الإثنين 29 ابريل 2024

الكرة في ملعب الجميع

مقالات16-5-2022 | 21:14

من حوار وطنى يشمل جميع القوى السياسية .. إلى مشاركة القطاع الخاص بنسبة 65 ٪ من إجمالى الاستثمارات.. إلى الدعوة لنقاشات مجتمعية لإيجاد حلول لأزماتنا.. وصياغة ملامح مستقبلنا.. «مصر الوطن» ألقت بالمسئولية على طاولة المصريين 

تعيش مصر حالة جديدة، تفتح قلبها وذراعيها لأبنائها، بعد أن تجاوزت مطبات التحديات والتهديدات التى تمس سلامة الدولة، واستقرت الأوضاع إلى حد كبير جداً خاصة فى مجال المخاطر التى تحدق بالوطن وكذلك تلال الأزمات والتحديات التى جاءت من رحم العقود الماضية وأفرزتها حالة الفوضى والانفلات التى عاشتها مصر مع أحداث 25 يناير 2011 وتأثيرها على الصعيد الاقتصادى الذى أوشك حينها على الانهيار الكامل لولا وجود الرؤية والإرادة وعمليات البناء والإصلاح التى قادها الرئيس عبدالفتاح السيسى على مدار السنوات السبع الماضية، ولا يمكن أن ننسى أيضاً دعم الأشقاء فى الخليج ووقوفهم إلى جانب مصر حتى تتجاوز الظروف الصعبة وهو موقف تاريخى يستحق التحية والتقدير.

وعندما اطمأنت الدولة المصرية وقيادتها إلى استقرار الدولة، وامتلاكها القوة والقدرة الشاملة على مجابهة التحديات وانتقالها من مرحلة سيئة وأشلاء الدولة، إلى الدولة الحقيقية التى تطمئن على قدرتها للصمود وامتصاص الأزمات والتحديات وكذلك الحفاظ على الحقوق والموارد والثروات والقدرة على الحفاظ على أمنها القومى بالمفهوم الشامل.

الدولة، عندما ارتأت اللحظة المناسبة.. وأن الكثير من المهام والأعباء والتحديات انحسرت اطلقت دعوتها للحوار الوطنى ليجتمع المصريون على طاولة واحدة من مختلف الأطياف والفئات والقوى السياسية للتباحث والتحاور من أجل رسم خريطة المستقبل وصياغة ملامح الجمهورية الجديدة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً الكل يجب فى هذه اللحظة أن يرتدى عباءة التجرد وإنكار الذات والجدية من أجل مصلحة الوطن العليا، لقد كنا نعيش فى أزمة بل أزمات وتحديات خلال الأعوام الماضية، لكن ربما اختلط الأمر على البعض، أننا مازلنا نعيش فى أزمة وهى الدافع وراء الدعوة للحوار الوطنى وهذا نوع من الخلط والمزايدات وعدم الفهم والإدراك وعدم القراءة الصحيحة لما وصلت إليه الدولة، أو فهم دوافعها الحقيقية وراء دعوتها إلى حوار وطنى موضوعى شفاف خاصة أنها دأبت مراراً وتكراراً على المطالبة باصطفاف واحتشاد المصريين وأن يكونوا دائماً على قلب رجل واحد.. ولعل الوثائق والفيديوهات والكلمات والعبارات التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى موجودة وبين أيدينا، يناشدنا ويضع لنا الحل فى مواجهة حجم غير مسبوق من التحديات والتهديدات وأن السبيل الوحيد لمواجهة هذا الكم الهائل من المخاطر والأزمات هو أن نكون على قلب رجل واحد، مدعماً ذلك بإشارة بقبضة يده الواحدة.

دعوة الحوار الوطنى لم تخرج من رحم أزمة وهذا الكلام، فاسد شكلاً ومضموناً، لا منطق ولا فهم ولا عقل فاذا ارتبط الحوار الوطنى بالأزمة، فكان جديراً أن يكون الحوار الوطنى فى ظل تداعى قوى الشر فى الداخل والخارج.. وتحديات اقتصادية وتهديدات وجودية.. لكن فى أوج هذه الأزمات واللحظات الفارقة فى مسيرة الوطن، كانت مصر منشغلة بالاشتباك مع هذه التحديات والأزمات والتهديدات، ولم تحمل أبناءها أكثر مما يجب حفاظاً على روحهم المعنوية ويكفى أنها قدمت خيرة أبنائها من رجال الجيش المصرى العظيم والشرطة الوطنية شهداء من أجل أن تأتى لحظة الحوار الوطنى والأمور أكثر هدوءاً وأمناً واستقراراً وثقة.

