الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

مقالات

الإعلام.. ونوبة صحيان

  • 9-4-2022 | 20:59
طباعة

ما بين تصنيع الأزمات وتخليق المؤامرات.. لضرب الدول وإسقاطها.. ومحاولة استغلال تداعيات الحرب «الروسيةــ الأوكرانية» وآثارها على الدول.. فى تزامن مع إطلاق أبواق الإعلام المُستأجر للتسخين والتحريض والأكاذيب والشائعات.. لابد أن يدفعنا ذلك إلى اليقظة والحذر وأن ينتبه الإعلام جيداً حتى يستطيع إجهاض المخطط الشيطانى الجديد.. بناء الوعى الحقيقى والفهم الصحيح لتداعيات الأزمة العالمية يفوت الفرصة على منابر الشائعات والأكاذيب والوقيعة والفتنة.

قلت إن تداعيات الأزمة الروسيةــ الأوكرانية سوف تطال الجميع، ولن تستثنى أحداً.. وأنها مرسومة ومخططة ومعروف أهدافها ونتائجها ومن يُراد منها إسقاطه.. فقد دفعوا روسيا دفعاً للإقدام على اقتحام أوكرانيا، تنصلوا من اتفاق «منسك».. وهددوا أمنها القومى بالإصرار على التواجد بالقرب من حدودها ومشارفها، ونطاق أمنها القومى وهو خط أحمر لم تقبل موسكو تجاوزه.. وقوى الشر العظمى تدير المشهد وتدفع فيه وتساند وتدعم من أجل تحقيق ذلك بهدف اصطياد موسكو واستنزافها.. لكن ربما يتحقق العكس.. «جيت تصطاده.. اصطادك.. أو انقلب السحر على الساحر».. فالأوراق الروسية تمثل خطراً كبيراً على الغرب، ليس فقط فى التطور المرعب فى ترسانة الأسلحة والقدرة على الوصول إلى أى منطقة فى المعسكر الآخر.. ولكن أيضاً امتلاك روسيا لأوراق الطاقة والغاز الذى تعيش عليه أوروبا، ويمثل لها الحياة بمفهومها الشامل، ليس الغاز والطاقة ولكن الفحم، أيضاً وكون روسيا تمثل جزءاً مهماً فى إنتاج العالم من المواد الخام والغذاء.. لذلك فرضت بيع موارد الطاقة لديها من الغاز بالروبل الروسى وهو ما فرض واقعاً صعباً على الغرب وارتفاع سعر العملة الروسية مقابل الدولار واتجاه دول كبيرة للتعاون معاً والتعامل بالعملة المحلية مثل الروبل الروسى واليوان الصيني.. وهو ما يعنى انحسار الدولار، بعد أن اقتصرت مساهمة أمريكا فى الناتج العالمى بـ24٪ بعد أن كانت 50٪ وتستحوذ الصين على 16٪.. وهناك تقارب أو تحالف سمه ما شئت بين روسيا والصين والهند، إلى جانب بعض القوى الأخرى فى العالم والشرق الأوسط، التى ضجَّت من السياسات الأمريكية التى خلفت خراباً ودماراً وتشرذماً وشروراً فى العالم وازدواجية وتشريداً للشعوب وإسقاطاً للدول.. ومؤامرات ومخططات واستنزافاً لثروات الدول، خاصة المنطقة العربية.. أى أن العالم مَلّ وضج من الظلم والهيمنة.. ويحاول الآن أن يرسى نظاماً عالمياً جديداً.

