرح وزير الأوقاف جهود وزارته بشأن إعداد جيل من الأئمة المفكرين، حيث وجه الرئيس السيسي بضرورة الإسراع نحو بلورة برامج تدريبية متقدمة، وانتقاء الأئمة الأكثر نبوغًا، حتى يتم تأهيلهم على أعلى مستوى علمي وفكري ومهني، لتكوين جيل من المفكرين وصانعي الرأي الديني الوسطي الرشيد والمستنير، وعلى أن تشمل خطط تأهيل الأئمة الجدد، برامج تطوير اللغات الأجنبية، لصقل الأئمة الموفدين للخارج، وكنت قد تابعت أخبار الاجتماع صباح أمس، قبل التوجه لأداء صلاة الجمعة.

كان من الطبيعي أن تلح تفاصيل الخبر على خواطري، بينما أنصت لأحد أئمة وزارة الأوقاف الشباب، وهو يلقي خطبة الجمعة في أحد المساجد الوسطية الواقعة تحت إشرافها، وإن كانت خواطري جالت في أكثر من اتجاه طوال وقت الخطبة، إلا أنها اتحدت جميعها في تصور ملامح هؤلاء الأئمة المفكرين المأمولين، ولا أعني ملامحهم الشكلية بقدر ما أعني وبعمق سماتهم الشخصية والفكرية، فيما يتعلق بالسمات الشخصية، تمنيت مثلًا أن يدرس الأئمة الجدد الأنماط الأربعة للسلوك البشري، حتى يعرفوا أن سلوك البشر جميعًا على وجه الأرض، تعدادهم يتجاوز 8 مليارات نسمة العام القادم، ينحصر في النهاية في أربعة أنماط سلوكية فقط لا غير.

أنماط السلوك البشري الأربعة هي القيادي المتطلع دائمًا لقوة الأداء إلى حد المنافسة، الخيالي الموهوب المبدع المنفصل غالبًا عن أرض الواقع، المنظم الدقيق الباحث في كل وقت عن الكمال، وأخيرًا النمط المتوازن متوسط الأنماط الثلاثة الأولى، أطلق أبقراط على أصحابه لقب الهادئين، سماتهم الهدوء والتمهل والبساطة، وتعود أهمية دراسة هذه الأنماط، إلى تحقيق تواصل فعال، يحقق النتائج المرجوة في أي مجال، الموضوع مهم إذًا لنا جميعًا سواء في الحياة الشخصية أو العملية، مهم إذًا دراسة الأئمة الجدد لأنماط السلوك البشري الأربعة، حتى يتعرف كل منهم أولًا على نمطه الشخصي، قبل أن يصنف أنماط سلوك المخاطبين، فيتحقق بسهولة التواصل الفعال معهم.

كما ألحت على ذهني خاطرة فكرية، وأخذتني إلى "التفكير فريضة إسلامية" كتاب المفكر المتفرد المجدد عباس محمود العقاد، في خاتمته يقول العقاد: "كتبنا هذه الفصول عسى أن يكون فيها جواب هادٍ لأناسٍ من الناشئين يتساءلون: هل يتفق الفكر والدين؟ وهل يستطيع الإنسان العصري أن يقيم عقيدته الإسلامية على أساسٍ من التفكير؟.. ونرجو أن تكون هذه الفصول تعزيزًا للجواب بكلمة "نعم" على كلٍ من هذين السؤالين، نعم يتفق الفكر والدين، ونعم يدين المفكر بالإسلام وله سند من الفكر وسند من الإيمان".. سؤال عن العقاد ومؤلفاته الإسلامية، ضمن عمليات اختبار الأئمة المفكرين المأمولين، أراه كفيلًا وحده بانتقاء إمام مفكر واستبعاد آخرين نمطيين.

بالضبط ما تشعر به الآن وأنت تقرأ سطوري هو ما أعنيه، ضرورة تمكين العصف الذهني والخروج عن الإطار إذا كنا جادين في تأهيل أئمة مفكرين، أن نؤمن بداية أنه ملف مصيري يجب ألا تختص به مؤسسات الدولة الدينية الرسمية، وخاصة النمطية منها إلى أبعد الحدود كوزارة الأوقاف حتى وإن كانت وسطية، أن نصوب عنوان الملف ليكون "تجديد الفكر الديني" بدلًا من "تجديد الخطاب الديني"، فالخطاب وسيلة تتجدد تلقائيًا إذا تجدد الفكر أولًا، أن يقوم منهج التجديد في الأساس على طرح رؤى تبحث في إجابات على أسئلة تبدأ بـ"لماذا؟" العقلية بدلًا من "كيف؟" النقلية، الملف يخص الجميع، وجميعنا أصحاب أدوار فيه.