فى أوقات الأزمات والتهديدات لا وقت لحوار، وعندما تشتبك مع أعدائك، فلا مجال للكلام أو الحديث أو الحوار فى أوقات الأزمات والحروب فكيف يدعى الجهلاء أن الدولة أطلقت الحوار لأنها فى أزمة.

الدولة المصرية فعلت كل ما عليها، ولم تقصر فى مسئولياتها أمام أبنائها، لذلك فإن الكرة الآن فى ملعب القوى السياسية ولم تعد هناك حجة أو شماعة لتعليق الامتناع أو المزايدات أو الإساءات أو تزييف الحقائق وتحريف الواقع فالدولة صادقة النوايا، قوية الإرادة شعارها هذا «كتابنا» ينطق بالنجاحات والإنجازات والقدرة على العبور بالوطن إلى بر الأمان.. وعشرات التحديات والأزمات والملفات المعقدة التى أنهتها الدولة، وما فعلته لحماية هذا الشعب من الإرهاب والمؤامرات والمخططات والنقص والعوز.. لذلك أقول وبكل ثقة الدولة المصرية، أمنت واستقرت وأصلحت وعبرت فاطلقت حوارها الوطنى بين كل المصريين وما يمثلهم من مختلف القوى السياسية والتحالفات الوطنية، لعلهم يدركون ويفهمون الرسالة، ويتوقف البعض منهم عن الضجيج والصخب والمزايدات وادعاء البطولة والزعامة، والاستعلاء عن جهل والغرور النابع من فقر فى مكونات أساسية فى الشخصية التى تطلق العنان للأكاذيب.

الأمر الاخر الذى يؤكد ان الدولة المصرية صادقة النوايا، ولديها العزم بعد استقرار أوضاعها هو دعوة القطاع الخاص للمشاركة فى بناء الوطن، والاستثمارات المنفذة وقد أعلن رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولى عن رفع مشاركة القطاع الخاص إلى 65٪ من إجمالى الاستثمارات وإتاحة أصول استثمارية بـ 40 مليار دولار بمعدل 10 مليارات دولار سنوياً بالإضافة إلى توطين الصناعة الوطنية، يجسد توجه الدولة المصرية التى لطالما أعلنت على لسان رئيسها ترحيبها الكامل بمشاركة القطاع الخاص وفى مشروعات جاهزة  ولا تحتاج لوقت أو جهد فى إصدار تراخيص.. إذن ليس هذا بجديد على الدولة لذلك تجدد دعوتها للقطاع الخاص للمشاركة بفعالية فى الاستثمارات المنفذة وإتاحة الأصول والأعمال خاصة وأن دور القطاع الخاص لا غنى عنه فى تحقيق التنمية المستدامة وتوفير فرص عمل حقيقية للمواطنين وخاصة الشباب.

إذن الكرة فى ملعب القطاع الخاص ورجال الأعمال والمال والصناعة، الفرص متاحة تماماً أمامكم.. دعوات الرئيس السيسى المتكررة للقطاع الخاص وآخرها فى حفل إفطار الأسرة المصرية خلال شهر رمضان الماضي.. أعلن تفاصيلها أول أمس الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء خلال المؤتمر الصحفى العالمي، ووضعت الدولة النقاط على الحروف ولم يتبق للقطاع الخاص أى حجة أو شماعة أو مبرر.. فقد حان وقت الاختبار الحقيقى وهذا هو البحر، وهذا هو «العوام» ودعونا نري، ماذا أنتم فاعلون.

