من أهم ما كتب أحمد بهاء الدين كتاب “حواراتى مع السادات” الصادر عن مؤسسة دار الهلال، من خلال هذه الحوارات التى قدمها في الكتاب يرسم بهاء شخصية السادات المليئة بالمتناقضات والمتقبلة في كثير من الأحيان، ويكشف أسرارا وخفايا سياسية لهذه الفترة وكانت علاقة أحمد بهاء الدين بالرئيس شهدت الكثير من الشد والجذب، حتى إنه نقله من عمله كرئيس تحرير إلى هيئة الاستعلامات، وفصله أكثر من مرة واضطره للسفر إلى الكويت حيث قرر بهاء الصمت والبعد..
من كتاب حواراتي مع السادات:
وفي يوم من الأيام فوجئت بتليفون من رئاسة الجمهورية يبلغنى بموعد مع الرئيس السادات ذات نهار في استراحة كنج مريوط التى لم أكن قد زرتها أبداً.
وفي الموعد المحدد وصلت بإحدى سيارات جريدة الأهرام إلى باب الفيلا الصغيرة التى كانت مملوكة لأجنبى رحل وأصبحت استراحة كنج مريوط.
دخلت باب الاستراحة الصغيرة متهيبا لا أعرف السبب ففى السنوات السابقة نقلنى الرئيس السادات تعسفاً من دار الهلال واستقلت مرة ونقلنى مرة أخرى من الأهرام إلي هيئة الاستعلامات فاستقلت واعتبرت مفصولاً مرة أخرى، ونسب إلى من جهته اتهامات كثيرة، فكيف ياترى سيكون اللقاء؟
جيهان السادات لا تتكرر
استقبلتنى على الشرفة المطلة على الحديقة السيدة جيهان السادات ببشاشة وترحيب واضحين.. وشعرت أن ترحيبها حقيقى ومؤثر..
السيدة جيهان السادات شخصية لا تتكرر مهما ثار حولها من جدل فهى قادرة على أن توقع أى شخص يتصل بها تحت تأثيرها الطاغى وهى كما عرفتها قبل ذلك وبعد ذلك كانت تفضل دائماً أن تؤلف القلوب حول زوجها، وأن تهدئ من خصوماته وطبيعته المتقلبة بين الهدوء الطويل والغضب المثير، فاستبشرت خيراً وجلسنا وأخذت تسألنى عن زوجتى وابنائى فى ألفة طوت بها من الناحية الشخصية سنوات القطيعة في دقائق، قبل أن يأتى أنور السادات، ويحىى في ود وبشاشة وتحفظ في الوقت نفسه وتبينت أنه يريد أن يكون حديثنا جادا فقال لها: أحمد سوف يتغدى معنا عليك إكرامه بعد هذه الغيبة، فتركتنا وانصرفت.
وذهب أنور السادات إلى الموضوع فوراً.. قال لى أنه قرأ كتاب “وتحطمت الاسطورة عند الظهر” وأنه فرح لأن أول كتاب عربى يعلق على حرب أكتوبر جاء منى بالذات.. وقال في الوقت نفسه أنه مع ذلك دهش أن يأتى هذا العمل منى بالذات.. فلما أبديت دهشتى لدهشته واستغرابى لهذا التصور منه، وتساءلت عن سببه، قال لى بصراحة: لأنك ضدى...
ومرة أخرى سألت عن معني كلمة أننى ضده.. وقلت له أننى اختلفت مع بعض سياساته، واستطردت قائلاً: إننى يا ريس لا أريد العودة إلى تفاصيل ما حدث ولكن أسمح لى وقد صارحتنى بهذا الشكل أن أقول: أننى العاتب عليك سيادتك تعرف أننى حين أخالف رأيا لحاكم لا أفعل ذلك لا لطموح شخصى، ولا لحساب أحد آخر ولكن كما كنت تقول لى لمجرد أن “مخى كده”.
وذكرته ضاحكاً بأنه فى أكثر من مرة أيام حكم عبدالناصر الذى لم أقابله قط ولم أعرفه شخصياً قط، كان “أى السادات” يقول لى أحياناً مواقف سياسية معينة أن التقارير قدمت من فلان وفلان أو من جهاز كذا وكيت للرئيس عبدالناصر تطلب إليه الأمر باعتقالى، ولكن كان الرئيس عبدالناصر يرفض دائماً ويقول “لأ.. سيبوه هو مخه كده.. احنا راقبناه كثيرا من أول الثورة وتأكدنا أنه لا علاقة له بأحد” ومع ذلك.. استطردت قائلاً يا ريس ورغم العشرة القديمة والمعرفة بهذا، فقد اتخذت ضدى اجراءات ومواقف دون أن تسألنى مجرد سؤال في التليفون أو عن طريق أحد أصدقائك عن: إيه الحكاية؟
وقال السادات: هل نسيت مظاهرات وأحداث ١٩٧٢ وبيان الكتاب والصحفيين؟ لقد كنت أنت شيخ هذا البيان واستخدمت العجوز المخرف بتاعكم توفيق الحكيم.. وعندما قررت نقل هؤلاء إلى الاستعلامات استثنياك أنت وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ، وإذا بك تريد كتابة مقال في الأهرام دفاعاً عنهم.. اننى كنت فى عز الإعداد للمعركة وأنت وقفت مع الذين قالوا بملء الفم أنه ليس هناك معركة ولا حاجة، غيرك لا نحاسبه على ذلك.. ولكننا كنا نقول دائماً أيام جمال عبدالناصر التى ذكرتها الآن أنك عاقل وتفهم ما بين السطور، فكيف وأنت تعرفنى تصدق أننى كنت أضحك عليكم بحكاية المعركة؟
تابع التفاصيل في العدد الجديد في المصور الموجود حالياً في الأسواق .