تنطلق في ألمانيا الاثنين محاكمة باي لوي، في سابقة تتعلق بجرائم ارتكبت في جامبيا في عهد الدكتاتور يحيى جامع، في وقت ما زال طريق تحقيق العدالة في البلد الأفريقي طويلاً وشاقاً.
وسيمثل لوي أمام القضاء في بلدة تسيله في شمال ألمانيا، حيث يواجه اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية والقتل ومحاولة القتل.
ويشتبه بأنه عمل سائقا لدى Junglers أو "فريق الأدغال" وهي فرقة موت في القوات المسلحة طبعت عهد يحيى جامع الذي انتهى حكمه بعد 22 عاماً في 2017 بعدما تعرّض لهزيمة انتخابية مفاجئة وفرّ إلى غينيا الاستوائية.
ويواجه لوي تهمة بمحاولة القتل وتهمتين بالقتل، تتعلّق إحداهما بمقتل مراسل فرانس برس في بانجول ومحرر صحيفة "ذي بوينت" المستقلة ديدا حيدارا عام 2004.
وسيكون لوي أول عضو في فرقة الموت يخضع للمحاكمة.
وقال بابا حيدارا (45 عاماً)، وهو نجل الصحافي حيدارا، "أنا واثق من أن العدالة ستطبّق"... وأضاف "ألمانيا دولة محايدة وبالتالي أتوقع محاكمة عادلة".
لكنه تحدّث عن الكفاح المر على مدى 18 عاماً للوصول إلى هذه المرحلة والتحديات أمام تحقيق العدالة في جامبيا... وقال "هناك توقعات عديدة. هذه مجرّد معركة أولى يجب كسبها، لكن الحرب مستمرة".
ويلاحق لوي قضائيا بموجب مبدأ الاختصاص القضائي العالمي، الذي يسمح لدولة أجنبية بتولي الإجراءات القضائية في القضايا المرتبطة بالجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك جرائم الحرب والإبادة، بغض النظر عن مكان ارتكابها.
ونشطت ألمانيا خصوصاً في ملاحقة قضايا من هذا النوع مرتبطة بالنظام السوري. ففي يناير، قضت محكمة ألمانية بسجن ضابط سوري سابق مدى الحياة لارتكابه جرائم ضد الإنسانية.
ما زالت جامبيا، الدولة الأصغر في قارة أفريقيا، تعاني من ندوب عديدة خلّفتها حقبة جامع.
وأشارت عائشة جامع، التي تعمل لدى "مركز جامبيا لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان" إلى نقص ليس في الموارد القضائية فحسب، بل كذلك في "الرغبة السياسية" في ملاحقة مرتكبي الانتهاكات من عهد جامع.
وقالت "كان الأمر ليكون أسهل بكثير لو جرت (محاكمة لوي) هنا في جامبيا"، مشيرة إلى أن ذلك كان سيسمح "للضحايا بالتوجّه إلى المحاكم وتمثيل عائلاتهم لضمان أنهم سيواجهون مباشرة الأشخاص الذين انتهكوا حقوق أحبائهم".
وأسس أداما بارو، الذي خلف جامع في السلطة، "لجنة الحقيقة والمصالحة والتعويض"، على نمط تلك التي تشكّلت في جنوب أفريقيا، للتحقيق في الاتهامات بالانتهاكات من حقبة جامع.
وبعد استماعها لشهادات مطوّلة، نشرت اللجنة العام الماضي مجلّداً أدرجت فيه مجموعة من الانتهاكات. لكنها لم تُمنح السلطة التي تتيح لها ملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات قضائياً.
وبدلاً من ذلك، أصدرت مجموعة توصيات شملت جلب جامع والمتواطئين معه إلى محكمة دولية تنعقد تحت سلطة الاتحاد الأفريقي أو المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا.
ويخشى عديدون من أن الحكومة تماطل في تطبيق التوصيات.
ويرجع البعض الأمر إلى التقارب بين بارو وأعضاء حزب جامع (تحالف إعادة التوجيه الوطني والبناء)، الذي يقولون إنه تعمّق بعد الانتخابات التشريعية هذا الشهر.
وأمام حكومته مهلة أقصاها 25 مايو لنشر تقريرها في هذا الشأن بينما لدى بارو مهلة تنتهي في أواخر يونيو للإعلان عن قراراته.
وغذّى الشكوك تعيين النواب في 14 أبريل لحليف جامع السابق، فاباكاري تومبونج جاتا، رئيساً للبرلمان.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة جامبيا عيسى نجي لفرانس برس إن "رئيس البرلمان ونائبه أظهرا معارضتهما للجنة الحقيقة والمصالحة والتعويض منذ البداية"...
وتابع "والآن لدينا ذات الأشخاص في البرلمان ونتوقع أن تضم الحكومة الجديدة التي ستأتي.. أعضاء من تحالف إعادة التوجيه الوطني والبناء"...وأكد "أنا متشائم للغاية حيال إمكانية تحقيق العدالة من أجل الضحايا في هذا البلد".
ولفت إلى أن مرتكبي الانتهاكات خارج البلاد يواجهون خطر الملاحقة القضائية بموجب مبدأ الاختصاص القضائي العالمي، لكن "مرتكبيها الموجودون هنا- بعضهم وليس جميعهم- سيفلتون على الأرجح من العقاب".
ولفت حيدارا إلى أن قضية لوي ستظهر للحكومة أن هناك قنوات أخرى لتحقيق العدالة، إذا اختارت تجاهل توصيات لجنة الحقيقة والمصالحة والتعويض...وأكد "لن نكتفي قط بالجلوس.. والاستسلام. كلا، سنواصل الكفاح".