الأحد 19 مايو 2024

مصر فى رباط إلى يوم القيامة

14-7-2017 | 18:58

بقلم – أحمد بان

مع كل معركة تخوضها قوات الشرطة والجيش مع شذاذ الآفاق من عصابات الجريمة المتسترة برداء الدين، تنكشف أصالة معدن هذا الشعب المصرى العظيم الذى يخوض المعركة مع الإرهاب، بدون من أى دعم إقليمى أو دولى، مقارنة مع تلك العصابات التى تبقى خطوط إمدادها مفتوحة على مستوى الأفراد والسلاح والتمويل من قبل قوى معروفة.

منذ سقوط عصابة الإخوان من حكم مصر فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، ومنذ توعدت السلفية الجهادية مصرحكومة وشعبا فى الخامس من يوليو من عام ٢٠١٣ ظلت وتيرة العمليات فى تصاعد منذ هذا العام، مقارنة سريعة بين عدد العمليات التى نفذتها تلك الشراذم منذ عام ٢٠١٣ وحتى اليوم وعلى مدار أربع سنوات، نجد أنها نفذت فى العام ٢٠١٣ تحديدًا أى بعد سقوط الإخوان ١٦ عملية خلفت ٧٩ شهيدًا و ١٢٤ مصابًا، مقارنة بعام ٢٠١٢ الذى لم تتجاوز فيه العمليات ٦ عمليات خلفت ٢٦ شهيدًا و٣٥ مصابًا، بينما مع عام ٢٠١٤ تراجعت عمليات التنظيم مقارنة بالعام الذى سبقه إلى ١٤ عملية خلفت ٦١ شهيدًا و ٥٩ مصابًا، وظلت تدور فى عام ٢٠١٥ حول رقم قريب بواقع ١٧ عملية خلفت ١١٣ شهيدًا و ١٤٢ مصابًا، فى العام ٢٠١٦ ارتفعت وتيرة العمليات إلى ٢٠ عملية خلفت ١٤٩ شهيدًا و ٢٤٠ مصابًا.

الأمر لم يكن مفاجئًا لا على مستوى صانع القرار الذى سبق وطلب تفويضًا فى بداية المرحلة يوم سماه الإرهاب المحتمل، خصوصًا مع معلومات توفرت عن حصول هذا التنظيم على دعم من قوى إقليمية، فضلاً عن اختراقه من قبل الكيان الصهيونى عبر بعض المكونات البدوية الشاذة التى تمكن من تجنيد بعض عناصرها.

لكن لماذا زادت وتيرة العمليات فى هذا العام، خصوصًا هذه العملية الأخيرة التى استهدف التنظيم من خلالها نقاط تمركز أمنى وكتيبة صاعقة، من خلال هجوم متزامن نفذه فى تقديرى عدد لا يقل عن ١٠٠ عنصر تكفيرى، يضمون حسبما كشفت جثث من قتلهم الجيش المصرى فى المواجهة بدوًا وأجانب وأبناء محافظات من الوادى والدلتا أعضاء فى التنظيم، الهجوم الذى استخدمت فيه سيارات دفع رباعى مفخخة وقذائف أربى جى وهاون محمول ومدافع رشاشة ودراجات بخارية أسفر عن استشهاد وإصابة نحو ٢٦من قواتنا ، بينما تمكنت قواتنا من قتل ٤٠ عنصرًا من العناصر المهاجمة وتواصل الاشتباك فى الجبال مع ما تبقى منهم.

التنظيم الذى يتداعى فى سوريا والعراق والذى قام أعضاؤه بإلغاء صلاة الجمعة فى تلعفر فى إطار الجحيم الذى يعيشه هناك، قرر منذ أدرك أن نهايته اقتربت أن يعلن عن وجوده بشكل أكبر فى الأماكن التى بايعته فيها بعض التنظيمات، كان من المعروف أن الزلزال الذى ضربه فى العراق وسوريا وقرب تحرير الموصل والرقة سيكون له ارتدادات فى العديد من الأماكن منها مصر، لكن عوامل إضافية جعلت الحرب فى مصر أكثر شراسة.

أولها حرص التنظيم على تقديم فروض الولاء لمموليه وتجديد ثقتهم للحصول على مزيد من الدعم عبر عملية بهذا الحجم تستدعى تمويلاً أكبر، ثانيًا نجاح الدولة فى بناء تحالفات صحيحة مع شركائها فى هذه المعركة، حيث بدا موقف قبائل سيناء خصوصا الترابين فى الانحياز للدولة وهى الأعلم بدروب سيناء الجبلية وطرق الإمداد والحركة، وهو ما ساهم فى إعادة تمركز قواتنا فى سيناء بالشكل الذى ضيق الخناق على التنظيم، إلى حد قطع الطريق بين عناصره فى المناطق التى يتحرك فيها، ومن ثم حوصر التنظيم بشكل فعال جدا إضافة إلى قيام قواتنا بتنفيذ عمليات استباقية بحق عناصر التنظيم، متغير آخر عبر عنه تفاهم بين حركة حماس التى تخوض معركة ضد السلفية الجهادية فى غزة وسبق وفجرت مسجد ابن تيمية على عناصره، والتى تفاهمت مع السلطات المصرية على ضبط الحدود وتعقب العناصر الجهادية وإغلاق الأنفاق التى تمر منها، مقابل التفاهم على فتح المعبر والتنسيق بشأنه، ما ساهم إلى حد كبير فى إغلاق فعال لجنوب رفح المنطقة التى نفذ التنظيم عمليته الأخيرة فيها فى محاولة لكسر هذا الحصار، خصوصًا أن حماس عانت هى الأخرى من المنشقين داخل كتائب عزالدين القسام من العناصر التى تنتمى للسلفية الجهادية وتختبئ داخل جسد الحركة، وظلت تنشط عبر الأنفاق فى الاتصال بشركائها فى داخل سيناء.

برغم كل شىء مصر صامدة وقوية وجيشها، برغم التضحيات الجسام التى يقدمها كل يوم، فلعلها أقدار الله التى هيأت له أن يستعيد صلته التاريخية العميقة بالأرض فى سيناء ويتعرف عليها عن قرب.

بطولة قواتنا لا تحتاج إلى بيان ولا تحتاج إلى تسجيل مفبرك للتدليل عليها، وقد اتضحت بالدماء.

أخيرًا أحد السيناريوهات أن هذا هو الرد القطرى السريع علينا، وإذا صح ذلك فهو أمر خطير، فلو توفر دليل واحد على ضلوع قطر فى التحريض أو التمويل على عملية من هذا النوع، فهذا يعنى إعلان الحرب على هذه الدولة بشكل تتيحه الأعراف والقوانين الدولية ويتجاوز ساعتها إجراءات الحظر الناعم أو الحصار أو فرض العزلة، فالحرب لا يرد عليها بالدبلوماسية والإجراءات المتصاعدة أبدا، يبقى أنه لكل حادث حديث لكن ما ينبغى التأكيد عليه أن مصر لن تسقط والجيش المصرى سيبقى الأقوى والأكثر لياقة من بين كل الجيوش ولن تفلح خطط إنهاكه كما جرى لكل جيوش المنطقة هذا عمود الخيمة الباقى بموعود الله، ببساطة لأنه هو الشعب الملتصق بجيشه، فعندما نقول إن عدد جنود الشعب المصرى يفوق ٩٠ مليونًا فنحن لا نبالغ، ذلك أن رسولنا الكريم بشرنا بأننا خير أجناد الأرض وأننا فى رباط إلى يوم القيامة، فلن ننكسر ولن نلين وسيخسأ المتأمرون وستبقى مصر هى الأنقى والأقوى دومًا الخيمة التى يخبتئ تحت ظلها الجميع.