التقيت بها مرة واحدة في دار الأوبرا المصرية في احتفالية لتكريم ذكرى ميلاد الزعيم الخالد جمال عبد الناصر استمعت إليها، وأخذتني كلماتها، وصعدت بي إلى خارج حدود المكان.

ذهبت نحوها مهرولة، ثم طلبت أن أقف إلى جوارها لتجمعني بها صورة تكون هدية أفخر بها على مر الأعوام، كنت كالأطفال حين تبهجهم لحظة سعادة تجعلهم يفقدون بعدها السيطرة على مشاعرهم.

كلما تحدثت في برنامج عن ضرورة الاهتمام بقضية الوعي الجمعي كنت أشعر أنها وضعت يدها بكل براعة على موطن الداء، وبكل مهارة أعدت له الدواء، كنت أشعر أن قوميتي العربية قد عادت بقوة لتختلط بدمائي.

الدكتورة هدى زكريا التي امتزجت بشرتها بلون مياه النيل، وتربة واديه الخصبة هى ابنة مصر التي تهيم عشقًا بوطنها، وتحمل على عاتقها بكل سعادة مهمة توصيل رسائلها التي تفيض بالوعي ليتعلم منها الكبار، والصغار مفهوم الانتماء للوطن، والعمل من أجل رفعته، وضرورة حمايته.

سيدتي الراقية معلمتي المثقفة الواعية.. ستبقى مصر بخير ما دامت فيها قلوبًا كهذا القلب النابض الذي تحملينه بين حنايا صدرك.

سيدتي ستبقين إحدى الشخصيات التي حفرت اسمها في كتاب تاريخ مصر.

سلاحك الكلمة، وما أدراكِ ما الكلمة! الكلمة تحمل معها مشعل الوعي، الكلمة تجعلنا ننتفض لنجاهد من أجل مصر.

دمتِ لنا داعمة بقوتك، بنعومتك، بيقظتك، وجرأتك! حين يفرض الحق سيطرته على المشهد، ويحدث الاتزان ستجد خلف الكواليس اسم السيدة المصرية العظيمة الدكتورة هدى زكريا.