لا يعلم الكثير أن المقاهي المصرية تعدّ جزءًا يمثِّل تاريخا مهما من تاريخ مصر، وأنها ليست مجرد أماكن للتجمعات وقضاء أوقات الفراغ كما يظن البعض، فداخل مصر العديد من المقاهي ذات التاريخ والأثر، الذي يفوح منه عبق التاريخ، وقد شهدت المقاهي المصرية إنطلاقًا فكريًّا وثقافيًا كبيرًا، على مر حقبات زمنية مؤثرة استطاعت تغيير التاريخ، حيث جمعت المقاهي كافة الطبقات الاجتماعية أسفل سقفها، واكتسبت شهرتها من قامات مرتاديها، على كافة المستويات الفكرية والثقافية وفي مختلف المجالات، السياسية والفنية والأدبية وغيرها.
مقهى التكعيبة
يعد مقهى التكعيبة من المقاهي الحديثة، والتي لا نستطيع أن نجزم بتاريخها أو نقارنه بمقاهي أخرى عريقة في منطقته مثل زهرة البستان والحرية وغيرها على أنه استطاع أن يفرض نفسه في وسط البلد بين نخب وأوساط المثقفين والفنانين والصحفيين.
فتجد أن مساحة المقهى الموجود في إحدى الحارات الضيقة المتفرعة من شارع شامبيلون صغيرة جدًّا، لا تزيد عن 2 متر طول في عرض، ولكن نظرًا لضيق الشارع الذي لا تستطيع سيارة أن تمر فيه، فهو يقع في شارع النبراوي المغلقة أطرافه، ويعرف عنه أنه من أضيق وأهدى الشوارع، مما مكَّن صاحب المقهى أن يستغل أكبر مساحة ممكنة في الشارع وقام بوضع كراسي وطاولات فيها.
يتميز المقهى بروحه الخاصة، نظرًا لكونه يقع أمام إحدى القصور الملكية القديمة المهجورة، التي تضيف له نوع من الأثر الجميل، والغموض الذي يهيم حول المنطقة والقصص الأسطورية التي ظلت عالقة في أذهان البعض عنها، والتي تزيد من وحي الكتاب والفنانين أثناء جلوسهم على مقهى التكعيبة.
ويتميز المقهى أيضًا بموفعه الفريد فهو قريب من أغلب وأهم المؤسسات في وسط البلد كنقابة الصحفيين ودار القضاء العالي، وغيرها، مما يجعله لا يخلو من الصحفيين بعد انتهاء عملهم، أو المحاميين، بالإضافة إلى أغلبية المثقفين والفنانين الذين يرتادون إليه كثيرًا، لاكتساب أجواء مختلفة.