الأحد 2 فبراير 2025

مقالات

التدابير الشرعية لحماية البيئة (7– 7)

  • 11-5-2022 | 16:34
طباعة

الإسراف من منظور الشريعة الإسلامية

من السمات العامة للشريعة الإسلامية الغراء سلوكها الطريق الوسط في التكاليف الشرعية، فلا تكلف الناس ما لا يستطيعون ولا تطلب منهم ما لا يقدرون، وتضمنها من القواعد والمبادئ التي تحقق الأمن والأمان للناس والتي منها المحافظة والحماية لوسائل وأسباب الحياة الهانئة لكل الأجيال ويعني ذلك المحافظة علي ثروات ومكونات وموارد البيئة من هنا تخص التكاليف الشرعية علي مراعاة الاعتدال والتوازن في الانتفاع بنعم الله تعالي وعدم إهدارها والسعي في إتلافها من هنا تشدد الشريعة الإسلامية علي مضار الإسراف في الحلال المباح أو غيره لتكون البيئة مصونة ينتفع بها شتي الكائنات في كل زمان ومكان .

والحديث عن الإسراف متشعب متنوع وسأكتفي بإيراد ماله صلة وثيقة بالمكونات البيئة في ما يلي.

 الإسراف في الماء

أجمع العلماء على النهي عن الإسراف في الماء للغسل ولو كان على شاطئ نهر وأنه مكروه بالاتفاق

أجمع العلماء على النهي عن الإسراف في الماء للوضوء وغيره ولو كان على شاطئ البحر .

أجمع المسلمون على أن الماء الذي يجزئ في الوضوء غير مقدر بل يكفي فيه القليل والكثير وأن المد من الماء يجزئ الوضوء بلا خلاف يعلم والأصل فيه نصوص كثيرة منها :

- توضأ النبي صلى الله عليه وسلك - بمد واحد

- مر النبي صلى الله عليه وسلك - على سعد – رضي الله عنه – وهو يتوضأ؛ فقال له: ما هذا السرف يا سعد؟ قال: وهل في الماء سرف؟ قال نعم، وإن كنت على نهر جار.

وقد وضّح الفقهاء أن الإسراف كما يكون في استعمال الماء يكون  في زيادة عدد مرات الغسل، وقد علم الرسول  أعرابيا الوضوء فأراه ثلاثاً ثلاثاً وقال هذا الوضوء  ، من زاد على هذا فقد أساء وتعدي وظلم.

والاعتدال في استعمال الماء في العبادات يكون كذلك في العادات كالشرب، ومنه قول الله تعالي "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين"  

وعلى هذا،ىفإن الاعتدال في استعمال الماء في شتي أنماط الحياة من عبادات وعادات يجب الحض عليه لما يلاحظ من إهدار الماء مع تزايد السكان في الأرض ، ومع تزايد الاستخدام عبر الطفرة الصناعية والعمرانية .

 

الإسراف في الأطعمة والأشربة

عنى الإسلام بالجسم والنفس، فشرع تناول الحد الأدنى أو الضرر من الطعام والشراب للحفاظ على الحياة ودفع الهلاك عن النفس والقيام بالوظائف الدينية، وما عدا حدا وقدر الضرورة يباح تناوله ما لم يصل إلى حد الإسراف، فالإسراف في الأكل والشراب فوق الطاقة الجسمية من المنظور الشرعي حرام، والاعتدال هو المطلوب وقد جاءت نصوص شرعية تحث علي عدم الإسراف في المأكل والمشرب منها :

أ – القرآن الكريم، قوله تعالي : "يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ".

وقوله سبحانه: "يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين".

ووجه الدلالة هنا نهي الله – تعالي – عن الإسراف في المأكل والمشرب وذم المجاوزين لحد الاعتدال حيث وصفهم بالمسرفين المعتدين وأخبر بعدم رضاه عن ذلك

ب- من السنة النبوية أخبار كثيرة منها :

- ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإنه كان فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لنفسه  .

- طعام الاثنين كافي ثلاثة كافي أربعة.

وجه الدلالة: دل الخبران علي تقليل الطعام إلى قدر ما يندفع به الهلاك.

وقد استفاض العلماء والأطباء في بيان مضار الإسراف في الأكل والشرب والترغيب في الاعتدال .

وصلة الاعتدال في الطعام والشراب في حماية البيئة معروف لأن الأطعمة ثروات والماء أغلاها وهذه نعم يجب التعامل معها بالاعتدال الذي يحافظ عليها وعلى أصولها ويجعلها للأجيال الآتية بجانب أن أصحاب البدن ثروة لا تقدر بمال، لأنهم يقبلون علي الحياة بعزائم وهمم ونشاط مما تعود آثاره من عمارة الدنيا وتحسين مكوناتها البيئية بخلاف ذوي الأسقام والأمراض الذين أنهكهم البطنة والتخمة .

يضاف إلي ذلك الآثار الجانبية للصيام من تأصيل الاعتدال فيما نحن بصدده .

أخبار الساعة

الاكثر قراءة