الجمعة 26 ابريل 2024

التدابير الشرعية لحماية البيئة (3– 7)

مقالات2-5-2022 | 02:09

 

حماية الإسلام للمكونات البيئية - المياه

الماء من النظام البيئي الطبيعي، وقد أفاضت النصوص الشرعية – القرآن الكريم والسنة النبوية – في بيان أهمية الماء في الحياة بوجه عام يقول الله – عز وجل: "وأنزل من السمـاء مـاء فأخرج به من الثمـرات رزقا لكم"، "وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى"، "ونزلنا من السماء ماء مباركاً فأنبتنا به جنات وحب الحصيد"، "وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض"، "ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا أكله"، "وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها"، "وجعلنا من الماء كل شئ حي"، "وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين " .

والنصوص في أهمية الماء كثيرة، والأخبار الصحيحة غزيرة، والشواهد مستفيضة .

نظافة المياه ومصادرها

ربط الإسلام الإيمان بالنظافة، والعديد من شعائر الدين لا تؤدى إلا بالطهارة وعلى رأسها الصلاة والحج، ودخول المسجد والإقامة فيه وغير ذلك .

والطهارة المائية، لها أصول وقواعد في الشريعة الإسلامية :-

أ- الأصل في وجوب الطهارة نصوص شرعية منها :-

- قوله – تعالى"وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به قوله – صلى الله عليه وسلم "هو طهور ماؤه – أي البحر"، وأجمع العلماء على أن جميع أنواع المياه طاهرة في نفسها مطهرة لغيرها.

وقد اعتنت الشريعة الإسلامية بيان ما أهمية الماء الذي تصح الطهارة به

اتفق الفقهاء على أن الماء الذي غيرت النجاسة إما طعمه أو لونه أو ريحة أو أكثر من هذه الصفات لا يجوز به التطهير، وأجمعوا على أن الماء القليل والكثير إذا وقعت فيه نجاسه فغيرت للماء طعماً أو لوناً أو ريحاً أنه نجس ما دام كذلك.

وعلى ضوء ما سلف فإن الماء الملوث بكل ما يفسد خصائصه، أو يغير من طبيعته لا يجوز استعماله في العبارات ، وفي العادات، كذلك إذا لوث بنجس.

وبالتعبير المعاصر فإن الماء يتلوث عن طريق المخلفات الآدمية أو المعدنية أو الصناعية أو الكيميائية التي تلقى أو تصب في المسطحات المائية من محيطات أو بحار وأنهار وبحيرات ، وكذلك تتلوث المياه الجوفية كالآبار والعيون نتيجة لتشرب مياه المجارى إليها .

 

وقد سبق فقهاء الشريعة الإسلامية العلماء المعاصرين في بيان ذاتية الماء الملوث الذي لا تصح به عبادة ولا عادة من كغير أحد أوصافه (اللون، الطعم، الرائحة).

من هنا يمكن القول أن الشريعة الإسلامية قررت فيما يتصل بنظافة المياه ومصادرها :-

- أن الماء الذي يستعمل في الذي يستعمل في العبادات من رفع خبث أو حدث، يجب أن يكون طاهراً نظيفاً على هيئته التي خلقه الله تعالى – عليها تغير اللون ولا الطعم ولا الرائحة ، يستوي في ذلك التغير بطاهر أو نجس .

- أن الماء الذي يستعمل في العادات أي الوسائل المعيشية يجب ألا يتغير بنجس .

وهذا يعني العناية الفائقة من قبل الشريعة الغراء بالماء سواء في جانب العبارات أو العادات ، سواء كان الماء عذبا أم مالحا .

حماية الماء من التلوث :

أكدت الشريعة الإسلامية على عدم تلويث المياه ومصادرها بالقاذورات كالبول والغائط، وما سائر أسباب التلويث الذي يفقد الماء صلاحيته للتطهير في الجانب العبادى، والاستخدام في الجانب الحياتى أو المعيشي .

وقد حضت الشريعة الإسلامية على حماية الماء من التلوث، وذلك بنصوص شرعية محكمة ، وقواعد فقهية واضحة

فمن ذلك :-

1- من القران الكريم :- قوله تعالى (كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين).

قررت الآية الكريمة أن الإنسان مكلف بعدم الإفساد في الأرض لأثر ذلك في رزقه من مأكل ومشرب ، ومن ضوء الإفساد وأخطرها تلويث الماء الذي هو قوام الحياه .

قوله – عز وجل لا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ) وفيها أن الله – تعالى – نهى عن الإفساد في الأرض، ومن صورة إفساد وسائل الحياة وأسباب المعيشة وعلى رأسها الماء .

 

2- من السنة النبوية :-

-  نهى رسول الله (صلى الله عيه وسلم ) أن يتبال في الماء الراكد (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم أكد (ثم يغتسل به )،" اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد ، وقارعة الطريق، والظل).

ودلت الأخبار الصحيحة على حسن التعامل مع الماء بصورة طيبة تمنع من إلقاء الفضلات والأذى الذي يؤثر في نقـائه وطهـارته ونظافته.

 

3- من القواعد الفقهية:

- ما أدى إلى الحرام فهو حرام

التوضيح :- التلوث المائي في قتل الأحياء المائية والأمراض وربما الموت للإنسان والحيوان، وهذا حرام شرعا فما أدى إليه يكون حراما.

 

-  ما لا يتم الواجب إلا به يكون واجبا

التوضيح :- إنّ حماية الماء من التلوث بالضار واجب فما يتوقف عليه من أسباب ووسائل صيانته يكون واجباً .

- دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح

التوضيح :- منع ضرر تلويث الماء قبل حصوله أهم وأولى من معالجته بعد حدوثه .

فهذه الأدلة الشرعية وما يماثلها قاضية بوجوب حماية الماء من التلوث وهذه الحماية من المصالح الضرورية التي جاءت بها الشريعة الإسلامية فحفظ النفوس واجب، وحفظ الأموال واجب، والماء سبب الحياه للنفوس وهو أعلى وأنفس من الأموال .

Dr.Randa
Dr.Radwa