الأربعاء 17 ابريل 2024

الاختيار.. «ثلاثية» السنوات العجاف

مقالات10-5-2022 | 17:33

لم يكن غريباً أن يعود الشهيد أحمد المنسى مرةً أخرى فى مسلسل "الاختيار" فى جزئه الثالث، فقد ظهرت أيضاً بعض مشاهد وأحداث وشخصيات الجزء الثانى، والذى ظهر فيه مشاهد وشخصيات من الجزء الأول.

تلك الحالة من لعبة الكراسى الدرامية سمة خاصة لمسلسل "الاختيار" الذى ظهر كل جزء وكأنه مسار متكامل بمفرده، لكنه فى ذات الوقت يتقاطع مع الأجزاء الأخرى، ليظهر الجزآن الأول والثانى وكأنهما جناحى الطائر الذى انقض فكان "القرار".

فالحالة "الاختيارية" ليست مجرد مسلسل درامى رصد الواقع الإرهابى الذى تعرضت له مصر على مدى سنوات ولا تزال، ولم يكن مكتفياً بتوثيق الأحداث على مدى سنوات عجاف حاولت النيل من مصر، لذلك مخطئ من يرى كل جزء من ثلاثيته بمفرده، فالرؤية المتكاملة لها وقع خاص وتسمح بالمزيد من الإجابات لأسئلة لا تزال تتوالى.

لذلك استطاع المخرج بيتر ميمى من خلال تلك الثلاثية أن يقدم ملحمة بانورامية لما تعرضت له مصر بدءاً من "الوفاء والخيانة" للكاتب باهر دويدار، الذى لم يكتفِ بوجهى العملة: الشهيد أحمد المنسى والإرهابى هشام عشماوى؛ بل رصد الأحداث المحيطة بذلك وصولاً إلى استشهاد المنسى وتنفيذ إعدام عشماوى، الذى عاد ورفاقه مرةً أخرى فى الجزء الثانى ليواجه "رجال الظل" الذى كتبه هانى سرحان، وهكذا عاد المنسى ليذكرنا دوما أن كلمة السر "سيناء"؛ التى كانت ولاتزال محوراً لكل شيء.

تلك الدراما التوثيقية استطاعت أن تجعل المشاهد فى حيرة ليختلط عليه الأمر بين الواقع وما أعيد تنفيذه درامياً، فاختيار الأماكن وإعادة تنفيذ الأحداث والشخصيات امتزجت مع اللقطات "الواقعية" حتى تاهت المسافة بينهما فى لحظات.

لقد صنع "الاختيار" حالة من التكامل لمرحلة صعبة امتدت وتشعبت لتحتاج الخلايا الإرهابية إلى "قرار" أغلق صفحة قاسية كان ثمنها دم أبنائنا الذى لا يزال يسيل.

لقد جاءت ثلاثية "الاختيار" بمسارات متعددة التقت فى نقاط، وكأن مقدور لقائها لنرى الصورة متكاملة ، فقد صار الاختيار "آلة الزمن" التى أعادت صفحات الماضى الذى تجولنا فيه ورأينا أحداثه وشخوصه، وتحول هذا العمل إلى وثيقة وشاهد صوتاً وصورة ورأينا معه الدراما كتابًا.