السبت 23 نوفمبر 2024

التونى: أحمد بهاء.. الثائر الهادئ

  • 8-2-2017 | 12:27

طباعة

حوار: شريف البرامونى

جيل القيادات الذين ساهموا في صناعة تاريخ الأمة المصرية بلا خلاف هذا الجيل الذي ينتمي له الرواد أصحاب المقامات الرفيعة في كافة المجالات الأدبية والفنية والسياسية والكاتب أحمد بهاء الدين أحد رواد هذا العصر لكن الأهم في الأمر أنهم ليسوا صناعة فردية بل إن العمل الجماعي والثقافة هو مفتاح سر النجاح، فكان لـ«المصور» هذا الحوار مع أحد أهم المقربين من الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين وهو الفنان التشكيلي الكبير حلمي التوني

جيل الستينيات لعب دورا كبيرا في تشكيل وعى ووجدان الشعب المصري فكيف كان ذلك؟

 أنا أعتقد أن السبب في ذلك هو الحالة التي كان يعيشها المجتمع المصري، فجيل الستينيات كان تعبيرا عن المجتمع على المستوى السياسي والاجتماعي والثقافي، والسبب في ذلك هو التحول الذي شاهدته مصر خلال تلك الفترة، فالمجتمع المصري كان لديه هدف واضح يسعى إلى تحقيقه وليس مجرد أحلام أو وعود، ولكن كان هناك هدف متفق عليه الجميع وهو أن تتحول مصر إلى دولة صناعية كبرى بكل مقوماتها، وكان الهدف هو الوصول إلى تلك المقومات والوقوف على أرض صلبة، هذا الوضوح في الهدف اتفق عليه المجتمع والدولة فالاثنان كانا على نفس النهج، وما يتم اختياره أو العمل عليه كان بشكل ضمني، لذلك تجد أن تلك الفترة في مصر معبرة عن المجتمع والدولة وليس عن طرف واحد.

في ظل هذا الوضع كيف كانت علاقتك بالكاتب والمفكر الكبير أحمد بهاء الدين؟

 في حقيقية الأمر بدأت علاقتي بالأستاذ أحمد بهاء الدين بالصدفة البحتة ولم يتم الترتيب لها على الإطلاق، فأنا كنت طالبا في كلية الفنون الجميلة وكنت أعمل في نفس الوقت بمؤسسة دار الهلال في مجلة الكواكب، وكان الأستاذ الكبير على أمين ومعه الأستاذ مصطفى أمين هما المسئولين عن دار الهلال في تلك الفترة، ولكن لديهما مشروع إصدار جريدة يومية تحت اسم «آخر لحظة»، فأعلنا عن مسابقة من أجل تصميم شكل فنى للجريدة الجديدة وتقدمت للمسابقة وبدأت في العمل على التصميم، وكنت في ذلك الوقت مازلت أعيش مع أمي، فأرجع من العمل أجلس على طاولة الطعام، لأبدأ  في  التصميم وبعد الانتهاء منه وتقديمه للمسابقة في يوم من الأيام جاءني أحد العاملين بدار الهلال، وقال لي إن على بك أمين يريد أن يراني في مكتبه؛ فشعرت بالخوف الشديد فكانت أول مرة أصعد إلى الدور الذي يقع فيه مكتب رئيس التحرير، وصعدت بالفعل فإذا بالأستاذ على أمين يقول لي «أنت حلمي التوني قلت له نعم قال أنت من نفذ هذا التصميم، قلت نعم، فقال لي مصطفي غششك التصميم فقلت له لا، إن أول مرة أري فيها مصطفي بك اليوم فقال لي أنت من فاز بالمسابقة وأخرج من جيب جاكت البدلة الجائزة وكان قدرها جنيهان، وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت وطلب منى أن أعمل في مجلة المصور بدلا من الكواكب، فقلت له أنا لا استطيع فأنا أحصل على راتب ١٤ جنيها إلى جانب المكافأة التي أحصل عليها من الرسم بمجلتى سمير وميكي فالإجمالي الذى أحصل عليه مبلغ ٨٠ جنيها شهريا، وهو مبلغ ضخم في ذلك الوقت فلم يكن رئيس التحرير يحصل على هذا المبلغ حين ذاك؛ فما كان منه سوى أنه أخرج ورقة من الجاكت وكتب فيها ثم أعطاني إياها لأسلمها إلى شئون العاملين فاختلست النظر إليها فوجدت أنه أمر أن يتم صرف مكافأة شهرية لي تبلغ ٨٠ جنيها، وبدأت بالفعل العمل داخل مجلة المصور، وهنا أتذكر جيدا دليلا على عظمة هذا الجيل، فالأستاذ الكبير على أمين كان يطلب منى أن أحدد له عدد الكلمات المطلوبة منه أن يكتبها، وكان أمرا شديد الصعوبة أن  يحدد شاب لقامة صحفية كبير مثل على بك أمين عدد الكلمات المطلوبة، فما كان منه غير أنه قال لي أنا سعيد جدا بهذا، وإذا طلبت مني ٧٠ كلمة سوف أكتب ٧٠ كلمة فقط، فهذا عملك كمخرج فني ومن حقك أن تحدد لي المساحة المطلوبة، واستمر العمل وكان كل يوم في تمام السابعة صباحا يتصل بي هاتفيا في المنزل ويطلب من أمي أن أستيقظ لكي أذهب إلى العمل وكان يقول لها  « ابنك كسول لسه نايم حتى الآن «، وفي عام ١٩٦٤ تم الإفراج عن عدد من شباب اليسار الذي كان في المعتقل منذ عام ١٩٥٨ وكان من بينهم أحمد بهاء الدين ، والذي تم احتسابه على اليسار في ذلك الوقت، وصدر قرار بعودة مصطفى وعلى أمين إلى مؤسساتهما الأم «الأخبار»، وطلبا مني تقديم استقالتي من المصور لكي أذهب للعمل معهما في مؤسسة الأخبار، وسألت كيف ذلك فقال لي على بك  أمين بسيطة أحضر ورقة وكتب فيها ديباجة الاستقالة، وطلب منى أن أتقدم بها إلى رئيس التحرير الجديد، وكان هذا أول لقاء لي بالأستاذ أحمد بهاء الدين، الذي جاء إلى المصور داخل سيارة فيات صغيرة وكان واقفا بين على ومصطفي أمين، ثم دخلت عليه المكتب وبصوت مرتجف قلت له إنني أريد أن أستقيل فقال لي «أنت مش عاوز تشتغل»، فقلت له نعم فأخذ مني الاستقالة، ووضعها في درج مكتبه وخرجت، فما كان من أحد الزملاء في المصور أن يقول لي كيف تفعل ذلك كيف تذهب مع أعوان أمريكا وتترك المستقبل، فالمستقبل هنا مع أحمد بهاء الدين، فهو من أسس أشهر مجلة في ذلك الوقت وكان سابقا لعصره بعشرات السنين، فهو من أسس مجلة صباح الخير في الخمسينيات والتي كان يبلغ توزيعها أكثر من ٥٠ ألف نسخة في مصر والوطن العربي، فهو صاحب النبوءة التي تقول إن المستقبل في مصر لشبابها فأخذ هذا الزميل يقنعني بالأمر عبر جلسات من السهر اليومي والنقاش على أنغام المطربة الكبيرة فيروز، وبالفعل وافقت وتوجهت إلى مكتب الأستاذ أحمد بهاء الدين أطلب منه سحب استقالتي وأنا في غاية الخجل من هذا الموقف الصبياني، فابتسم وأخرج الاستقالة من درج مكتبه فقلت له لكن ماذا أقول للأستاذ على والأستاذ مصطفي، فقال، لا تقلق أنا هتصرف  وأخرج ورقة وكتب فيها خطاب اعتذار عن التعاون مع مصطفى وعلي أمين، وإنني متمسك بالعمل في مؤسستي دار الهلال، وطلب منى آن أذهب لأسلم هذا الخطاب في استعلامات أخبار اليوم، وطلب مني أن آخذ إجازة من العمل حتى يعفيني من الإحراج، وكان ذلك في الصيف فذهبت إلى الإسكندرية حين أن جدي كان يمتلك شاليها هناك في أحد الأيام وجد أحد الأفراد يسأل عني ويقول لي إن على بك طلب من مكتب الأخبار في الإسكندرية البحث عني فسألته كيف علم أنني في الإس

    الاكثر قراءة