المؤتمر الصحفى العالمى لرئيس الوزراء بالأمس رد على الأكاذيب والمزاعم والشائعات وطمأن المواطن المصري.. ولم ينس أن يؤكد أن الظروف قاسية وصعبة ليس على مصر فقط ولكن على مختلف دول العالم الذى سيخسر جراء الأزمة العالمية (الحرب الروسية - الأوكرانية) 12 تريليون دولار.. وتأثر سلاسل الإمداد والتوريدات وتوقف عمليات الإنتاج وارتفاع تكاليف الشحن، وزيادة التضخم وارتفاع الأسعار إلى معدلات غير مسبوقة وصفها رئيس الوزراء بأنها أسوأ أزمة منذ عشرينيات القرن الماضي.

الحقيقة أن قوة الموقف المصرى تكمن فى برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى حقق نجاحات كبيرة لمصر ومكنها من مواجهة الأزمات وامتصاص الصدمات.

وفى رسالة إلى المزايدين والجهلاء الذين لا يرون تحت أقدامهم أعلن رئيس الوزراء أن المشروعات القومية العملاقة وفرت 5 ملايين فرصة عمل والسؤال لكل جاهل ومزايد: أين كان سيذهب هؤلاء خاصة وأن مصر خرجت من أزمات وفوضى وانفلات وانهيار اقتصادى وأوضاع متردية، الدولة أيضا تقدم التسهيلات والتيسيرات سواء فى تقديم قانون جديد لاستثناء المشروعات الصناعية من الإعفاءات الضريبية، أو طرح 10 شركات قطاع أعمال فى البورصة المصرية.

بالأمس وخلال اجتماع الرئيس السيسى برئيس الوزراء ووزيرى الزراعة والتجارة والصناعة.. الذى كشف نجاح عملية البناء والإصلاح فى مصر.. وإذا أخذنا مثالاً واحداً هو الصادرات الزراعية فمصر من أكبر الدول فى هذا المجال حيث بلغ إجمالى الصادرات المصرية فى مجال الزراعة والتى حققت طفرة غير مسبوقة 5.6 مليون طن بعائد 3 مليارات دولار وزيادة المساحة المنزرعة بالقمح بـ 250 ألف فدان ومازال أمامنا الكثير من خلال مشروعات يجرى العمل فيها وتنفيذها ستحدث فارقاً كبيراً سواء فى مجال الزراعة مثل الدلتا الجديدة، والمستهدف منها 2 مليون فدان وتوسعات توشكى وشرق العوينات والمراحل التالية من سيناء وغيرها من المشروعات، بالإضافة إلى مشروعات أخرى عملاقة.. فى ظل ارتفاع صادرات المواد البترولية وغير البترولية والزراعية وعوائد السياحة وإيرادات قناة السويس وزادت تحويلات المصريين فى الخارج عن شهر مارس قدرها 12.8٪ بقيمة 3.3 مليار دولار مقارنة بمارس 2021 والذى كان 2.9 مليار دولار ومع ارتفاع الصادرات وتحويلات المصريين فى الخارج وإيرادات قناة السويس فإن الدولة أيضا أصدرت 51 ألف رخصة تشغيل صناعى خلال 4 سنوات وفرت 2.5 مليون فرصة عمل، ووصل إنتاجها من القمح سنوياً إلى 10 ملايين طن ولديها احتياطى استراتيجى يصل إلى 4 شهور، وأن إجمالى الاحتياطى من السلع يكفى 4 شهور والزيت 6 أشهر وأيضا الدولة وضعت ورصدت 130 مليار جنيه للتعامل مع تداعيات الأزمة التى يبدو أنها مستمرة لوقت أطول من التوقعات السابقة باختصار نستطيع القول إن الأزمة صعبة على جميع دول العالم، وليست من صنع دولة بعينها وأن مصر تتأثر مثل دول العالم ولديها صعوبات اقتصادية لا محالة منها لكنها فى نفس الوقت لديها القدرة والمرونة على التعامل ولا تعانى من مشكلة فى توافر السلع الأساسية فهى موجودة ومتاحة فى كل ربوع البلاد.

لكن عملية (تحريك الأسعار) جاءت من رحم الأزمة العالمية وجراء تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية سواء فى تعطل سلاسل الإمداد والتوريد وارتفاع تكاليف الشحن، وارتفاع أسعار الطاقة والغاز.. كل ذلك أدى إلى موجة عالمية شديدة الوطأة من ارتفاع التضخم والأسعار.

 

التحدى الأخطر

ونحن نطالع الصحف الصباحية، أمس وجدت عنواناً يقول إن عدد سكان مصر فى 2030 سوف يصل إلى 120 مليون نسمة أى يوازى عدد سكان 15 دولة أوروبية مجتمعة، والحقيقة أننى مازلت على رأيى أن الزيادة السكانية، والنمو السكانى العشوائى والمنفلت يمثل لمصر التحدى الأخطر فلا أدرى ما إصرار الناس على التمسك بكثرة الإنجاب فى ظل هذه الأحوال الصعبة والظروف الاقتصادية المعقدة جراء ما يحدث فى العالم من أزمات بدأت من (كورونا)، إلى تداعيات الحرب (الروسية - الأوكرانية)، فرغم سباق الدولة المصرية مع الزمن فى البناء والتنمية والتوسع الزراعى لتوفير احتياجات المصريين، ورغم المشروعات القومية العملاقة فى جميع المجالات التى تبث فى نفوسنا الأمل فى المستقبل ومع إدراك أهمية ضبط التعداد السكانى حتى نصل إلى أهدافنا وتتحسن ظروفنا بالتوازن بين معادلتى البناء والتنمية، والانضباط السكانى إلا أن الأزمات العالمية المتوالية.. وقسوة الظروف تؤكد لا محالة أن التحدى الأخطر هو الزيادة السكانية المرعبة.. فبعد 8 سنوات سيصل تعداد سكان مصر إلى 120 مليون مواطن أى تقريباً خمس التعداد الحالي.. والسؤال فى ظل الظروف العالمية وانعكاساتها وتداعياتها على أحوالنا واقتصادنا ومواردنا وصادراتنا.. من أين لنا أن نوفر احتياجات 20 مليون مواطن مصرى جدد يحتاجون إلى علاج وطعام ومدارس وموظفين ثم فرص عمل لهم ثم إسكان ثم، ثم، ثم قائمة طويلة لا تنتهى سواء فى ظل قدراتنا الحالية أو تأثرها بعد تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية.

الحقيقة أن الزيادة السكانية فى مصر أمر وقضية معقدة، لا أدرى لماذا يصر الناس على الإمساك بـ (سلك الكهرباء).. ولماذا يدفعون أبناءهم إلى المعاناة فى ظل هذه الظروف؟ فإذا لم يدركوا أو يتفهموا أهمية التنظيم والضبط للنمو السكانى لمصر، فأين حرصهم على مصلحة أبنائهم ومستقبلهم وصحة الأب والأم.. ومدى القدرة على إشباع احتياجاتهم، هل ينتظرون الدولة أو الحكومة تحل لهم مشاكلهم، وتنفق عليهم.. ويتحولون إلى فئات أكثر احتياجاً يتطلب برامج اجتماعية تكلف الدولة ميزانيات ضخمة وهائلة فى ظل ظروف صعبة.

عدم التوازن بين موارد وامكانيات وقدرة الدولة وبين النمو السكانى المنفلت والعشوائى يحدث خللاً وفجوة عميقة، ويؤثر على ظروف المواطن المعيشية ومستوى الخدمات التى تقدم له، فالدولة أى دولة لديها قدرات وإمكانات محدودة تستطيع أن تشبع وتفى احتياجات عدد محدود من السكان حتى يشعروا بنتائج التنمية ويعيشوا ظروفا معيشية أفضل.

بالله عليكم.. هل فى ظل هذه الظروف العالمية الخانقة.. والتأثير والتداعيات السلبية.. لم نعد ندرك بعد أهمية ضبط النمو السكاني.. وأنه خطر على حياتنا ومستقبلنا وجهودنا، التى قد تكون مثل الحرث فى الماء.. لذلك لابد أن نحذر ونعى معنى أن يزيد تعداد دولة 20 مليون مواطن فى 8 سنوات قادمة، فمواردنا وخاصة من المياه ومصادر الدخل محدودة مطلوب أنها حتى وإن تغيرت وتطورت وزادت أن تتواءم مع هذا التعداد المفجع، لذلك لابد أن ننتبه وبسرعة معنى خطورة استمرار الزيادة السكانية بهذه المعدلات والنسب مع وجود أزمات عالمية حالية أو محتملة تؤثر على الجميع ونحن منهم.

تحيا مصر

Dr.Randa
Dr.Radwa