الخميس 23 مايو 2024

ثغرة فى جدار النصر! 6

13-7-2017 | 11:30

بقلم : إقبال بركة

كان المواطنون يهنئون كل ضابط أو جندى يلتقوه فى الشارع ويهنئون بعضهم البعض بجيشنا العظيم الذى أصبح محط إعجاب بل انبهار العالم كله.

وانهال علينا سيل من المكالمات والزيارات للتهنئة بعودة زوجى سالما وبالانتصار الساحق على العدو الإسرائيلى، وتحطم أسطورة الجيش الإسرائيلى الذى لا يقهر.

وكصحفية كنت أتابع ما ينشر فى الصحف الغربية عن الحرب، وأقرأ لزوجى اعتراف المحلل العسكريين ن أن القوات السورية دمرت التحصينات الكبيرة التى أقامتها إسرائيل فى هضبة الجولان، وأن الجيش السورى حقق تقدما كبيرا فى الأيام الأولى للقتال، كما قامت القوات المصرية بمنع القوات الإسرائيلية من استخدام أنابيب النابالم بخطة مدهشة، ما أربك الجيش الإسرائيلى ففقد الجنرال «جونين » قائد جبهة سيناء أعصابه وأصيب بانهيار كامل، وعندما سئل الجنرال «بارليف » فى مؤتمر صحفى عن سبب انهيار خط بارليف خال ست ساعات فقط من بداية المعركة تبرأ منه قائا: خط بارليف هذا من اختراع الصحافة!

ورغم ذلك غيمت سحابة داكنة على حياتنا، وكنت أشعر به موجع القلب مكتئبا، ولم يبتسم زوجى إلا بعد أن قرأت له اعتراف موسى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى بكفاءة البرمائيات المصرية قائلا: «لقد كانت لى نظرية هى أن إقامة الجسور ستستغرق منهم طوال الليل وأننا نستطيع منع هذا بمدرعاتنا، ولكن تبين لنا أن منعهم ليست مسألة سهلة، وقد كلفنا جهدنا لإرسال الدبابات إلى جبهة القتال ثمنا غاليا جداً، فنحن لم نتوقع ذلك مطلقا .»

وأكد زوجى أن كتيبته أدت ما كُلفت به من مهام على أكمل وجه، وأتمت بكفاءة نقل المدرعات من الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية للقناة، وقص علينا قصص البطولات الخارقة لضباط سلاح المهندسين وشجاعة الجنود المصري وتعاون الأهالى من فلاحين المنطقة  مع الجيش، والتناغم والتنسيق بين كل القطاعات  المحاربة با استثناء، لذلك كان حزينا يتنهد فى حسرة لأن الحرب لم تأخذ مجراها الطبيعى، فقد كان يتمنى أن تواصل القوات المصرية تغلغلها فى سيناء والتخلص الكامل من دنس الاحتال، ثم تساءل محبطا لماذا قبل السادات بوقف إطاق النار؟

عندئذ قرأت له ما ذكرته صحف الغرب أن جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل انهارت بعد العبور واستغاثت بأمريكا فى اليوم الرابع للحرب «انقذوا إسرائيل! » ولكى تستدر عطف الرئيس الأمريكى وتحثه على سرعة التصرف قالت: «إنى أشعر بهم ثقيل على قلبى لأن المصرين حققوا مكاسب قوية فى حين أننا  عانينا ضربة ثقيلة، لقد عبروا قناة السويس وأنشأوا كبارى للعبور حركوا عليها المدرعات والمشاة والأسلحة المضادة للدبابات، ونحن فشلنا فى منعهم من ذلك ولم نستطع أن نلحق بهم إلا خسائر قليلة .»

وقرأت ما كتبه مراسل صحيفة «الديلى تلجراف » البريطانية: كنا نعتقد أن المصرين لا يمكن أن يديروا حربا بعد 1967 م واعتقدنا أنهم لن ينجحوا فى عبور القناة، وكان العمى والفشل الذريع فى مجال المخابرات والمجال السياسى يسيطر علينا.

العالم كله يعرف أن نجاح الإسرائيليين فى الثغرة لم يكن بسبب تفوق جيشهم أو شجاعة جنودهم وإنما بسبب تدخل حكومة الولايات المتحدة الأمريكية فى الحرب، الذى كان ضربة قاصمة لمصر أمالت الكفة لصالح إسرائيل، وكان قدر زوجى أنه تلقى الطعنة الأولى عندما فوجئ بالدبابات الإسرائيلية تقتحم موقع كتيبته البرمائية وتصوب نيرانها إلى الجنود والعتاد.

ونستكمل فى الأسبوع المقبل بإذن الله..