إصرار الغرب، خاصة الولايات المتحدة على استمرار أزمة روسياــ أوكرانيا بطبيعة الحال يحمل أهدافاً خبيثة وشيطانية، ربما لا تصل إلى عقول الكثيرين.. ليس عقاب روسيا فحسب.. ولكن عقاب من يراهم الغرب هدفاً ثميناً يجب الخلاص منه بالإضعاف والإسقاط بإيجاد مساحات من الوقيعة وشق الصف بين شعوب الدول فى داخلها، بفعل استغلال تداعيات الأزمة وتأثيراتها السلبية على الجميع.
ما أريد أن أقوله فى السطور القادمة وأؤكد عليه أنه إذا كان الوعى فى الفترات الماضية والمعارك التى خاضتها الدولة المصرية مهم .. فالآن و فى هذا التوقيت أمر حتمى ومصيرى ووجودي.. لماذا؟.. الإجابة فى مجموعة من النقاط كالتالي:

أولاً: إن قوى الشر وإدارة المؤامرة التى فشلت فى 25 يناير 2011 وانتقلت إلى مناطق قيادة أخرى وبآليات وتكتيكات جديدة.. وجهت أدواتها وعملاءها من الخونة والمرتزقة مثل الإخوان المجرمين ومنابرهم وخلاياهم وذبابهم الإلكترونى فى استغلال تداعيات الأزمة العالمية ومحاولة العمل على بناء وعى مزيف لدى الشعب المصري.. وخداعه بأن الدولة فاشلة.. والحكومة.. ونشر وترويج أكاذيب غير صحيحة وغير واقعية على الإطلاق وكأن مصر هى الدولة الوحيدة فى العالم التى تأثرت بتداعيات الأزمة.. وشاهد الضلال والفجور والعهر الإخواني.. إنهم تركوا مركز «الأزمة» بين روسيا وأوكرانيا، سواء الانتصار الأوكرانى أو الروسي، أو مستقبل أوروبا فى ظل الصعوبات والمعاناة التى تواجه شعوب أوروبا بعد غلاء الأسعار وارتفاع معدلات التضخم ونقص السلع والاحتياجات، ونقص إمدادات الطاقة والغاز والاتجاه إلى الركود الاقتصادي.. كل ذلك تركوه وتفرغوا لمصر رغم أن الحكومة المصرية تدير بشكل رائع ومحترف ولم تُقصِّر على الإطلاق.. سواء على مستوى الاقتصاد أو توفير السلع والاحتياجات الرئيسية والاستراتيجية للمواطنين دون وجود نقص أو عجز على الإطلاق.. ومحاولة امتصاص تداعيات الأزمة العالمية.. لم يكلف الإخوان المجرمون أنفسهم، وهم يعلمون جيداً.. ولكنه التدليس الذى تمارسه منابرهم أن ينظروا إلى الأحوال فى تركيا والأسعار وتوفر احتياجات الأتراك.. لم يشاهدوا الوضع فى ألمانيا وفرنسا أو احتجاجات بريطانيا أو الوضع فى الولايات المتحدة الأمريكية والارتفاع الجنونى غير المسبوق فى التضخم والأسعار.. الإخوان يحاولون استغلال تداعيات الأزمة الروسيةــ الأوكرانية والقفز عليها والسعى إلى الوقيعة وإحداث الفتنة.. أو كعادتهم ومحاولاتهم الفاشلة لتحريك المصريين بإلصاق التداعيات الخاصة بالأزمة العالمية بالحكومة المصرية، رغم أن الجميع يعلم أنها أزمة عالمية.. يتم التشكيك فى الإجراءات الاقتصادية التى تتخذها الدولة المصرية لتنشيط اقتصادها وتعزيز نموها.. وتسعى قوى الشر إلى بث المعلومات والمفاهيم المغلوطة وقلب الحقائق والإساءات والاتهامات على عكس الواقع تماماً.

كان اللَّه فى عون المواطن المصرى الذى يتعرض على مدار الساعة واليوم إلى ضخ متواصل للشائعات والأكاذيب والتشويه والتشكيك فى الدولة والحكومة وبث الفتنة ومن كافة الوسائل التليفزيونية والإلكترونية والخلايا والذباب وقنوات مثل الـ»بي.بي.سي» كل ذلك بتوجيهات قوى الشر التى تريد استغلال تداعيات الأزمة وكأن مصر طرف فيها أو هى السبب فى إشعالها.. ولذلك فإن قوى الشر تحاول ضرب عشرات العصافير بحجر الأزمة.. وأعطت الإشارة إلى أدواتها مثل الإخوان والمرتزقة والخونة لبث الكذب والشائعات والوقاحات والتشويه وحتى لا ألوث أوراق هذه الجريدة الوطنية الشريفة، فلا أريد أن أذكر أسماءهم ولكن الجميع يعرفهم وكشف أمرهم.

