قديمًا كان يطلق على القاهرة مدينة الألف مئذنة لكثرة عدد مآذن المساجد بها، والتي بلغ عددها 500 مسجد، ربما قيلت تلك المقولة قديمًا، قبل أن تنهار مئات المآذن بفعل الكوارث الطبيعية، مثل زلزال 1302 ميلادية، أو حتى زلزال 1992، وكذلك بفعل حرائق الفسطاط، أو تتابع الدول والممالك على مصر، أو ربما قيلت فى مرحلة متأخرة، حيث زادت عدد المساجد بشكل كبير خلال القرون الأخيرة، حيث أن بيانات إحصائية أخيرة قالت إن إجمالى عدد المساجد والزوايا الموجود بمصر بلغ 132 ألفا و809 مساجد وزاوية، منها 102 ألف و186 مسجدا، و30 ألفا و623 زاوية.
ونستعرض معكم عبر بوابة «دار الهلال» خلال شهر رمضان الكريم، يوميًا، أحد أشهر المساجد التاريخية في مصر، ونتناول اليوم مسجد الناصر بن قلاون.
كان مسجد السلطان الناصر محمد هو المسجد الرسمي بالقلعة خلال العصر المملوكي، يقع بالقسم الجنوبي من قلعة صلاح الدين، أمر ببنائه السلطان الناصر محمد بن قلاوون (718هـ/ 1318م)، الذي استمرت فترة حكمه اثنين وأربعين عامًا والتي انقطعت ثلاث مرات، حيث يعتبر من أكثر سلاطين المماليك الذين عمروا آثاراً اثناء فترة حكمه، ثم هدمه وأعاد بناءه (735هـ/ 1335م), كان يحظى بعناية سلاطين المماليك اللاحقين، وكان يستخدمه قاطنى القلعة من المماليك.
يعد أحد أبرز المعالم المعمارية للقلعة، حيث أنه ذو طراز معماري فريد يمزج بين التصميمات المعمارية المختلفة، وقد كسيت قمتي المئذنتين والقبة من الخارج ببلاطات القاشاني الخضراء متخذةً طابع المشرق الإسلامي، ويزين القبة من الداخل كتابات تحمل آيات قرآنية واسم وألقاب الناصر محمد وتاريخ تجديد المسجد (735هـ/ 1335م)، كما يمتاز المسجد بالأسقف المزخرفة بالأشكال الهندسية الجميلة، خشبي مطعم بالعاج والصدف عليه اسم الملك فاروق (1949م(، استخدم كسجن ومخازن للجيش في عهد الاحتلال البريطاني (1882م)؛ مما أدى إلى تدميره وإعادة ترميمه فى (1948م).
وبحسب البيانات الصادرة مؤخرا عن جهاز الإحصاء، فإن محافظة الشرقية تأتي في المركز الأول من حيث انتشار عدد المساجد والزاويا بها، يليها محافظة البحيرة، ثم القاهرة، وتمثل هذه المساجد تطورا في فن العمارة والتي تطورت تطورًا سريعًا ساير ركب الحضارة الإسلامية فتتعدد أشكالها وأساليبها تبعا لتعدد وتغير وظائفها، فالعمارة الإسلامية بدأت ببناء المساجد والأربطة فالمدارس والمصليات والخوانق والأسبلة والتكايا على أننا إذا أردنا أن نتتبع تطور العمارة الإسلامية وجدنا المسجد حجر الزاوية فيها، وعلى ذلك نجد أن أول عمل قام به الرسول صلى آله عليه وسلم عند هجرته من مكة إلى المدينة هو بناء المسجد في مربد التمر الذي بركت فيه ناقته وكان بناؤه بدائيا بسيطا فكانت مساحته 60 في70 ذراعًا وجدرانه من اللبن وسقف جزء منه بسعف النخيل وترك الجزء الآخر وجعلت عمد المسجد من جذوع النخل، نهج بعد ذلك المسلمون هذا المنهج في بناء مسجد البصرة عام 14 هـ ومسجد الكوفة عام 18 هـو كانت مساجد الكوفة والبصرة خالية من المحاريب المجّوفة ومن المنابر والمآذن
على غرار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم.