الثلاثاء 23 ابريل 2024

كنا وأصبحنا

مقالات10-4-2022 | 00:06

في حقبة مرت من الزمن كانت حياة الناس تعاني من نقص الخدمات ونقص الغذاء وقلة الأموال وانعدام مظاهر الحياة المادية، حينها وعلى الرغم من ذلك كانت حياة الناس عامرة بالروح الطيبة والتعاون والكثير من الشخصيات الحقيقة التي تحمل معاني القيم وعيش الحياة، لأهداف واضحة وقيمة، ‏لذلك وأن سألت أحد أجدادك لن تجد أحد منهم كان يعاني من الملل المستمر أو الاكتئاب ولم يكونوا بحاجة للكثير من الماديات الترفيهية. 

وذلك ببساطه لأن حياتهم كانت على الفطرة الصحيحة، "الكثير من العمل والقليل من الترفيه والراحة"، لأن أساس الحياة هو العمل وتلك رسالتها وجوهرها، ووضعت الراحة والنوم والترفيه هي للراحة من ذلك العمل. 

وفي تلك الحياة القديمة كانوا منشغلين بالعمل للبحث عن لقمة العيش وكانت في المقابل تسعدهم الأشياء البسيطة جدًا وتصنع لهم الكثير من الراحة والترفيه، ‏الآن وأصبحت الحياة مليئة بالماديات وتوفرت فيها أساسيات الحياه ويسهل الحصول عليها بأبسط الطرق وأسرعها.

وانتقل الناس من أسلوب الكثير من العمل والقليل من الراحة والترفيه إلى الكثير من البحث عن الراحة والتسلية، ومحاولة الهروب من العمل أو فعله بأقل مجهود ممكن، ‏وانتقلت منافسة الناس من المنافسة على القيم والمقاتلة على العيش وفق جوهر الحياة ورسالتها العميقة إلى منافسة على الماديات والتفاخر بالمظاهر وفق حياة امتلأت بالمجاملات واستنساج العادات والعيش وفق آراء الآخرين وتوقعاتهم.

‏فتفشى الملل والانحرافات السلوكية وفقد الكثير طعم الحياة وأصبحت ترى الحياة عبارة عن الكثير من الناس الذين يبحثون عن أنفسهم وعن معاني حياتهم ولا يجدوها. 

وأن معنى الحياة الحقيقي هو أكبر بكثير من أن تعيش حياتك لاهثا خلف رغباتك، ترى جوهرك في المظاهر وتحقيق أكبر قدر ممكن من الماديات دون أي محاولة لتغذية روحك بأي نوع من أنواع القيم، لتصبح مجرد جسد تكسوه الماديات وروح خاوية من القيم يزيد خوائها بزيادة تعمقها في تلك الماديات، ‏لذلك أن كنت ترى نفسك لا تحمل لك الحياة أي معنى ولم يعد يبهرك فيها شيئًا فهي أعظم رسالة لك إنك تحمل روحًا خاوية من القيم وستتجه بها رغبات الحياة نحو طريق متشابه المعالم ترداده ذهابًا وإيابًا دون أن تفهم سبب وجودك فيه ولا طريق للخروج منه. 

‏لذلك فالقيم والحياة القيمة يراها البعض مثالية يصعب الوصول لها، بينما يراها من يعيشها أنه يعيش في وسط الحياة الحقيقة، ومليء بالرضا عن النفس، ببساطه لأنه عاش الحياة وفق الفطرة التي خلقها الله وليست الحياة المستنسخة التي فرضتها ماديات الحياة وتطورها وكثرة نعائمها.

Dr.Randa
Dr.Radwa