ثانياً: أمام هذا الضخ المكثف من قوى الشر ومن منابر الإخوان المجرمين ومحاولة تشويه وتحريض ونشر الأكاذيب، كل ذلك يستوجب أن نكون على قدر المواجهة والتحدي.. وأن يكون الوعى بالنسبة لنا بالغ الأهمية وسلاحاً بتاراً للتصدى لمحاولات التزييف والخداع والتدليس.. لذلك مطلوب من الإعلام أن ينشط ويكثف ويضاعف جهود الوعى خاصة فى مجال التعريف بتداعيات الأزمة الروسيةــ الأوكرانية وآثارها على العالم.. والتأكيد على أن الحكومة المصرية تتعامل باحترافية وقدرة لها تجارب، ناجحة كثيرة، آخرها كورونا التى هزت عرش اقتصادات عالمية، وأنها تتعامل باحترافية مع الأزمة العالمية للحفاظ على المواطن والاقتصاد.. وأن هذه الإجراءات الاقتصادية العلمية الوطنية الشريفة تحقق المصلحة الوطنية وتحافظ على المواطن.
ثالثاً: مطلوب نشاط مكثف على المستوى المؤسسى الحكومى والإعلامى أيضاً لمجابهة ضخ السموم المتواصل على مدار الساعة والدقيقة.. بحيث يتم إتاحة جميع المعلومات وتفسير وشرح القرارات وأيضاً الأرقام بأسلوب مبسط للمواطنين وأهداف وفلسفة القرارات والإجراءات.. ويمكن أن يلجأ الإعلام إلى شرح مبسط ورسائل من خلال شرح القصة والحكاية بواسطة «فيديوجراف» أو فيديوهات قصيرة لنجوم كبار.. تشرح أسباب الأزمة العالمية وتداعياتها وما هى الآثار المترتبة عليها ولماذا ارتفع التضخم وزادت الأسعار.. ولابد أن تخرج الحكومة وتطل علينا جميعاً وأيضاً محافظ البنك المركزى لشرح الإجراءات والقرارات وتفسير الأرقام.. فكان من المهم شرح وتفسير رقم الاحتياطى الاستراتيجى من النقد الأجنبى باستفاضة ولا يسمح لأى طرف من قوى الشر أن يبنى وعياً ومفهوماً مزيفاً ومزوراً لذلك من المهم زيادة جرعات الوعى والتواصل خاصة فيما يتعلق بتداعيات «الأزمة الروسية الأوكرانية»..  وتفكيك الخطاب الإخوانى الكاذب والضعيف لكن لابد من الوصول إلى كافة الفئات والثقافات من الشعب بجميع الوسائل المتاحة والأسلوب المبسط.

باختصار شديد قوى الشر والشيطان فى العالم التى تعتنق الدمار والخراب والقتل وسفك الدماء تريد أن تحقق أهدافها التى فشلت فيها فى يناير 2011 تريد أن توقف حركة التقدم والنمو فى بعض الدول الصاعدة.. تريد أن تجرب مخططات جديدة تتعانق فيها تداعيات الأزمات العالمية مع التخديم الإعلامى بنشر الأكاذيب والشائعات والتشويه والسخرية والتحريض.. بطبيعة الحال قوى الشر (العظمي) قوى الهيمنة هى المستفيد الأول من الحروب والأزمات سواء من بيع وتصدير السلاح أو اللقاحات والأمصال والأدوية لذلك تقوم بتصنيع وتخليق الأزمات والحروب وبدورها تقوم بجمع المليارات على حساب الإنسانية وأرواح البشر هذه هى ديمقراطية وحرية وإنسانية وحقوق الإنسان لدى الغرب.

لذلك علينا أن ننتبه ونحافظ على مستوى الوعى وربما أكثر خاصة فى هذا التوقيت الدقيق والذى تنشط فيه المؤامرات والمخططات والرهانات على إسقاط الدولة وإحداث شروخ فى تماسكها ووحدتها وخلق الوقيعة والفتنة بين أبنائها.
 
الحج.. وفقه الأولويات
 
أحسنت وزارة الأوقاف عندما أعلنت أنه لا حج هذا العام على نفقتها فى ظل هذا التوقيت الذى تعاد فيه صياغة الأولويات والاهتمام بحوائج الناس.. فلا يمكن أن يكون تكرار الحج على حساب احتياجات الأسر والأبناء والفقراء.

فالحج لـمَن استطاع إليه بدنياً ومالياً.. «مَن استطاع إليه سبيلاً».. لذلك فالأولوية يجب أن تكون لمن يؤدى الفريضة لأول مرة وقادر مادياً وبدنياً.. وبعد أن يتوفر كل شيء له ولأسرته وما يفيض عنهم.
طلب مغفرة ما تقدم من الذنوب أمر مشروع.. لكن هناك الكثير من البدائل.. فمن صام رمضان إيمانًا واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.. وأيضاً مَن قام رمضان إيمانًا واحتساباً ويستطيع أن يخلص النية والقلب.. ويلتزم بالحلال ويجبر خواطر الناس ويتحلى بمكارم الأخلاق وتقوى اللَّه كل ذلك يؤدى إلى مغفرة الذنوب.

الحج فريضة إسلامية لكن من عظمة ورحمة المولى عز وجل أن جعلها لمن استطاع إليه سبيلاً.. فالمولى عز وجل يقول: «لا يكلف اللَّه نفساً إلا وسعها».. وفقه الأولويات يضع أشياء مهمة بالنسبة لمن يريد تكرار الحج مرات ومرات.. وعليه أن يفكر فى أمور أخرى يتقرب بها إلى اللَّه مثل مساعدة المحتاجين وكفالة اليتيم وتوفير احتياجات الناس ومساعدتهم.. أعتقد أن ما قامت به وزارة الأوقاف يجب أن تطبقه جميع المؤسسات فى الدولة ومن يرد أن يؤدى فريضة فليؤدها على نفقته، ولكن النصيحة هى قدرته البدنية والمالية.. والنصيحة الأخرى لكل من يريد تكرار الحج مرات ومرات.. هناك أولويات أكثر أهمية.. الأمر المهم أيضاً أن شبح «كورونا» مازال موجوداً، ويُعد تهديداً ولا أعرف ما هو القادم.. وما هى ملامح الصورة.. لذلك يجب الحذر والخوف فالسعودية رغم الانفتاح حددت مليون حاج، أى ربما أقل من الثلث عن الأوقات العادية.

نحن فى أوقات «العثرة» وتداعيات أزمة عالمية تلقى بظلالها على كل دول العالم.. ولا نعرف تطورات الأزمة العالمية.. لذلك على رأى أهالينا فى الصعيد، «اللى عاوز يفنجر يفنجر من جيبه».. واللى معاه قرش محيره....».

يجب أن ننظر إلى أحوالنا واحتياجاتنا الحقيقية.. ونقدم يد العون كمواطنين للفئات الأكثر احتياجاً وأعتقد أن ثوابها عظيم ولا يقل عن الحج والإيمان والصلاة والالتزام، والصوم والقيام ونجدة المستغيثين.. وإطعام المساكين.. الدين ملىء بالفرص الثمينة للمغفرة والثواب ودخول الجنة ورضا الرحمن.. لذلك فإن تكرار الحج فى هذه الظروف رفاهية وإسراف وهناك ما هو أولى بالإنفاق يوافق صحيح الدين.

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة