الإثنين 6 مايو 2024

بردًا وسلامًا على مدينة الصلاة


هشام شوقي

مقالات21-4-2022 | 17:33

سلامًا على القدس من القاهرة، قلب العروبة النابض بحب المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وقبة الصخرة ودير السلطان، سلامًا من القلب لمدينة الصلاة، أولى القبلتين، ودرب الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى السماء، مهد البتول والمسيح عليهما السلام، بردًا وسلامًا على أم ودعت شهيدًا، وزوجة في انتظار عودة أسير، وشباب عن أبواب المسجد الأقصى وكنيسة القيامة مدافعين، سلاما على المقدسيين في كل بقعة عربية، بردا وسلاما على فلسطين.

 التطورات السياسية التي تجتاح العالم ومنطقة الشرق الأوسط تحديدًا، خلال السنوات الأخيرة، صنعت تصورًا لدى كيان الاحتلال القابع على الأراضي العربية في فلسطين المحتلة، أن الأمر أصبح واقعا على الجميع أن يقبل به، وتطبيع العلاقات معه لا مفر منه، وبالتالي الطريق مفتوح لتهويد القدس دون ضجيج.

تصور قادة الاحتلال الصهيوني أن بإمكانهم إيقاف ناقوس كنيسة القيامة الذي يدق منذرًا العالم بخطر تهويد المدينة، وأصوات المقدسيين التي تخرج من على أبواب المسجد الأقصى، في فجر كل يوم من الشهر الفضيل، داعين الله عز وجل بقلوب صابرة قابضة على دينها وعروبتها وعزتها وكرامتها برد بلادهم إليهم.

إن مشهد صمود المقدسين ودفاعهم عن الأقصى وكنيسة القيامة، هو السياج الحافظ للمقدسات داخل القدس الشريف.

 الكيان المحتل يدرك تمامًا أن الشعوب العربية ترفضه، لا يمكنها نسيان مشاهد قتل العصابات الصهيونية للعرب في فلسطين، فما تزال أحداث مذبحة دير ياسين بالقرية التي تحمل الاسم نفسه، محفورة في التاريخ والذاكرة العربية، تقع قرية دير ياسين غرب مدينة القدس، وفي يوم 9 أبريل عام 1948 على يد العصابتين الصهيونيتين "أرجون وشتيرن"، ذهب ضحية تلك المذبحة عدد كبير من ساكني القرية من بينهم الأطفال، وكبار السن والنساء والشباب، ووفق مصادر عربية فلسطينية أن ما بين 250 إلى 360 ضحية جرى قتلهم.

 وعلى مدار تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، يمكنك أن ترصد العديد من الجرائم التي يندي لها جبين الإنسانية، هل يمكن للتاريخ أن ينسي مشهد قصف مدرسة بحر البقر يوم 8 أبريل عام 1970 واستشهاد نحو 30 طفلا وطفلة، ووفاة مدرس، وإصابة 36 آخرين، إضافة إلى 11 من العاملين بالمدرسة، إن ذاكرة التاريخ ممتلئة، وما تزال شاشات التليفزيون، ومنصات التواصل الاجتماعي تنقل مشاهد القتل على الهواء دون وازع من ضمير.

المحتل الغاصب دائما ينتهج سياسة الخطوة خطوة، وفرض الأمر الواقع، ثم يطلق تصريحات عن الرغبة في السلام والتعايش، وهو مغتصب للأرض قاتل للأطفال، تراه يرفع شعار "أمن إسرائيل" بينما يعتقل النساء والأطفال الفلسطينيين دون أدنى احترام لحقوق الإنسان.

ويفرض الآن وصايته على المقدسات الدينية، عبر المؤسسة الأمنية التي تنتمي للاحتلال الإسرائيلي وترغب بتقييد دخول المصلين والحجاج المسيحيين يوم سبت النور الذي يحل نهاية الأسبوع الجاري، ويسبق أحد الفصح المجيد، حسب التقويم الشرقي إلى كنيسة القيامة في القدس، بل تشترط إسرائيل ارتداء الأساور لتمييزهم.

واعتبر المطران حنا عطا الله رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس وفق لما نقلته صحيفة "إندبندنت عربية" القرار الإسرائيلي يندرج ضمن إطار سياسة ممنهجة تستهدف القدس ومقدساتها وسكانها الفلسطينيين.

إن استخدام سياسة القتل بدم بارد وفرض الوصاية على الأماكن المقدسة يضع الشرق الأوسط على حافة بركان مشتعل، ويدفع الأمور في المنطقة لمعركة جديدة، فالمحتل الإسرائيلي لم يستفد من درس نتائج ما حدث بعد أزمة حي الشيخ جراح.

الأمان هي السلعة التي تبيعها كل حكومة تأتي لتولي مقاليد الحكم، والمتابع للصراع العربي – الإسرائيلي يمكنه أن يدرك أن تلك السلعة قد تتحول إلي جمرة في يد حكومة الاحتلال الإسرائيلي   خاصة في ظل الظرف الدولي الراهن على خلفية حرب روسيا وأوكرانيا، ومفاوضات الغرب مع إيران بشأن الاتفاق النووي، دائما تكون التهدئة نتيجة لتعاون الطرفين مع الوسيط أما إصرار طرف فرض وجهة نظره بحكم أنه الجانب الأقوى على الأرض بحسابات القوى العسكرية ليس صحيحا في كل الأحوال، على سبيل المثال النتائج الاقتصادية بعد أزمة الشيخ جراح كانت ذات تأثير سلبي علي إسرائيل بشكل أكبر من التأثير على الجانب الفلسطيني، لذلك سلعة الأمن التي تبيعها حكومة الاحتلال يمكن أن تتحول إلى جمرة نار.

Dr.Randa
Egypt Air