الإثنين 25 نوفمبر 2024

مقالات

«كلوا واشربوا ولا تسرفوا»

  • 13-4-2022 | 21:26
طباعة

رمضان شهر الروحانيات والتفانى فى الطقوس الدينية، وليس فقط شهر الصيام عن الطعام والشراب، ولا شهر الإسراف في الأكل والتفنن في عدد الأصناف وتنوعها، فالصوم معناه أن نتحرر من سلطة أنفسنا وشهواتها التى قد تدفعنا دفعًا إلى الأذى، لذا  فلن نبالغ لو استلهمنا من رمضان أسمى معانيه واطلقنا عليه " شهر الحرية".

وفى رحلة استلهام المعانى تلك، نتصادف بجدال مادى حول ما يفيد الصحة وما يضرها يتكرر كل عام مع اقتراب الشهر الكريم، ونجد قلقا من أصحاب الأمراض المزمنة - السكر والضغط- وتساؤلات عديدة حول مدى الضرر الذي قد ينال من صحتهم في  الصيام ،وماهي الأعراض الجانبية التي تؤثر في الصائم على مدار اليوم .

قد تكون تلك الأسئلة  غير مؤثرة فى سبيل رحلة استلهام المعانى وتهذيب النفس خلال الشهر الكريم،  لكن مع ذلك هى ضرورية؛ فى ظل زمن انتشرت به جائحة كورونا، وأصبح الحفاظ على الصحة والوقاية من الأمراض حديث الساعة.

بادئ ذي بدء، لابد من خريطة لأسلوب الحياة فى شهر رمضان الكريم؛ لمحافظة الأفراد على صحتهم حيث إن                                                      هي مفتاح العيش بصحة جيدة، فالصيام له دور قوى وفاعل ومؤثر فى الحفاظ على صحة الجهاز الهضمى؛ حيث يعمل على تجديد خلاياه وزيادة عملية التمثيل الغذائى فى الجسم، فضلاً عن أنه يحمى الجسم من أمراض عدة؛ حيث يحمى القلب من النوبات القلبية بشكل كبير، و يساعد بشكل كبير على التقليل من الأمراض القلبية الناتجة عن ارتفاع ضغط الدم، ويعمل على تحسين ضربات القلب وانتظامها بشكل كبير ، كما أنه مفيد للغاية أيضا فيما يخص التغييرات الدماغية؛ فيساعد بقوة فى تنشيط الخلايا العصبية بالدماغ، فهو  عاملاً مهما لحماية الدماغ من التعرض لبعض الأمراض مثل الزهايمر وتصلب الشرايين.

ولكل شخص يريد إنقاص وزنه والوصول إلى الوزن المثالى في رمضان نجده  شهر الفرصة؛ ولكن بشروط معينة من بينها عدم الإفراط فى تناول الطعام سواء فى وجبة الإفطار أو وجبة السحور والاعتماد على نظام غذائى معين مع تقليل الدهون فى الوجبتين لما تحتويه من سعرات حرارية عالية.

ولا يخفى علينا سهو الغالبية عن تناول الماء  بكثرة بين وجبتى الإفطار والسحور، فالماء مفيد جدًا لصحة الإنسان؛ ضامنًا لسيولة الدم، مانعاً للجلطات، مساعًدا للهضم.

  كما يجب الأخذ في الاعتبار ضرورة  احتواء  وجبة الإفطار على كميات كبيرة من الخضروات؛  فجميع أنواع السلطات التى تدخل الخضروات فى تركيبها وعلى رأسها الأطباق التى تحتوى على خضروات فقط ضرورية فى وجبة الإفطار لما تحتويه من ألياف عالية تساعد الجهاز الهضمى على امتصاص ما يحتاجه الجسم من مواد غذائية أيضا، بالإضافة لاحتوائها على معادن بنسب عالية كالحديد والزنك والماغنسيوم تعوض ما يفقده الجسم بشكل يومى.

ونأتي لعاداتنا السيئة المكتسبة فى رمضان؛ أهمها تناول كميات كبيرة من الحلويات بين وجبتى الإفطار والسحور -مثل البسبوسة والشوكلاتة وغيرهما من الحلويات- التى تؤثر بالسلب على صحة الإنسان وتجلب أمراضاً عديدة ،مثل مرض الضغط والسكر بالتوازي مع تناول الوجبات الدسمة  مما يؤدى إلى العديد من المشاكل الصحية مثل الشعور بالخمول بعد الأكل ؛ فيَصعُب هضمها وتؤثر بالسلب على الجهاز االهضمي وتكون أول الأسباب لتراكم دهون الكبد وإثارة قرحة المعدة، والإرتجاع المريئي والانتفاخات المتكررة و الصداع والقلق وعدم التركيز طيلة نهار رمضان، فضلاً عن الشعور بالعطش لما تحتويه أطعمة السحور على أملاح وكافيين لذا من الضرورى عدم النوم بعد الأكل مباشرة إلا بعد ساعتين على أقل تقدير.

 والملحوظة  التي تخص مرضى السكري ممن  يحدث لهم هبوط معدل السكر فى الدم عادة كأحد الآثار الجانبية أو المضاعفات الناتجة عن علاج مرض السكرى نتيجة لعدة عوامل أهمها إذا تناول المريض جرعة دواء زائدة، أو أهمل إحدى الوجبات أو نتيجة النشاط الجسمانى الزائد، وفى العادة يهمل أغلب المرضى وجبة السحور خلال شهر رمضان و تختلف الأعراض التى تشير إلى انخفاض مستوى السكر فى الدم من شخص لآخر ويجب ملاحظتها جيدا ولكن فى المجمل تتمثل بالدوار والتعب والجوع الشديد فى البداية وتزيد لتصل إلى رجفان وشعور بدقات قلب سريعة ودوار حاد وعدم التركيز والعصبية ويمكن أن يتطور الأمر إلى فقدان الوعى،لذا فى حال ظهور أى من هذه الأعراض يجب فورًا التأكد من نسبة السكر فى الدم وتناول كوب من العصير المحلى أو أى نوع من السكاكر لتجنب تطور المشكلة،وهنا ننصح بمراجعة الطبيب قبل الصيام بفترة لمعرفة إمكانية الصيام من عدمه،مع التأكيد على  توافر لدى المريض دائمًا أقراص السكر لأخذها فى حالة هبوط السكر، وإذا لم يتوفر له ذلك يأخذ معه أى عصير محلى بالسكر وإذا لم يشعر الشخص بتحسن فى غضون ١٥ دقيقة، يمكن استهلاك المزيد.

وإلى جانب تلك الفوائد، يمكن للصيام  زيادة مناعة الجسم ومساعدته على مقاومة نزلات البرد والإنفلونزا بشكل أفضل، إلى جانب تخفيض الوزن بشكل سهل من خلال الصوم المتقطع، لأنه يخفض السعرات الحرارية فورا. ويفرز الجسم خلال الصيام المتقطع، هرمونات تشجع على فقدان الوزن مثل هرمون النمو البشرى والنورابينفرين، ولا تساهم تلك الهرمونات فى خسارة وزن زائد فقط، وإنما تساعد أيضا على تقوية المناعة.

في الصيام روحانيات يؤتيها الرحيم لعباده الصائمين؛ فهو شهر المغفرة والرحمة والبركة ، كما أن العاطي الشافي اختص شهره بعبادة الصوم والتي من شأنها تعديل كيمياء الجسم بالكامل على مدار ثلاثين يوما، إذا ما وظف ابن آدم صحته قبل روحه للاستفادة المُثلى من عدد ساعات الصوم واستطاع كبح جماح شهوة الإفراط والاسراف، فالأمر الرباني يدعونا أن ننبذ السفه كي لا نكون إخوانا للشياطين؛ ففعلوا كلام القدير  "يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ".

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة